بسم الله الرحمن الرحيم
مع التقدم التقني الهائل في العالم اليوم والتطور المستمر لشبكة الإنترنت التي شكلت منذ بدايتها نقلة نوعية في حياة البشرية نرى زيادة الاهتمام في مجالات ظهرت منذ زمن ليس ببعيد لتصبح جزءا من حياتنا اليومية، فلا نجد أحدا اليوم لا يحتاج لشبكة الإنترنت في مختلف جوانب الحياة، فالحكومات أصبحت إلكترونية والبنوك أصبحت تتفاخر بتقديم أكبر عدد من الخدمات لعملاءها إلكترونيا وأصبحت التقنية تلازمنا في كل وقت بعد الانتشار الهائل للهواتف الذكية والأجهزة اللوحية التي أصبحت في متناول يد الأغلبية من مختلف الفئات العمرية والطبقات الاجتماعية بل وتستخدم لأغراض متعددة ومختلفة للغاية. ومنذ بداية ظهور الشبكة العنبكوتية كانت للشركات والجهات التجارية رؤية استراتيجية حول مستقبل هذا العالم الجديد فظهرت شركات متخصصة في بيع السلع المختلفة عبر شبكة الإنترنت وظهرت جهات ومواقع تهدف إلى الاستفادة من هذه الشبكة عبر تقديم الخدمات المختلفة مثل الاستضافة والتصميم ونحوها وأصبحت هذه الشبكة العنبكوتية من أهم الأسواق للشركات والجهات التجارية وأكثرها نموا. ولكن ما هو موقعك أنت كفرد من كل هذا وكيف يمكن لك استثمار وقتك وجهدك بما يعود عليك بالنفع المادي والمعنوي؟ سأجيب على هذا السؤال من خلال مناقشة موضوعالنشر الإلكتروني وبيع المنتجات الرقمية لتتعرف على هذا العالم الذي قد يغير مسارك داخل الشبكة ويفتح لك أبوابا كبيرة نحو المستقبل.
الكثير منا يقضي أوقاتا طويلة جدا أمام شاشة الكمبيوتر أو ممسكا بالهاتف أو الجهاز اللوحي دون فائدة تذكر بل يمضي معظم الوقت في محادثات لا أهمية لها أو في اللعب ومشاهدة مقاطع الفيديو طوال اليوم، ولكن إن أردت أن تغير كل هذا وأن تجعل استخدامك اليومي للإنترنت ذو فائدة كبيرة فأنصحك أن تبقي كل شيء جانبا وتهتم بقراء السطور التالية بتمعن لتصل إليك الفكرة بصورة صحيحة.
من المؤكد أن هناك سؤالا يدور في ذهنك الأن وهو ما المقصود بالنشر الإلكتروني والمنتجات الرقمية؟ قد تكون مررت على بعض المواقع التي يعرض أصحابها أعمالهم الجاهزة في التصميم أو البرمجة للبيع، أو دخلت مصادفة لموقع أحد المدونيين ووجدت بعض الكتب الإلكترونية التي قام صاحب الموقع بكتابتها بنفسه وعرضها للبيع على شكل كتاب إلكتروني، وهناك عشرات الأمثلة الأخرى المشابهة وملخصها أن فردا لديه موهبة في مجال معين ويقوم بتحويل هذه الموهبة إلى منتج رقمي مفيد ويعرضه للبيع في موقعه الشخصي أو عبر الشبكات الاجتماعية أو عبر أي وسيلة أخرى، أو يكون شخصا محترفا في مجاله عرف أهمية مواكبة التقنية وإعداد المنتجات الرقمية فتوجه بخبرته وتجاربه السابقة نحو هذا العالم الجديد، وهذا باختصار ما أعنيه بمصطلحيالنشر الإلكتروني والمنتجات الرقمية.
إذا كنت تعتقد أن هناك حدودا لهذا العالم وأن الأمر يقتصر على بعض المجالات القلية والتي يمكن الاستفادة منها وتحويلها إلى منتج رقمي فأنت مخطأ دون شك، ولتتأكد من ذلك سأطلب منك أن تسترخي قليلا وتفكر في مهارات مختلفة ومتعددة يمكن استغلالها لإعداد منتجات رقمية ونشرها إلكترونيا.
نعم يمكن إنتاج العديد من المنتجات الرقمية المختلفة من هذه المهارات بل وأكثر من ذلك أيضا ففي هذا العالم ليس هناك أي حدود كما ذكرت، ومدى صلاحية أي منتج للنشر يمكن حصره في محاور ثلاثة، فلا بد أن يكون صالحا للإنتاج والتقديم بشكل إلكتروني وأيضا يكون ذو أهمية للفئة المستهدفة بالإضافة إلى تقديمه بالجودة المناسبة.
عند الحديث حول مجال الكتابة والنشر فمن المؤكد أنك ستذكر الكتب الورقية التي ترهق مؤلفها ماديا وفكريا في عملية النشر وتأخذ الكثير من الوقت والجهد لإنهاء إجراءات النشر الرسمية ومن ثم البدء في عملية الطباعة والتوزيع بالإضافة إلى ما تتطلبه العملية التسويقية من مزيد من الوقت والجهد والمال، وكل هذا لا يشكل عائقا على الكاتب المبتدئ فقط بل هو أيضا عائقا كبيرا حتى للكتّاب المحترفين وحتى لمن لديهم تجارب نشر سابقة فالأمر دائما يحتاج إلى دراسة مطولة لأن الفشل قد يعني خسائر كبيرة.
والتوجه الكبير لاستخدام الأجهزة الإلكترونية المختلفة في القراءة أدى إلى توجه الكتاب بمختلف فئاتهم لمجال نشر الكتب الإلكترونية بدلا من الورقية نتيجة للفوائد المتعددة للكاتب وللمشتري على حد سواء، فهو أولا يساهم في إلغاء العوائق الموجودة في طرق النشر التقليدية ومنها اجراءات النشر القانونية والتي تختلف من دولة لأخرى، بالإضافة إلى غياب التكاليف المادية التي توجد في المراحل المختلفة في عملية نشر الكتب الورقية حيث أنه لا تكاليف تذكر لعملية النشر الإلكتروني.
وكما ذكرت في الأعلى فإن الأمر لا يقتصر على جانب معين، فقد يكون في ذهنك سؤالا حول كيفية استغلال هواية التصوير مثلا وإعداد منتج رقمي منها؟ وقبل أن أجيب على السؤال أقول لننظر إلى مصدر الصور المستخدمة في المجلات وفي أعمال التصميم المختلفة وغيرها من المجالات فهذه الصور ببساطة لم تأتي من فراغ بل إما أن تكون صورا نشرها أصحابها عبر الإنترنت أو الوسائط المختلفة وأصبحت تستخدم من قبل الكثيرين في مختلف المجالات؛ أو أنها قد بيعت لجهات مختلفة بمقابل مادي، ومن هنا تتضح إجابة السؤال بالأعلى، فإذا كانت لديك مهارة التصوير لم لا تفكر في استغلالها بالطريقة التي تراها مناسبة فلست هنا لأحدد لك مجالا دقيقا لتعمل من خلاله، فالبعض يفضل التقاط صورا لمجال معين وبيعها في مجموعات والبعض الأخر يفضل بيعها بشكل مفرد فيما يقوم البعض بتضمين صورهم ضمن تصاميم جميلة لتكون أكثر جاذبية لمن يرغب بالشراء إلى غير ذلك من الأفكار الإبداعية التي لا حصر لها.
ومع أن الأفكار لا حصر لها إلا أنك قد تصر على عد امتلاكك لأي مهارة للدخول في هذا المجال فإذا كان الأمر كذلك لم لا تتعلم شيئا جديدا؟ الإنسان يقضي عمره في التعلم فيبدأ طفلا يتعلم من والديه وأقرباءه ويتدرج في التعليم بين المدراس والجامعات ويتعلم من دروس الحياة اليومية ويتعلم بالتجارب الشخصية بل حتى الوالدين يتعلمون من أبناءهم ما لم يعرفوه في جيلهم وهكذا فلا يوجد شيء مستحيل هنا. هناك مبرمجين متميزين في إعداد برامج الحاسب أو ما قد يعرف بتطبيقات سطح المكتب ولكن مع التطور الحاصل في المجال التقني تجد أن بعضهم يتعلمون برمجة تطبيقات الهواتف والأجهزة الذكية والتي قد تكون مختلفة بشكل كبير عن مجالهم السابق لأن مواكبة التقنية التي تتحرك بخطى سريعة يتطلب ذلك دائما وإلا فلن يتمكنوا من الاستمرار في النجاح.
النشر الإلكتروني تجربة فريدة وممتعة للغاية فإذا كنت صاحب خبرة في مجال معين كأن تكون كاتبا مثلا فأنصحك أن تبدأ بتجربة ذلك لكتبك الجديدة أو القديمة، وإذا كنت متخصص في مجال تصميم قوالب المواقع فيمكنك تجربة إعداد القوالب الجاهزة وبيعها، فمهما كان مجالك لا تتردد أبدا بمحاولة تقديم المنتجات الرقمية التي تتناسب معه، وإن لم تكن محترفا في مجال معين فاجلس وفكر في ما يمكنك فعله وإن لم تجد فابحث عن ما يمكنك تعلمه وإجادته في مختلف المجالات، فإذا كانت لديك موهبة في الإلقاء والشرح فيمكنك أن تقوم بإعداد دروس مرئية تطبيقية حول مجال معين وبيعها للمهتمين، وإذا كانت لديك موهبة الرسم فقم بعمل لوحات فنية جميلة واعرضها للبيع والأمر نفسه للمجالات المختلفة.
لا تفكر حاليا في كيفية تعريف الناس بمنتجك فهذه خطوة متقدمة ولن تكون بالصعوبة التي تتخيلها إذا تمكنت من إعداد منتج رقمي إبداعي، عليك أن تضع اهتمامك في تقديم أفضل ما لديك وفي الوقت الذي يكون فيه المنتج جاهزا يمكنك التخطيط لكيفية التسويق له بالطرق الممكنة والتي سأتحدث حولها أيضا في مقالات قادمة إن شاء الله.
ونظرا لأهمية هذا المجال فقد ظهرت شبكات عديدة تساعد الراغبين بالنشر الإلكتروني وتقدم لهم مختلف الخدمات، وقد انشأ المدون المغربي محمد الساحلي شبكة عربية باسم أسناد حتى اشترتها شركة حسوب وطورتها لتنطلق مجددا مع بداية العام الحالي، وسيتم تخصيص مجموعة من المقالات القادمة للحديث بشكل أكبر حولالنشر الإلكتروني ومنصة أسناد الجديدة، ويمكنك متابعة هذه المقالات للتعرف أكثر على هذا المجال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق