بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 30 نوفمبر 2013

التجارة الإلكترونية في المملكة: التحديات والمعوقات

التجارة الإلكترونية في المملكة: التحديات والمعوقات

 
يزيد بن عبدالعزيز الطويل
    مقدمة:
التجارة هي مصدر الرزق وهي أساس المعيشة على مر العصور، بدأت التجارة منذ عصورها الأولى بالمقايضة أو المبادلة، أي بضاعة بأخرى ومن ثم تحولت إلى استخدام الأموال في الشراء والبيع بعد إيجاد الأوراق النقدية. تطور الحال كثيراً إلى مابعد ذلك ولكن مازلنا نعيش عصر النقود الورقية ولم يتطور بنا الحال إلى أكثر من ذلك، وأقصد هنا النقود الإلكترونية، تخيل عزيزي القارئ إنك في يوم ما زرت أحد الدول التي مازالت تعمل بالمقايضة في الشراء والبيع، مثلا صاع رز بنصف صاع شعير. فهل ستشعر بأن تلك الدولة متقدمة اقتصاديا وماليا، وهل تتوقع أنه من السهل العيش في هكذا دول؟ جوابك سيكون لا بالطبع وستحمد الله كثيرا أنك لاتعيش في مثل تلك الدول. الحال هو كذلك لمن يقوم بزيارة لأحد الدول النامية قادما من الدول المتقدمة وخصوصا عندما يرى أن التعاملات المالية اليدوية لازالت سائدة مقارنة بالدول المتقدمة اقتصاديا والتي لاتسخدم الأوراق النقدية. إن كنت لاتملك الأوراق النقدية أو ما يسمى ب (الكاش) في الدول النامية فإنك لن تستطيع الشراء أبدا. ربما تستطيع الشراء من أماكن محدودة باستخدام النقود الإلكترونية وذلك باستخدام البطاقات الإلكترونية الممغنطة (ATM Card) من أماكن توفر خدمة نقاط البيع، ولكن هذا إن حالفك الحظ بوجودها لندرتها. لنفرض على سبيل المثال والأمثلة ستكون كثيرة هنا أنك في سفر إلى مدينة أخرى على خط بري وأردت التزود بالوقود وكنت لسوء الحظ تملك المال ولكن لاتملك الورق النقدي (الكاش)، فما هي الخيارات التي ستواجهك في تلك اللحظة؟ أترك الاجابة لكم.
تعريف التجارة الإلكترونية:
التجارة الإلكترونية هي التجارة القائمة على عرض وطلب السلع، وإتاحة الدفع إلكترونياً عن طريق أدوات وتطبيقات على الإنترنت تضمن للمشتري والبائع حقوقهم الكاملة، وتكون خاضعة للقوانين التجارية في تلك الدولة وتحت حمايتها.
ما أنواع التجارة الإلكترونية:
هناك خمسة أنواع شهيرة من التجارة الإلكترونية والتي تصنف بالبيع والشراء مع اختلاف صنف البائعين والمشترين.
• النوع الاول هو (B2B) وهو اختصار ل Business-to-Business وهذا النوع يقتصر على التبادل التجاري للسلع أو الخدمات بين شركتين عبر الموقع التجاري لأحد هاتين الشركتين أو عبر أحد المواقع الوسيطة بينهما التي توفر لأحد الشركتين عرض منتجاتها لتقوم الأخرى بشرائها عبر تنظيم وقوانين تحفظ للشركتين حماية حقوقهما.
• النوع الثاني وهو الأكثر شهرة (B2C) وهو اختصار ل Business-to-Consumer ويقتصر هذا النوع على عمليات البيع التي تقدمها شركة ما إلى العملاء والذي غالبا مايكونون أفرادا وتكون هذه الخدمة عبر الموقع الرسمي للشركة الذي يقدم من خلاله العروض الخاصة لتلك الشركة أو عبر المواقع التي توفر خدمة العرض والطلب مثل الموقع الشهير Amazon.com والذي تتم فيه آلاف عمليات الشراء والبيع اليومية.
• النوع الثالث من أنواع التجارة الإلكترونية هو (B2E) وهو اختصار لكلمة Business-to-Employee وهذا النوع من التجارة يستهدف الموظفين بشكل عام كتقديم عروض خاصة على التأمين الصحي في الوظائف الخطرة أو عن طريق تقديم قروض مالية عن طريق البنوك.
• النوع الرابع هو (B2G) وهو اختصار ل Business-to-Government وهذا النوع من التجارة يختص بالتجارة بين الشركات والجهات أو القطاعات الحكومية مثل التوريد أو الصيانة أو الخدمات أو العقود ويتم إما عن طريق اتفاقيات أو عن طريق طرح للمناقصة إلكترونياً عبر مواقع الجهات الحكومية لتبدأ الشركات في إرسال عروضها.
• النوع الخامس والأخير من أنواع التجارة الإلكترونية والذي لايتواجد بشكل رسمي في الدول النامية هو (C2C) وهو اختصار ل Consumer-to-Consumer ويختص هذا النوع بالتجارة القائمة بين الأفراد بعيدا عن الشركات حيث إن الأفراد في هذا النوع هم من يقومون بالبيع والشراء عبر وسائل أو مواقع توفر لهم خدمة العرض والطلب مثل الموقع الشهير ebay.com الذي يمّكن الأفراد من عرض بضائعهم على أفراد آخرين ليتم التبادل التجاري.
فوائد التجارة الإلكترونية:
بداية سأبدأ بتحرير بعض الفوائد التي ستكون من نصيب الشركات التجارية ومن ثم سأتطرق للفوائد الخاصة بالأفراد الناتجة من جرّاء تطبيق التجارة الإلكترونية.
• الشركات التجارية: بالنسبة للشركات التجارية فإن التجارة الإلكترونية توفر إمكانية تنظيم الشراء والبيع عبر بوابات متخصصة للسلع حيث يمكن أن تُعرض تلك السلع على العملاء إلكترونياً دون الحاجة لاستقبال جميع العملاء في المتاجر وخدمتهم، مما يترتب على ذلك عدم الحاجة لاستقدام عمالة جديدة لتقوم بهكذا أعمال. كذلك يمكن للشركات التجارية عرض جديد منتجاتها عبر مواقعها الخاصة دون الحاجة إلى إهدار ملايين الريالات على استئجار المتاجر والإعلانات لجذب العملاء من جديد لزيارة المتجر أو المعرض. وكذلك أيضا، سيكون هناك تقليص لعدد المتاجر والمعارض المفتوحة التي ستكون فوق الحاجة حيث سيتمكن العميل من الشراء إلكترونياً عبر موقع الشركة مما سيترتب على ذلك خفض تكاليف تشغيل تلك المتاجر الإضافية ودفع الأجور للمشغلين وبالتالي سيؤدي إلى تخفيض التكاليف ومن ثم زيادة الأرباح. يمكن تحسين الصورة الذهنية للعميل عن الشركة عن طريق تقديم الخدمات المميزة عبر الموقع الرسمي للشركة دون الحاجة لتطبيق بروتوكولات رسمية عديدة على جميع الفروع، حيث ستكون الصورة موحدة تماما عن الشركة دون تفضيل متجر على آخر. انخفاض التكاليف ستؤدي إلى نتيجة إيجابية وذلك بخفض الهامش الربحي على أسعار السلع والخدمات حيث سيؤدي ذلك التخفيض إلى دخول شريحة جديدة من العملاء كانت في السابق غير قادرة على الشراء بسبب ارتفاع التكاليف. إضافة إلى تلك الخصائص، ستصبح الشركة قادرة على البيع خلال 24 ساعة في اليوم و 7 أيام في الأسبوع عبر موقعها الإلكتروني دون الحاجة إلى دفع أجور إضافية للعاملين، وكذلك ستصبح الشركة عبر موقعها الإلكتروني قادرة على جلب عدد إضافي من العملاء سواء من مدن أخرى داخل نطاق الدولة، أو ربما من دول أخرى مجاورة، مما سيؤدي إلى زيادة الطلب وبالتالي إرتفاع الأرباح والمشاركة في ارتفاع الناتج المحلي الوطني والمشاركة في إنماء الاقتصاد الوطني.
• الأفراد: هناك الكثير من العوائد المتحصلة للأفراد من تطبيق التجارة الإلكترونية. فبالإضافة إلى ماذكر سابقا عن انخفاض الأسعار واستعراض جديد البضائع إلكترونياً عبر الإنترنت والشراء إلكترونياً، سيكون الفرد أكثر قدرة على توفير الوقت من خلال التسوق الإلكتروني بدلا من الذهاب إلى المعارض والمتاجر لاستعراض المنتجات الجديدة وكذلك سيوفر الفرد تكلفة الذهاب والإياب إضافة إلى التوفير المترتب من استخدام التجارة الإلكترونية والذي بدوره سيقلل من قيمة البضائع التجارية. كذلك من الفوائد الاضافية، سيتمكن البائعون المتجولون من بيع بضائعهم عن طريق مواقع توفر لهم خدمة العرض مثل موقع ebay.com السابق ذكره، وبالتالي الحصول على نسبة عرض أكبر. التجارة الإلكترونية في الدول النامية ستكون أداة تنظيم للأفراد وتقليل لانتشار البائعين المتجولين في الأماكن والأسواق عشوائيا.
التحديات والمعوقات لتطبيق التجارة الإلكترونية:
هناك عدة أسباب تعيق نشوء سوق للتجارة الإلكترونية منها مايندرج تحت الانظمة، ومنها مايندرج تحت البنى التحتية، حيث سأتطرق لبعض تلك التحديات والمعوقات التي تأخر عملية التجارة الإلكترونية في المملكة العربية السعودية.
• البريد: البنية التحتية للبريد السعودي للأسف لاتأهل للوصول إلى مرحلة التجارة الإلكترونية ليس بسبب عدم الدقة في التوصيل، أو بسبب عدم القدرة على متابعة الطرود، بل بسبب أنه ليس هناك ضمان كاف لوصول الطرد لصندوق البريد في الوقت المحدد أو ربما لن يكون هناك وصول كامل، وبذلك سيكون هناك مال مهدر بسبب قيمة المشتروات الغير مستلمة مما سيؤدي إلى عدم ثقة المستخدمين وبالتالي تعطيل دور التجارة الإلكترونية. البريد كما هو معروف في دول العالم بالبريد المنزلي يمنح لكل ساكن (مجانا) حيث يكون لكل ساكن عنوان بريدي خاص به يستقبل عليه ويرسل عن طريقة الرسائل دون الحاجة للذهاب إلى مكاتب البريد. أما لدينا فهناك تعطيل كامل لدور صندوق البريد المنزلي وأضف إلى ذلك الرسوم العالية التي تثقل كاهل المشترك مما يؤدي إلى صرف النظر عن الاشتراك في هذة الخدمة.
• البنوك: طريقة الدفع هي أحد أهم أدوات التجارة الإلكترونية وغالبا ماتكون عن طريق البطاقات الائتمانية أو الشيكات الإلكترونية. نعم نملك البطاقات الائتمانية ولكن لانملك الشيكات الإلكترونية ولكن لابأس، فمصدر واحد أفضل من لاشيء، هناك رسوم للبطاقات الائتمانية أضف إلى ذلك رسوم الخدمة والفوائد وغيرها من الرسوم الأخرى. كثرة الرسوم هي السبب الرئيس لعدم امتلاك الأفراد تلك الأداة للدفع. لم ننته بعد، أضف إلى ماتم ذكرة حماية المستخدم في حال تعرضه للسرقة عبر قراصنة الإنترنت، فالبنوك لدينا ستغمض أعينها وستطلب منك إنشاء طلب تظلم وإعتراض والنتيجة في أغلب الاحيان ستكون الإهمال إن لم تقوم بمتابعة الطلب دورياَ. بالنسبة للدول المتقدمة ماليا، فإن بطاقة الصراف (ATM card) يمكن تفعيلها لإستخدامها في الشراء الإلكتروني عبر مواقع الإنترنت وبدون رسوم وفي حال وجود أي عمليات مشبوهه على الحساب، يعاد المبلغ خلال 24 ساعة من إصدار طلب الاسترجاع ومن ثم يتم البت في موضوع المشكلة وليس العكس.
• الإنترنت: العامل الأساسي لتفعيل التجارة الإلكترونية هو وجود الإنترنت، فبدون وجود اتصال على الإنترنت لايمكن أن نقوم بعملية الشراء والتسوق الإلكتروني أو طلب المنتجات إلكترونياً. بغض النظر هنا عن أسعار الإنترنت الشاهقة الارتفاع وكذلك تعطل الخدمة لأيام بدون سبب أو كذلك بطء الخدمة فنحن سنغض الطرف عن ذلك لأننا اعتدنا على تلك الخدمات السيئة، نحن هنا ننظر إلى ماهو أهم من ذلك وهو عدم تغطية بعض الأحياء أو بعض المدن بخدمة الإنترنت حتى الآن والتي لن يتمكن قاطنوها من استخدام تلك الخدمة للمشاركة في تفعيل دور التجارة الإلكترونية وإثراء صفحاتها بالمنتجات المعروضة أو الطلبات، فهولاء محسوبون ضمن الشريحة التي يمكن أن تنمي الاقتصاد وتزيد من حركته لأننا لايمكن أن نتجاهل أحدا يعيش في وسط مجتمعنا، حيث إن الأمر مربوط بالمشاركة الجماعية متضمنه جميع المواطنين والمقيمين.
• شركات التوصيل: عند شراء بضاعة معينة عن طريق أحد المواقع الإلكترونية فإن التوصيل سيكون هو أهم متطلب وخصوصا لو كان الطلب مستعجلاً والمشتري يريد الاستلام خلال أيام معدودة. توفر خيارات التوصيل هو أمر مهم عند شراء أي منتج عبر مواقع الإنترنت. شركات التوصيل العالمية مثل DHL و FedEx المتواجدة في المملكة العربية السعودية معطلة من ناحية التوصيل، فلا نرى سيارات التوصيل التابعة لها كما نراها في الخارج. النظام لدينا هو أن تأتي وتستلم بضاعتك بنفسك في الفرع التابع لهم. فلماذا الغلبة إذاَ؟ في حالك كان الأمر كذلك، فإن العميل سيوفر على نفسه الذهاب للبريد وسيذهب للمتجر الذي يود الشراء منه حاجياته مباشرة فلربما اختصر وقت التوصيل وبعض المصاريف الخاصة بالتوصيل أو ربما حفظ مشترياته من الضياع.
• القوانين وحماية المستهلك: عندما تتكامل عناصر التجارة الإلكترونية مع بعضها البعض لخدمة المستهلك فإن تلك الخدمة بالطبع ستنال استحسان ذلك المستهلك وسيتوجه لها عند حاجته للشراء أو البيع. ولكن عندما تبدأ تلك الخدمات في التدني والاستغلال فإن المستهلك سيبحث عمن يسترد له حقه، ولذلك يجب أن تسن تشريعات خاصة للتعاملات المالية عبر الإنترنت تكفل للمستهلكين حقوقهم كاملة وتفرض الغرامات على المتسببين والمخالفين وأن تكون ذا طابع حاد وصارم حتى لاتتكرر الحوداث دوريا، وبذلك ستؤدي كل جهة مسؤوليتها كاملة خوفا من ايقاع العقوبات عليها وفي النهاية سنجد خدمة خالية من الشوائب.
خاتمة:
تفعيل تلك الأدوار كما يجب سيصب في مصلحة الوطن اقتصاديا وكذلك في مصلحة الشركات وأصحاب التجارة وكذلك الأفراد، العمل التعاوني بين قطاعات الخدمات سيثمر بما يسمى بالتجارة الإلكترونية التي ستجلب حسناتها إلى السوق السعودي وبهذا سيكون هناك تنظيم أكثر للأسواق الإلكترونية التي ستدر عائداً هائلاً من الأموال. ولكن سؤال المليون هو: أين المستثمر من ذلك؟

ليست هناك تعليقات: