بسم الله الرحمن الرحيم
خلال السنوات الأخيرة انتشرت الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية بشكل كبير جدا حتى أن الكثير من الناس تركوا أجهزة الكمبيوتر الشخصية والأجهزة المحمولة التقليدية أو على الأقل انخفض استخدامهم لها بشكل كبير، وللتأكد من هذا الأمر بشكل أكبر يكفي إلقاء نظرة سريعة على الاحصائيات المختلفة التي تشير إلى زيادة مبيعات الشركات لهذه الأجهزة وشدة التنافس بينها، فالأمر لم يعد يقتصر على شركة ابل الرائدة في هذا المجال بل أمتد للكثير والكثير من الشركات التي وجدت أن النمو المستمر في هذا السوق يحتم عليها مواكبته والاستفادة منه.
والأمر لن يقف عند ما وصل إليه الأن بل أن بعض التقارير تشير إلى أنه وبحلول العام 2017 فإن 87% من الأجهزة المتصلة بالإنترنت ستكون عبارة عن أجهزة لوحية وهواتف ذكية مما يعني أن الاعتماد على هذه الأجهزة سيكون كبيرا جدا وقد يأتي اليوم الذي نرى فيه اختفاء الأجهزة التقليدية أو يقتصر استخدامها في مجالات معينة، والسؤال الهام هو ما مدى تأثير كل هذا على التجارة الإلكترونية؟
سيكون هناك تأثير كبير دون شك على التجارة الإلكترونية لأن التوجه الجديد سيجبر المطورين وأصحاب الأعمال على مواكبته للاستمرار في السوق، فالأمر سيتطلب تغييرا شاملا في مجال تصميم وتطوير المواقع وبرمجتها وسيكون هناك نصيبا وافرا من النجاح للمتخصصين في إعداد وتطوير تطبيقات الأجهزة الذكية خصوصا على نظامي Android و iOS هذا إن لم تظهر أنظمة أخرى تنافس هاذين النظامين كنتيجة لتطور المجال وزيادة الاعتمادية عليه.
في الوقت الحالي نجد أن هناك تحولا كبيرا قد بدأ بالفعل في عالم الإنترنت لمواكبة هذا التطور، فالكثير من أصحاب المواقع يهتمون أن يكون تصميم الموقع مناسبا للعرض فيالأجهزة الذكية جنبا إلى جنب مع الأجهزة التقليدية، ففي عالم تصميم قوالب الوورد بريس ظهر ما يعرف بـ Responsive WordPress Themes والتي يتغير حجمها بشكل تلقائي لتتناسب مع حجم شاشة العرض، وقد اتجه الكثير من المصممين المتخصصين في تصميم قوالب الووردبريس للعمل على إنتاج قوالب من هذا النوع نظرا لازدياد الطلب عليها.
وأصبح المصممون والمطورون بالإضافة إلى تقديم ما يتناسب مع حجم الشاشة فيالأجهزة الذكية يهتمون بإعداد ما يتناسب مع كون الشاشة في هذه الأجهزة تعتمد على اللمس وهو ما يعني الاهتمام بجانب الدقة في اختيار حجم الأزرار وموضعها إلى غير ذلك من النقاط التي تشكل نقطة تحول بين ما هو الحال في الأجهزة التقليدية التي لا تعتمد هذه التقنية والأجهزة الحديثة التي أصبحت هذه التقنية من أبسط مقوماتها.
أما في عالم الأعمال والذي يمثل محور حديثنا هنا فكانت هناك استجابة سريعة من قبل الكثير من الجهات المعروفة في شبكة الإنترنت وذلك بإعداد تطبيقات مخصصة للعمل على الأجهزة الذكية فنرى على سبيل المثال موقعي Amazon و eBay قد استجابا لهذا التطور بإنتاج تطبيقات للهواتف الذكية والأجهزة اللوحية لأن هاتين الشركتين وغيرهما من الشركات الكبرى تعي أهمية مواكبة التقنية وتعي كذلك الأثر السلبي الناتج عن عدم التجاوب مع متطلبات السوق.
وبالطبع فإن هناك الكثير من المبرمجين والمطورين ممن سيتأثرون سلبا بهذا التحول الكبير خصوصا إذا لم تكن لديهم القدرة على الانتقال لهذا العالم، فهناك الكثير من البرمجيات الجاهزة للمواقع والتي حققت ولا زالت تحقق نجاحا كبيرا ولكن إن لم يستطع أصحابها تطويرها وتجهيزها للاستخدام في الأجهزة الذكية فإنها مهددة بالفشل خلال فترة لا تبدو بالطويلة، ولهذا نجد أن الجهة المنتجة لنظام الإدارة والمحاسبة الشهير WHMCS والمخصص لإدارة المواقع المقدمة لخدمات استضافة المواقع بالدرجة الأولى قد أصدرت إضافات تمكن من إدارة العملاء عبر الهواتف والأجهزة الذكية العاملة بنظامي iOS و Android.
وقد يكون هذا التطور مؤثرا بشكل كبير أيضا على محركات البحث التي نستخدمها بشكل يومي وذلك بسبب توجه الكثيرين للاعتماد على التطبيقات المختلفة فيالأجهزة الذكية بدلا من استخدام محركات البحث المعروفة، فهناك العديد من التطبيقات مثلا التي تتيح التعرف على المطاعم الموجودة في منطقة معينة فبدلا من التوجه إلى جوجل والبحث عن المطاعم في هذه المدينة أو تلك؛ يمكن التوجه إلى تطبيق متخصص بالمطاعم وهو بدوره يعطي نتائج أكثر تخصصا من محركات البحث، والحال نفسه في العديد من التطبيقات المتخصصة في مجالات أخرى.
والأمر لا يتعلق بالجوانب التقنية فقط، بل أن هناك وجهات نظر جديدة تتعلق بالأسس التسويقية والبيعية داخل شبكة الإنترنت، فالكثير من الشركات تختار أوقاتا معينة للاستهداف بالبانرات الإعلانية أو برسائل البريد الإلكتروني لتتناسب مع الفترة المتوقعة لاستخدام جهاز الكمبيوتر وهذه الأوقات قد بدأت بالتغير حاليا لتكون في ساعات الاستيقاظ من النوم أو في الليل قبل الذهاب إلى النوم وذلك لأن الكثير من الناس يستخدمون هذه الأجهزة بشكل تلقائي في هاذين الوقتين.
وبالرجوع إلى سنوات قليلة مضت نتذكر كيف كان استخدام الرسائل القصيرة SMS لإرسال الإعلانات من قبل الجهات التجارية، وأيضا نتذكر الجهات التي توفر اشتراكات مدفوعة لاستقبال رسائل متخصصة في مجال معين، وهذا النوع وإن كان لا يزال موجودا إلى الأن إلا أنه من المؤكد تأثره بالتطور الحاصل وقد لا نجده أيضا خلال فترة ليست بالطويلة، فالجهات التي كانت تقدم خدمات الاشتراك في باقات الرسائل المختلفة أصبحت تقدم خدماتها مجانا عبر تطبيقات مخصصة للأجهزة الذكية وتعتمد على بيع المساحات الإعلانية والرسائل في تطبيقاتها.
ونتيجة لكل ما ذكر فإن الاهتمام بهذا المجال أمر ضروري وهام لكل من أراد الاستمرار في النجاح ففي هذا العالم لا مجال لمن لا يريد مواكبة التقنية لأن السوق سيجبره على الخروج.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق