بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 12 يناير 2014

فرص وتحديات التسويق الإلكتروني في ظل الاتجاه نحو العولمة

عتبر العولمة من أهم الظواهر التي أصبحت تفرض وجودها بقوة في المجتمعات ، حيث انفتحت البيئات الإقليمية على العالم الخارجي ، واصبح هناك تداخلاً واضحاً في الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها دون إعتداد يذكر بالحدود الجغرافية للدول ذات السيادة أو انتماء لوطن محدد أو دولة معينة .
ولعل المجال الاقتصادي من أكثر المجالات تأثراً بالأسباب والقوى الحاكمة لاتجاهات تطور العولمة والتي يمكن تحديدها في :
- التكتلات الإقليمية والأسواق المشتركة .
- التحالفات الاستراتيجية للشركات العالمية.
- الدول الصناعية السبع الكبرى.
- الاتفاقية العامة للتعريفة والتجارة (الجات) .
- معايير الجودة العالمية (الأيزو) .
- الشركات العالمية (متعدية الجنسية ، عابرة القارات) .
- تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات .


وقد ترتب على ذلك تحولاً جذرياً حيث تراجع الاقتصاد الصناعي بخطى متسارعة لصالح الاقتصاد الرقمي واصبح العصر الحالي هو عصر اقتصاد الإنترنت – حيث حقق الاقتصاد الرقمي قفزات كبيرة نتيجة للتطور السريع والمتلاحق في شبكة الإنترنت وانتشارها بشكل هائل حيث يقدر عدد مستخدميها بنحو 750 مليون شخص في أنحاء العالم في نهاية عام 2005 مقابل 276 مليون شخص في عام 2000 .
وانعكاساً لهذا التحول الاستراتيجي ظهر التسويق الإلكتروني والذي يعد تطبيقاً حقيقياً لفكرة العولمة وأن العالم ما هو إلا قرية صغيرة لا تتقيد بحواجز المكان ولا الزمان ، وقد اعتمد التسويق الإلكتروني على إمكانيات شبكة الإنترنت وجعلها سوقاً لاتصال الشركات بعملائها بكفاءة ، الأمر الذي أدى إلى تحول شكل التجارة العالمية من الشكل التقليدي إلى الإلكتروني ، وتتوقع الدراسات أن 25% من إجمالي تجارة التجزئة العالمية خلال 2005 ستكون بواسطة التسويق الإلكتروني عبر شبكة الإنترنت ، وأن عدد العملاء الذين يقومون بالشراء من مواقع التسوق بالإنترنت سوف يتضاعف سنوياً حيث بلغت مبيعات الإنترنت في عام 2000 أكثر من ضعف ما تحقق في عام 1999 بـ 45 بليون دولار ومن المتوقع أن يصل عائد استخدام الإنترنت لأغراض التسويق الإلكتروني إلى 1.5 تريليون دولار في عام 2005 .


وتجدر الإشارة إلى أن عدد المواقع الأمريكية التجارية على الإنترنت تقدر بأكثر من 250.000 موقع وأن حصة الولايات المتحدة 58% من إجمالي حجم التجارة الإلكترونية والدول الأوربية 17% ، واليابان والدول الأسيوية 17% وبقية دول العالم 8% .
وعليه فإن شبكة الاتصالات العالمية " الإنترنت " باعتبارها البيئة الداعمة للتسويق الإلكتروني أصبحت تمثل القوة الأساسية التي تقود النمو الاقتصادي في كل دول العالم ، وأصبح التسويق الإلكتروني هو الأداة الفعالة لتحقيق ذلك النمو في ظل العولمة وما يصاحبها من تطورات سريعة ومتلاحقة .



تعريف التسويق الإلكتروني :


" تعامل تجاري قائم على تفاعل أطراف التبادل إلكترونياً بدلاً من الاتصال المادي المباشر " .
أو " عملية بيع وشراء السلع والخدمات عبر شبكة الإنترنت " .


وهذه التعاريف على الرغم من صحتها لا تتضمن حيوية التسويق الإلكتروني، والتي تعد السمة المميزة في تطبيق وممارسة التسويق الإلكتروني ، حيث ينطوي على حالة من توحد الحاجات المتغيرة للعملاء ، والتقنيات الحديثة المتجددة بما يؤدي إلى إحداث ثورة في الطريقة التي تؤدى بها الأعمال ، لذا يمكن أن نعتبر التسويق الإلكتروني هو تكنولوجيا التغيير ، وذلك لما حدث من تحولات جوهرية في مسار وفلسفة وتطبيقات التسويق والتي يمكن تحديدها فيما يلي :


أ – إن عملية التبادل التقليدية تبدأ بالمسوقين وتنتهي بهم حيث يسيطرون على الأمور ، أما في عصر الإنترنت أصبح العملاء يحددون المعلومات التي يحتاجونها والعروض التي تستجيب لحاجاتهم ورغباتهم والأسعار التي تلاءمهم ، لذا أطلق على التسويق الإلكتروني مصطلح التسويق المعكوس Reverse marketing .
ب – إن المعايير المستخدمة لتقييم أداء الأنشطة التسويقية أصبحت تحتل مكانة أعلى في عصر الإنترنت حيث أن العملاء من خلال المواقع الإلكترونية يبحثون عن منتجات ذات جودة عالية وبأسعار مناسبة وخدمات أسرع وأفضل .
جـ - لم تعد التبادلات التسويقية تدور حول عملية تبادل منفردة ، بل أصبح المسوقون في عصر الإنترنت يعملون باتجاه إشباع الحاجات والرغبات من خلال تقديم حزم سلعية وخدمية متنوعة ذات قيمة مضافة يدركها ويقدرها العملاء .
ومما لا شك فيه أن هناك تنوع في طبيعة الوظائف التسويقية التي تعتمد عليها مواقع الشركات الإلكترونية ، وذلك لاختلاف المهام الحيوية التي يمكن أن تقوم بها هذه المواقع ، فهناك وظيفة الاتصال وإقامة علاقات مستمرة مع العملاء ، وظيفة البيع الإلكتروني كأحد أشكال التسويق المباشر ، وظيفة توفير محتوى أو مضمون عن أشياء معينة ، مثل موقع Islam Way ، موقع Jumbo ، موقع Yahoo وظيفة توفير شبكة أعمال ، مثل الوصول إلى المحتوى الذي توفره جهات أخرى وإجراء نوع من التبادل لحساب العميل أو مساعدته ، مثل موقع e-bay " شركتك التجارية الشخصية " .

وقد اتسم التسويق الإلكتروني بخصائص معينة من أهمها :


- خاصية أتوماتيكية الوظائف التسويقية وخاصة في الوظائف التي تتصف بالتكرار والقابلية للقياس الكمي ، مثل بحوث التسويق وتصميم المنتجات والمبيعات ، وإدارة المخزون .
- خاصية التكامل بين الوظائف التسويقية بعضها البعض ومع الجهات المعنية بالمحافظة على العملاء والذي يطلق عليه منهج إدارة العلاقات بالعملاء والذي طور إلى ما يعرف بالتسويق التفاعلي Interactive marketing ، وقد ارتبط بهاتين الخاصيتين مدخلان للتسويق الإلكتروني هما : مدخل المسوق الصامت ، مدخل المشاركة الفعالة .

فرص التسويق الإلكتروني :


إن الوقت الحالي يشهد إعادة هندسة عملية التسويق والتوجه المتزايد نحو التسويق الإلكتروني وتحرك معظم الشركات باتجاه السوق الإلكترونية للاستفادة من إمكانيات ومزايا التسويق الإلكتروني وخاصة أن الشركات التي كانت سباقة لتبني مداخل التسويق الإلكتروني قد استطاعت أن ترسى معايير تنافسية جديدة ، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن التسويق الإلكتروني قد أوجد بيئة تسوق متطورة تحقق للعملاء مزيد من الرفاهية والمتعة في البحث عن احتياجاتهم وإشباعها .


ويمكن تحديد أهم الفرص والمنافع التي يحققها التسويق الإلكتروني لكل من الشركات والعملاء في ظل العولمة وبيئة الأعمال المتغيرة :


1 – إمكانية الوصول إلى الأسواق العالمية :
أكدت الدراسات أن التسويق الإلكتروني يؤدي إلى توسيع الأسواق وزيادة الحصة السوقية للشركات بنسب تتراوح بين 3 – 22% بسبب الانتشار العالمي ، كما يتيح التسويق الإلكتروني للعملاء الحصول على احتياجاتهم والاختيار من بين منتجات الشركات العالمية بغض النظر عن مواقعهم الجغرافية ، حيث أن التسويق الإلكتروني لا يعترف بالفواصل والحدود الجغرافية .


2 – تقديم السلع والخدمات وفقاً لحاجات العملاء :
من خلال التسويق الإلكتروني يجد المسوقون فرصة أكبر لتكييف منتجاتهم طبقاً لحاجات العملاء إلكترونياً E-Customization بشكل يلبي توقعات العملاء ويتلاءم مع خصوصيات كل عميل ، ولاشك أن الطاقات الاتصالية والتفاعلية للتسويق الإلكتروني قد حققت قفزة نوعية في أساليب إرضاء وإشباع رغبات العملاء الخاصة .


3 – الحصول على معلومات مرتدة لتطوير المنتجات :
قدم التسويق الإلكتروني فرصة جوهرية للاستجابة للتغيرات التي تحدث في الأسواق والتقنيات بشكل يحقق دمج حاجات العملاء مع التطورات التكنولوجية، وذلك من خلال ما يعرف بالعملية المرنة لتطوير المنتج ، والتي تعتمد على استشعار السوق sensing the market بواسطة الآليات التفاعلية للتسويق الإلكتروني .


4 – تخفيض التكاليف واستخدام التسعير المرن :
إن استراتيجيات التسعير في ظل التسوق الإلكتروني ليست مجرد استجابة سريعة لظروف السوق ، وإنما تأخذ في الحسبان جميع العوامل والمتغيرات الداخلية والخارجية ، ولاشك أن مفهوم التسعير المرن يجد تطبيقاته من خلال آليات التسويق الإلكتروني ، حيث تتوفر تقنيات تمكن المشتري من البحث عن والعثور على أفضل الأسعار المتوفرة ، مثل برنامج Shop bot والمزادات وغيرها .

5 – استحداث أشكال وقنوات جديدة للتوزيع :
قدم التسويق الإلكتروني منظوراً جديداً لسوق الإلكترونية يكون التفاعل فيها بين طرفي عملية التبادل دون الحاجة إلى وسطاء ، الأمر الذي أدى إلى بروز مصطلح " عدم التوسط " Disintermediation .
كما قدم التسويق الإلكتروني نوعاً مبتكراً من الوسطاء والذين يطلق عليهم وسطاء المعرفة الإلكترونية Cybermediaries وهي منظمات تعمل لتسهيل عملية التبادل بين المنتجين والعملاء حيث يقومون بدور مزودي خدمة تجارية .


6 – استخدام أساليب ترويج تفاعلية مع العملاء :
يعتبر الإعلان الإلكتروني عبر الإنترنت من أكثر وسائل الترويج جاذبية وانتشاراً في ظل الاتجاه نحو التسويق الإلكتروني ، فالإعلان المباشر عبر الإنترنت يتزايد بمعدل 12% سنوياً ، وأن قيمته تقدر بـ 5.3 بليون دولار في عام 2002 ومن المتوقع أن تصل إلى 7.7 بليون دولار في عام 2005 ، وقد قدم التسويق الإلكتروني مفهوماً جديداً للإعلان ، وهو أن الشركات تقدم رسائلها الترويجية بشكل متعمد إلى بيئات مستهدفة من خلال مواقع إلكترونية محددة يتوقعون أن تكون جماهيرهم Audiences قادرة على تمييزها وإدراكها .


7 – دعم وتفعيل إدارة العلاقات مع العملاء :
يستند التسويق الإلكتروني إلى مفاهيم جديدة وقناعات ترقى إلى اعتبار العميل شريكاً استراتيجياً في منشآت الأعمال ، لذا استهدف بناء ودعم علاقات ذات معنى وهدف مع العملاء ، وذلك من خلال تفعيل ديناميكية واستمرارية الاتصال المباشر مع العملاء .


8 – تحقيق ميزة تنافسية وموقع استراتيجي في السوق :
تمر المنافسة في الأسواق الإلكترونية بمرحلة انتقالية نتيجة إلى التحول إلى المنافسة المستندة للقدرات ، ولاشك أن التطورات الهائلة في تكنولوجيا المعلومات المرتبطة بالتسويق الإلكتروني قد خلقت فرصاً غير مسبوقة في دعم الاستراتيجيات المميزة وتحسين الوضع التنافسي للشركات .
  
تحديات التسويق الإلكتروني :


بقدر ما يوفر التسويق الإلكتروني من فرص كبيرة ومتنوعة في ظل الاتجاه نحو العولمة والتحول إلى الاقتصاد الرقمي ، إلا أنه يواجه بعض التحديات والصعوبات التي تحد من استخدامه والاستفادة منه ، ويمكن تحديد أهم هذه التحديات فيما يلي :


1 – التحديات التظيمية :
أن تنمية الأعمال من خلال التسويق الإلكتروني تحتاج إلى أحداث تغييرات جوهرية في البنية التحتية في الهيكل والمسار والفلسفة التنظيمية للشركات ، فهناك حاجة ماسة إلى إعادة تنظيم هياكلها ودمج الأنشطة والفعاليات الاتصالية التسويقية الخاصة بالتسويق الإلكتروني بإستراتيجيتها التقليدية مع تحديث إجراءات العمل بها بما يتمشى مع التطورات التكنولوجية المتجددة .

2 – ارتفاع تكاليف إقامة المواقع الإلكترونية :
إن إنشاء موقع إلكتروني على الإنترنت أشبه ما يكون بإنشاء وبناء موقع مادي ، حيث أن تصميم وإنشاء وتطوير المواقع الإلكترونية يحتاج إلى خبراء متخصصين وعلى درجة عالية من الكفاءة وكذلك الحاجة إلى دراسات تسويقية وفنية بحيث تكون تلك المواقع الإلكترونية جذابة ومصممة بشكل قادر على جذب انتباه العملاء وإثارة اهتمامهم ، كما يجب أن يكون الموقع مؤهلاً لتقديم قيمة إضافية للعميل بما يحقق للشركة ميزة تنافسية عن الآخرين .

3 – تطور تكنولوجيا المواقع الإلكترونية:
إن سرعة التطورات التكنولوجية في مجال تصميم وتطوير المواقع الإلكترونية وتعزيز فعاليتها وقدرتها التنافسية يعد من أهم التحديات التي تواجه استمرارية هذه المواقع ونجاح التسويق الإلكتروني من خلالها.


4 – عوائق اللغة والثقافة:
أن اللغة والثقافة من أهم التحديات التي تعوق التفاعل بين كثير من العملاء وبين العديد من المواقع الإلكترونية ، لذا فهناك حاجة ملحة لتطوير برمجيات من شأنها إحداث نقلة نوعية في ترجمة النصوص إلى لغات يفهمها العملاء ، كذلك ضرورة مراعاة العوائق الثقافية والعادات والتقاليد والقيم بحيث لا تكون عائقاً نحو استخدام المواقع التجارية.


5 – الخصوصية والأمن:
تعد السرية والخصوصية من التحديات التي تعوق وتؤثر على تقبل بعض العملاء لفكرة التسوق عبر الإنترنت وخاصة أن عملية التبادل الإلكتروني تحتاج إلى الحصول على بعض البيانات من العملاء مثل الاسم ، النوع ، الجنسية ، العنوان ، طريقة السداد ، وغيرها ، لذا فهناك ضرورة لاستخدام برمجيات خاصة للحفاظ على سرية وخصوصية التعاملات التجارية الإلكترونية مثل برنامج Cookies.


6 – عدم الثقة في وسائل الدفع الإلكترونية:
إن أسلوب الدفع بواسطة بطاقات الائتمان عبر الإنترنت هو أكثر أشكال السداد ارتباطاً بالتسويق الإلكتروني ، و تعتبر عملية تحويل النقود في صلب أي معاملات تجارية عبر الإنترنت من أكثر التحديات التي تواجه التسويق الإلكتروني ، لذا أصبح هناك اتجاه نحو استخدام برمجيات خاصة لتأمين وسائل السداد الإلكتروني ، وترسيخ ثقة العملاء بها مثل برنامج Secure Electronics Transactions.


7 – تحديات خاصة بالدول النامية:
أ – غياب البنية التحتية الضرورية لهذا النوع من التجارة الحديثة.
ب – عدم وضوح الرؤية المستقبلية للتسويق الإلكتروني لدى مدراء الشركات .
جـ - ارتفاع التكلفة المادية للتحول إلى التسويق الإلكتروني .
د – عدم تقبل العملاء لفكرة الشراء عير الإنترنت لإحساسهم بالمخاطر المتعلقة بجودة السلع ورغبتهم في فحصها قبل الشراء .
هـ - عدم توافر أجهزة الكمبيوتر لدى نسبة كبيرة من المواطنين في الدول النامية.
و – عدم انتشار الإنترنت بصورة كبيرة في بعض الدول النامية .
ز – بطء شبكة الإنترنت وصعوبة التنقل عبر المواقع الإلكترونية في بعض الدول النامية .

ليست هناك تعليقات: