بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 13 يناير 2014

تعريف العقد الإلكتروني.

تعريف العقد الإلكتروني.
ليس هناك تعريف موحد للعقد الإلكتروني، سيما لو أخذنا بعين الإعتبار تعدد الجهات والمحافل التي أوردت هذه التعاريف من جهة، ونوع التقنية التي تستعمل في إبرامه من جهة أخرى، وعليه سيتم عرض أهم التعاريف الواردة بشأنه في المواثيق الدولية أولا، ثم تلك التي جاءت بها القوانين المقارنة ثانيا، وأخيرا نشير إلى بعض التعاريف التي جاء بها الفقه.
الفرع الأولالتعريف الوارد في المواثيق الدولية.
نقتصر في هذه النقطة على التطرق إلى التعريف الذي جاء به القانون النموذجي للأمم المحتدة حول التجارة الإلكترونية، كونه أهم وثيقة دولية في هذا المجال، ثم التعريف الذي جاءت به المواثيق الأوربية.
أولاالتعريف الوارد في القانون النموذجي للأمم المتحدة حول التجارة الإلكترونية.
 إكتفي القانون النموذجي للأمم المتحدة حول التجارة الإلكترونية في المادة 2ب بتعريف بتبادل البيانات الإلكترونية حيث نصت بأنه :" يراد بمصطلح تبادل البيانات الإلكترونية نقل المعلومات من حاسوب إلى حاسوب آخر باستخدام معيار متفق عليه لتكوين المعلومات"، ورأت اللجنة المعدة لهذا القانون 2بأن هذا التعريف ينصرف إلى كل استعمالات المعلومات الإلكترونية، ويشمل بذلك إبرام العقود والأعمال التجارية المختلفة، وعليه فإن العقد الإلكتروني حسب هذا القانون هو العقد الذي يتم التعبير عن الإرادة فيه بين المتعاقدين باستخدام الوسائل المحددة في المادة 2أ و 2ب وهي:
نقل المعطيات من كمبيوتر إلى كمبيوتر آخر وفقا لنظام عرض موحد.
نقل الرسائل الإلكترونية باستعمال قواعد عامة أو قواعد قياسية.
النقل بالطريق الإلكتروني للنصوص باستخدام الأنترنيت، أو عن طريق استعمال تقنيات أخرى كالتلكس والفاكس.
وواضح مما سبق أن الأنترنيت حسب هذا القانون، ليست الوسيلة الوحيدة لتمام عملية التعاقد و التجارة الإلكترونية، بل تشاركها وسائل أخرى مثل جهازي التيلكس والفاكس.
ويرى أغلب الفقه أن القانون الموحد للتجارة الإلكترونية الصادر عن لجنة القانون التجاري الدولي للأمم المتحدة، لم يعرف العقد الالكتروني، لكنه عرف الوسائل المستخدمة في إبرامه، كما أن هذا القانون توسع في سرد وسائل إبرام هذه العقود، فبالإضافة على شبكة الأنترنيت هناك وسيلة الفاكس والتيلكس.
ثانياالتعريف الوارد في الوثائق الأوربية.
07 الصادر في 20 ماي 1997 الصادر عن البرلمان الاوربي نصت المادة من التوجيه رقم 97 والمتعلق بالتعاقد عن بعد وحماية المستهلكين في هذا مجال 3، بأنه يقصد بالتعاقد عن بعد: " كل عقد يتعلق بالبضائع أو الخدمات أبرم بين مورد ومستهلك في نطاق نظام بيع أو تقديم الخدمات عن بعد نظمه المورد الذي يستخدم لهذا العقد تقنية أو أكثر للإتصال عن بعد لإبرام العقد أو تنفيذه"، وعرفت تقنية الإتصال عن بعد في نفس النص بأنها: "كل وسيلة بدون وجود مادي ولحظي للمورد وللمستهلك يمكن أن تستخدم لإبرام العقد بين طرفيه"، فهذا التوجيه قد عرف العقود عن بعد التي تشمل في مفهومها العقود الإلكترونية.
الفرع الثانيتعريف القوانين المقارنة للعقد الإلكتروني.
في غياب تعريف للعقد الإلكتروني في القانون الجزائري، ينبغي العودة إلى تلك التي جاءت بها القوانين المقارنة في هذا المجال، فقد عرفت المادة من قانون المعاملات الإلكترونية الأردني العقد الإلكتروني على أنه: "الإتفاق الذي يتم انعقاده بوسائط إلكترونية، كليا أو جزئيا ".
وأضافت نفس المادة إلى ذلك تعريفا خاصا للوسائل الإلكترونية التي يبرم بواسطتها العقد على أنها: "أية تقنية لاستخدام وسائل كهربائية أو مغناطيسية أو ضوئية أو أية وسائل مشابهة في تبادل المعلومات وتخزينها".
فالمشرع الأردني لم يكتف بتعريف العقد الإلكتروني، وإنما عرف إلى جانب ذلك الوسيلة التي يبرم بها، معتبرا أنه يكفي أن تتم مرحلة واحدة من مراحل إبرام العقد بالطريق الإلكتروني، ليعتبر العقد برمته إلكترونيا، كما جاء تعريفه للوسيلة الإلكترونية مفتوحا على ما ستسفر عليه تطورات التقنية مستقبلا.
وعرف قانون المبادلات والتجارة الإلكترونية التونسي المبادلات الالكترونية في مادته على أنها: " المبادلات التي تتم باستعمال الوثائق الإلكترونية "، وعرف التجارة الإلكترونية بأنها: " العمليات التجارية التي تتم عبر المبادلات الإلكترونية ".
من خلال هذين التعريفين يتضح أن المبادلات الإلكترونية التي تعني مبادلة سلع بمال أو خدمة بمال، لابد وأن تتم عن طريق وسيط إلكتروني، أو وثيقة إلكترونية، وبالتالي يخرج من نطاقها الوثائق المكتوبة، كالعقود وإقرارات الإستلام والفواتير وغيرها، فكل هذه الأمور تتم بطريقة إلكترونية، حيث يتفاوض المتعاقدان، ويصدر القبول والإيجاب اللازمين لإبرام العقد ويتم الإتفاق على الشروط التفصيلية لتنفيذه، وذلك بوسيلة إلكترونية أيا كانت هذه الوسيلة.
أما في فرنسا، فقد شكلت لجنة خاصة برئاسة وزير الإقتصاد من أجل تنظيم المسألة أين عرفت التجارة الإلكترونية بأنها: "مجموعة المعاملات الرقمية المرتبطة بأنشطة تجارية بين المشروعات ببعضها البعض وبين المشروعات والأفراد وبين المشروعات والإدارة، فهذا التعريف يشمل العقود التي تبرم بين المشروعات فيما بينها، كعلاقة شركة بأخرى وعلاقة المشروعات بالأفراد، وكذا العقود التجارية التي تكون الإدارة طرفا فيها، موسعا من دائرة الوسيلة التي تبرم بها، وجعلتها تشمل كل الوسائل الرقمية.
الفرع الثالثالتعريف الفقهي للعقد الإلكتروني.
لقد أورد الفقه عدة تعريفات للعقد الإلكتروني، فمنهم من عرفه بالاعتماد على إحدى وسائل إبرامه معتبرا أن العقد الإلكتروني هو العقد الذي يتم إبرامه عبر الأنترنيت6، والملاحظ على هذا التعريف أنه حصر وسيلة إبرام العقد الإلكتروني في شبكة الأنترنيت متجاهلا الوسائل الأخرى لإبرامه مثل التيلكس والفاكس والمينيتل في فرنسا.
ومن هذه التعاريف أيضا القائل بأن العقد الإلكتروني هو: " كل اتفاق يتلاقى فيه الإيجاب بالقبول على شبكة دولية مفتوحة للإتصال عن بعد، وذلك بوسيلة مسموعة مرئية، وذلك بفضل التفاعل بين الموجب والقابل"، يلاحظ أن هذا التعريف اشترط وسيلة مسموعة مرئية لكي يعتبر العقد إلكترونيا، غير أنه يمكنإبرام العقود الإلكترونية بدون استعمال الوسائل المسموعة أو المرئية مثل التعاقد عبر البريد الإلكتروني، الذي يكون فيه التعبير عن الإرادة بواسطة الكتابة، ومع ذلك يعتبر عقدا إلكترونيا.
ومن التعاريف ما يكتفي بأن يكون العقد مبرما ولو جزئيا بوسيلة إلكترونية لاعتباره عقدا إلكترونيا، ومنه القائل: "بأن العقد الإلكتروني هو الاتفاق الذي يتم انعقاده بوسيلة إلكترونية كليا أو جزئيا أصالة أو نيابة وهذا ما سلكه المشرع الأردني.
ومن التعاريف ما شمل جميع الوسائل الإلكترونية لكنه اشترط لكي يعتبر العقد إلكترونيا أن تكتمل كافة عناصره عبر الوسيلة الإلكترونية حتى إتمامه ، معتبرا أنه: " كل عقد يتم عن بعد باستعمال وسيلة إلكترونية وذلك حتى إتمام العقد".
وهو نفس الاتجاه الذي سارت عليه اللجنة التي شكلت في مصر لتنظيم التجارة الإلكترونية، إذ عرفت عقود التجارة الإلكترونية بأنها: "تنفيذ بعض أو كل المعاملات التجارية في السلع والخدمات التي تتم بين مشروع تجاري وآخر أو بين مشروع ومستهلك، وذلك باستخدام تكنولوجيا المعلومات والإتصال".

ولذا فإننا نؤيد الفقه القائل بأنه يجب التركيز في تعريف العقد الإلكتروني على خصوصيته التي تتمثل بصفة أساسية في الطريقة التي ينعقد بها، من دون إغفال صفة هامة فيه باعتباره ينتمي إلى طائفة العقود التي تبرم عن بعد.

ليست هناك تعليقات: