2
استراتيجيات التسويق في ظل الأزمات الاقتصادية والتحديات المعاصرة
لقد مر مفهوم التسويق بتطورات كبيرة وجوهرية خلال القرن المنصرم وذلك بالتوازي مع التطورات الاقتصادية التي مرت بها الاقتصاديات المحلية والدولية، وصولاً إلى ما يُعرف بالمفهوم الحديث للتسويق والمفهوم الاجتماعي للتسويق.
ويمكننا تحديد الركائز الأساسية التي يقوم عليها هذا المفهوم الحديث للتسويق بما يلي:
1. إن النقطة الجوهرية في هذا المفهوم الحديث للتسويق تقوم على اعتبار أن العميل هو نقطة البداية وهو منتهى الغاية من النشاط التسويقي.
2. إن التسويق هو مسؤولية جميع عناصر وأفراد المنظمة على مختلف مواقعهم بحيث يُعتبر الجميع مجندين في خدمة العميل.
3. إن التسويق لا يجوز قصره – كما هو متعارف خطأ – على وظيفة البيع أو التوزيع والإعلان وإنما هو ّّّّّّّ ّ إشباع لاحتياجات العميل ّ ّ([1]) بالمعنى الواسع لهذه العبارة. بمعنى أن رجال التسويق يتعرفون على احتياجات ومتطلبات العملاء ويراعونها في وضع المزيج التسويقي.
4. إن موضوع التسويق لا يجوز قصره على المنتجات من السلع والخدمات، وإنما المنتج موضوع التسويق هو أي شيء يمكن أن يُشبع حاجة لدى المشتري أو المتلقي. ولذلك فإن التسويق يخص كل شيء ابتداءً من السلع والخدمات المادية وحتى الأفكار والأفراد والمنظمات. ولذلك فإننا نلمس ظهور كتابات تتوجه نحو مثل هذه المواضيع مثل تسويق الخدمات، تسويق الأفكار، تسويق الأشخاص، تسويق الأماكن الخ....
5. التسويق وإدارة الجودة الشاملة: استحوذت إدارة الجودة الشاملة Total Quality Management على اهتمام واسع من قبل الأكاديميين والإداريين والذين يعنون بشكل خاص بتطوير وتحسين الأداء الإنتاجي و الخدمي في مختلف المنظمات الإنسانية. و تعرف إدارة الجودة الشاملة بحسب وجهة النظر الأمريكية ([2]) بأنها: فلسفة وخطوط عريضة ومبادئ ترشد المنظمة لتحقيق تطور مستمر، وهي أساليب كمية بالإضافة إلى الموارد البشرية التي تحسن استخدام الموارد المتاحة وكذلك الخدمات، بحيث أن كافة العمليات داخل المنظمة تسعى لأن تحقق إشباع حاجات المستهلكين الحاليين والمرتقبين. ونستطيع تلمس أهمية TQM في التسويق من خلال تحقيقها المزايا التسويقية التالية: ([3])
انحسار شكاوي المستهلكين وتحقيق رضاهم: من خلال تحديد ما ينبغي تقديمه للعملاء، وتحديد الأنشطة المؤداة من مختلف العاملين ابتداءً من مرحلة بحوث التسويق بغية تحديد المواصفات المراد إعطائها للمنتج المزمع تقديمه، ومروراً بالتصميم والتطوير ومرحلة الإنتاج ثم النقل والتخزين والمناولة والتوزيع، وأخيراً التركيب وخدمات ما بعد البيع. وهذا بالطبع سيؤدي: من جهة أولى إلى تصميم منتجات تنسجم مع رغبات وحاجات المستهلكين بمختلف طموحاتهم، ومن جهة ثانية إلى الاحتفاظ بالمستهلكين الحاليين وجذب مستهلكين مرتقبين. مما سيؤدي بالنتيجة إلى انعدام شكاوي المستهلكين وهذا يعني انخفاض التكاليف بشكل عام، حيث ظهر في الشركات الأوروبية عام 1984 أن نسبة تكاليف شكاوى المستهلكين من إجمالي المبيعات بلغت 14%، وقد تم تخفيضها إلى 0.9% في عام 1988 بفضل استخدام هذا المدخل في التسويق.
- تحقيق الربحية والقدرة التنافسية في السوق.
- زيادة الحصة السوقية.
- تقليص تكاليف النوعية.
مفهوم استراتيجية التسويق
إن مفهوم الاستراتيجية التسويقية يعبر عن الخطوات المتخذة على صعيد المنتَج والسوق والهادفة إلى تطوير أو وضع خطة تسويقية طويلة الأمد.
من هذا المفهوم يتبين لنا أن الاستراتيجية التسويقية يجب أن تقرر – بالخطوط العامة – كيف يجب أن يتم اختيار وتحليل السوق المستهدف من جهة أولى، وتحديد المزيج التسويقي من جهة ثانية.
وبالمقارنة مع الاستراتيجية الحربية والتكتيك الحربي، وحيث أن الاستراتيجية الحربية تخطط للحرب بشكل شامل وعلى كافة الجبهات وفي مختلف ميادين القتال، أما التكتيك الحربي فهو يختص بمعالجة وضع طارئ أو استثنائي تستدعيه أحوال ميدان القتال أو مستجدات فورية لا تحتمل التأجيل أو الانتظار لوضع استراتيجية جديدة، فإننا نستطيع أن نشبه هذا الاختلاف ما بين التكتيك الحربي و الاستراتيجية الحربية بالسياسات التسويقية والاستراتيجية التسويقية، حيث أن السياسات التسويقية هي عبارة عن برامج أو خطط تطبيقية قصيرة الأمد تختص بشكل محدد بجانب أو بعض الجوانب التسويقية والتي قد يُقرر تعديلها لمقابلة تطورات طارئة في أحوال السوق أو العملاء أو المنافسين أو الموردين الخ... بينما الاستراتيجية التسويقية هي أعم وأشمل وأبعد مدىً زمنياً، إذ أنها تشخص من جهة أولى وضع وهيكلية المؤسسة من أجل تحديد نقاط القوة ونقاط الضعف، ومن جهة ثانية بيئة المؤسسة الخارجية التي تعمل فيها المؤسسة من أجل تحديد الفرص والمخاطر. وكمثال للمقارنة بين السياسات و الاستراتيجيات التسويقية نقول بأن هناك سياسات تسويقية معينة وليكن لتعديل أو التأثير على إحدى أو بعض مراحل دورة حياة المنتج، أما دراسة وتخطيط كل مراحل دورة حياة المنتج فتقررها الاستراتيجية التسويقية
التطورات الحديثة في استراتيجيات التسويق
إن واضعي استراتيجيات التسويق في الظروف الراهنة يواجهون، وهم في صدد إعدادها، الكثير من التحديات والعقبات والتي لابد من إذلالها أو على الأقل التهيؤ لها في سبيل نجاح واستمرار المنظمة، إذ أن تسويق منتجاتها هو الذي يقرر نجاح أو فشل كل استراتيجيات وسياسات وخطط وبرامج المنظمة الأخرى سواء في مجال الإدارة بشكل عام أم في مجال التخطيط والإنتاج والتمويل الخ... وسواء كانت المنظمة تجارية أم صناعية أم خدمية أم كانت منظمة لا تهدف إلى الربح، فالتسويق في كل هذه الحالات إن لم يكن هو الهدف الوحيد فهو الهدف الرئيس.
ولذلك لابد من تحديد هذه الظروف والتي تتمثل بالمناخ العام والظروف الداخلية والخارجية للمنظمة والتي تمثل التحديات والعقبات من جهة وتتضمن الفرص والمكاسب من جهة ثانية، بالإضافة إلى تحديد الإستراتيجيات الملائمة انطلاقاً من معرفة هذه الظروف.
أولاً: بيئة المنظمة:
البيئة هي مجموعة من القيود التي تحدد سلوك المنظمة، كما تحدد نماذج أو طرق التصرف اللازمة لنجاح وبقاء المنظمة وتحقيق أهدافها. ([4])
سنقصد ببيئة المنظمة الظروف الداخلية والخارجية التي تعمل المنظمة فيها:
أ. الظروف والتحديات الداخلية:
إن التحديات الداخلية التي تواجه المنظمة تتعلق بالقدرات والموارد المتوفرة لها والاستخدام الأمثل والممكن لهذه الموارد. وإذا أردنا أن نحدد مثل هذه القدرات والموارد فإننا يمكن أن نصنفها بشكل أساسي في ثلاثة جوانب وهي: الموارد البشرية، والموارد المالية، والبحوث والتطوير.
إن التحليل الاستراتيجي لهذه الإمكانيات والموارد يدخل ضمن مجال الاستراتيجية العامة للمنظمة وتحتاج إلى دراسة منفصلة، ولذلك لن نخوضها الآن، ونكتفي بالإشارة إلى أن تماسك البنية الداخلة للمنظمة من خلال توفير الكوادر البشرية المؤهلة والموارد المالية الضرورية ووجود قسم أو هيئة للبحث والتطوير كفؤة وقادرة دائماً على ابتكار الجديد أو التغيير والتجديد، لهو بمثابة الدعامة والأساس المتين الذي تستطيع المنظمة من خلاله التعامل بقوة وبشكل فاعل ومؤثر بالظروف الخارجية.
ب. الظروف والتحديات الخارجية:
إن الظروف الخارجية هي مجموعة المتغيرات المحلية والدولية التي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على أعمال المنظمة، ويمكن تصنيفها في مجموعتين: المجموعة الأولى وتتعلق بظروف العمل (أو السوق) وهي (تؤثر وتتأثر مباشرة بعمليات المنظمة الرئيسية كالملاك والموردين والمجتمع المحلي والمنافسين والعملاء ...) ([5]). المجموعة الثانية وتتعلق بظروف المجتمع والبيئة الدولية وتتضمن (قوى أكثر عمومية لا تمس مباشرة أو تؤثر مباشرة على نشاطات المنظمة في المدى القصير، ولكنها غالباً ما تؤثر في قراراتها طويلة المدى كالقوى الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والقانونية والسياسية) ([6]) وبشكل اكثر تحديداً فإن هذه الظروف يمكن حصرها بالنواحي التالية: العولمة وتحرير التجارة الدولية، التجارة الإلكترونية، الأزمات الاقتصادية، التحولات التكنولوجية العالمية، القضايا والمشاكل البيئية.
وإذا كنا قد تحدثنا أعلاه بشكل خاص عن التحديات والعقبات الناشئة عن بيئة المنظمة الداخلية والخارجية، ولم نشر إلى الفرص والمكاسب الممكنة، فإن ذلك لا يعني انتفائها وإنما إشارة إلى أن قدرة المنظمة على التحكم بهذه التحديات إنما هو في حقيقة أكبر مكسب لها.
ثانياً: الإستراتيجيات التسويقية:
إن التحليل المعمق لهذه الظروف الموضوعية المحيطة بالمنظمة يضعنا أمام خيارين صعبين: فإما الرضوخ لهذه الظروف، بمعنى وضع استراتيجيات تستطيع المنظمة البقاء الاستمرار في ظلها، بكل ما يعني ذلك من آثار قد يكون بعضها غير مرغوب اجتماعياً أو ثقافياً الخ... ولكنه هو الحل التجاري الوحيد لاستمرارها. وإما الموت البطيء أو السريع للمنظمة تحت وطأة هذه التحديات العنيدة؟
وبما أن منظمات الأعمال تضع على رأس أولوياتها الهدف التجاري فإن الخيار الأول هو قدرها لا محالة، ولا يبقى أمامها سوى البحث عن الإستراتيجيات التي تتوافق مع هذه الظروف المحيطة. وإذا ما أردنا أن نستعرض مثل هذه الإستراتيجيات فإنه يمكننا اقتراح التالية:
1. استراتيجية دورة الحياة القصيرة للمنتج:
قد يبدو للبعض أن اقتراح مثل هذه الإستراتيجية يعد نوعاً من الانتحار، ولكن الأمر بحقيقته عكس ذلك تماماً فكيف يكون ذلك؟
إن اقتراحنا لمثل هذه الإستراتيجية يتطلب توفر شروط قاسية لابد منها لتوفير نجاحها. وقبل أن نستعرض مثل هذه الشروط دعونا أولاً نتعرف على ماهية وأهمية (الضرورات والمزايا) هكذا استراتيجية والصعوبات أو المساوئ التي ترتبط بتطبيقها.
الماهية: من المعروف أن دورة حياة المنتج تبدأ بولادة فكرة المنتج وتنتهي بموته، إلا أننا سنسمح لأنفسنا هنا – لأغراض عملية – بأن نقصد بدورة الحياة القصيرة للمنتج قصر الفترة ما بين ولادته وبين سحبه من السوق حياً في أواخر مرحلة النضوج.
إن طرحاً كهذا ما كنا لنقدمه لولا الظروف التي استعرضنا بعضها، بمعنى أن طرحاً كهذا يتناسب مع مجاراة هذه الظروف:
فمن ناحية العملاء: فإن المنظمة - وانطلاقاً من المفهوم الحديث للتسويق والذي يجعل العميل هو نقطة البدء وهو منتهى العملية التسويقية - يجب أن تعي تماماً معنى أن العصر الحالي هو عصر الاستهلاك، حيث تحول الاستهلاك إلى قيمة بحد ذاته وأصبح المستهلك ( حتى في الدول الفقيرة في ظل الانفتاح والإطلاع على الأنماط الاستهلاكية البذخية المثيرة في الدول المتقدمة) نهم إلى شتى أنواع المنتجات الاستهلاكية ويرغب دائماً بالجديد والمزيد فالاستهلاك كماء البحر كلما شربت كلما ازددت ظمأً.
وتملك الخدمات أهمية خاصة ضمن قائمة الاستهلاك ويجب على المنظمة إيلائها أهمية خاصة.
وإذا ما علمنا أن المنتجات الاستهلاكية المادية منها والخدمية هي أكثر أنواع المنتجات قدرة على تحريض وخلق الطلب ومرونة في التغيير والتطوير أو الإبدال بغيرها من المنتجات الجديدة، فإننا ندرك مدى أهمية مثل هذه الإستراتيجية المقترحة.
ومن ناحية المنافسة: نعلم أن الاحتكار – فيما إذا كانت المنظمة تتمتع بوضع احتكاري في السوق – لا يمكن أن يدوم في الظروف الراهنة من توفر المعلومات بشكل كبير وسريع واشتداد المنافسة بسبب عدم وجود قيود (إلى حد ما) تمنع دخول المنافسين خاصة في ظل وجود قوانين تمنع الاحتكار وفي ظل تحرير التجارة الدولية، بالإضافة إلى تنوع عناصر المنافسة لتشمل أيضاً المنافسة غير السعرية مما يعني في المحصلة انخفاض ميزات البقاء في هذه السوق. ولذلك فإن مثل هذه الاستراتيجية يمكن وصفها باستراتيجية التجنب في الوقت المناسب.
ومن ناحية البيئة: فإن هذه الإستراتيجية يمكن أن تخدم هدف الحفاظ على البيئة وذلك من خلال استبدال المنتجات الضارة بالبيئة بأخرى غير ضارة أو اقل ضرراً، وخاصة أن التطورات العلمية والتكنولوجية المعاصرة تكشف لنا يومياً أضراراً مختلفة للكثير من المنتجات والمواد الداخلة في صنعها من ناحية، وإمكانية استخدام منتجات أخرى أفضل بيئياً من ناحية أخرى.
ومن الناحية التكنولوجية: فإن التسارع الكبير في منجزات العلم والتقنية توفر دائماً البدائل الأفضل والأرخص و الأكثر فعالية والأكثر توفيراً في الموارد الاقتصادية النادرة مما يسرع التقادم المعنوي للمنتجات القديمة ويحث على استبدالها أو على الأقل على تطويرها وتحديثها فنياً أو شكلياً.
ومن ناحية التحولات الاقتصادية المحلية والدولية: فإن الاقتصاد المعاصر أصبح يختلف بشكل جزري عما كان عليه سابقاً: فمن ناحية أولى أصبح الاقتصاد الجديد هو اقتصاد معرفي، ونعلم أن مجال المعلوماتية والخدمات هو مجال شديد التنويع وسريع التغيير والتطوير. ومن ناحية ثانية – وقد تكون نتيجة لما سبق- أصبحت الدورات الاقتصادية أقل حدة وأقصر زمنياً عما كان سابقاً وهذا يتطلب تغيير وتطوير كل الإستراتيجيات الاقتصادية وعلى رأسها الإستراتيجية التسويقية بإكسابها مرونة أكبر وقدرة على تلبية المتغيرات الاقتصادية بشكل يتوافق مع التغيرات الهيكلية في الاقتصاديات المحلية والدولية.
الميزات: إن استراتيجية كهذه تتضمن العديد من الميزات نذكر منها:
- ترك سمعة ممتازة: إن المنظمة التي تسحب منتجها وهو في تألقه (الاعتزال في أوج النجاح) لابد أن تكتسب شهرة وسمعة جيدة وتترك العميل في ترقب وشوق للمنتج الجديد، وهذا ما يساعدها كثيراً في طرحه وضمان نجاحه ولو نفسياً.
- قيادة السوق واكتساب سمعة المبادرة والريادة في طرح المنتجات الجديدة، إذ أنه على الرغم من (أن النسخ والتقليد أسهل من الاختراع إلا أنه لا يمكن لأي مؤسسة تسعى للاستمرارية والنمو أن تتجاهل ضرورة التحديث). ([7])
من استعرا ضنا هذا لضرورات ومزايا هذه الإستراتيجية المقترحة يتبين لنا أن خيارها قد يكون حتمياً وخاصة أنها تولي عنصر الزمن أهمية بالغة في النشاط الاقتصادي إذ من المعروف أن من يستطيع أن يدير الوقت بنجاح (أهم عنصر من عناصر الإنتاج) سيكون الرابح وخير مثال على ذلك أن ((اليابانيين يمكن أن يقدموا منتجاً جديداً في نصف الوقت الذي يستغرقه نفس العمل لدى منافسيهم الأمريكيين، وفي ثلث الوقت الذي يستغرقه الأوروبيون. فاليابانيون يعيدون الآن تنظيم عملية البحث والتطوير بحيث إن المجهود اللازم تقليدياً لتطوير منتج واحد يعطي في نفس الوقت ثلاثة منتجات. وأصبح شعار اليابان الجديد: ّّّ ّكلما أمكننا الإقلاع عن المنتج الجديد بأسرع ما يمكن كنا أقوى وأكثر تحقيقاً للربح‘‘)) ([8])
وطالما أننا قدمنا سابقاً مقارنة بين الإستراتيجية الحربية والإستراتيجية التسويقية فإننا لا نجد غضاضة أن نقارن من جديد بينهما من ناحية تغيير أو تطوير هذه الإستراتيجية باتجاه الإستراتيجية المقترحة. فكما نعلم إن الحروب التقليدية كادت أن تنقرض (لم يعد بالإمكان الحديث عن حرب كحرب البسوس) إذ لم يعد بالإمكان الحديث عن حرب تمتد لسنوات (كالحرب العالمية الأولى والثانية)، فالإستراتيجيات الحربية المعاصرة تقوم على التكنولوجيا والمعدات النووية بشكل أساسي والتي يمكن أن تفني العالم خلال بضعة دقائق، وأصبحت استراتيجيات الخصوم تقوم على البحث في إمكانية الرد السريع قبل فوات الأوان (خلال ثواني مثلاً) وإلا فلن يكون هناك رد نهائياً. وحتى الحروب التقليدية أصبحت تعتمد على استراتيجية الهجمات السريعة والخاطفة والتي لا تترك مجالاً للعدو للاستعداد أو حتى للالتقاط الأنفاس والصحو من الذهول. وطالما أن الإستراتيجية التسويقية هي إستراتيجية هجومية فيجب أن نعي الدرس تماماً من الإستراتيجية الحربية المعاصرة في الاستنفار الدائم والحرص على أن نكون البادئين والمبادرين دائماً في كل أنشطة السوق.
المساوئ: إن استراتيجية كهذه لابد أن تتضمن العديد من العيوب والعقبات نذكر منها:
- عدم استغلال الطاقات الممكنة والفرص المتوفرة بشكل كامل.
- ضعف المرونة في الانتقال من مجال إنتاج إلى آخر، أو من تشكيل إنتاجي إلى آخر.
- تكاليف مرتفعة للأبحاث والتطوير نظراً للأهمية البالغة لهذا النشاط بشكل عام وفي مثل هذه الاستراتيجية بشكل خاص.
- التأثير على العادات والتقاليد و السلوكيات الاستهلاكية، وتشجيع الأنماط الاستهلاكية البذخية.
بالإضافة إلى ما ذكرناه حول الميزات والعيوب فإننا يمكن أن نضيف بنداً آخر قد يُصنف ضمن الأولى وقد يًصنف ضمن الثانية وهو: تسريع هذه الاستراتيجية للتقادم المعنوي للمنتجات وخاصة في مجال المعلومات والاتصالات والإلكترونيات. وخير مثال على ذلك منتجات شركة مايكروسوفت من البرمجيات والتي لا نكاد نتعرف عليها ونستخدمها حتى تطرح الشركة نسخ أحدث أو برامج أخرى أقوى وأفضل ولم نمتلك بعد ناصية الأولى أو لم نستخدم كامل إمكانياتها.
الشروط: إن الأخذ بمثل هذه الاستراتيجية ليس سهلاً ولذلك لابد من تحديد الظروف التي قد تساعد أو تفرض ذلك ومنها:
- وجود منافسة قوية في السوق، وظهور منتجات بديلة.
- دخول منافسين جدد إلى نفس القطاع.
- ميل الأسعار نحو الانخفاض.
- وجود قسم في المنظمة للأبحاث والتطوير قوي ومؤهل ولديه ابتكارات و بدائل شبه جاهزة للعرض في السوق.
ويساعد بشكل كبير على تطبيق مثل هذه الاستراتيجية ما إذا كانت المنظمة تعمل بشكل خاص في مجال الخدمات بسبب خصوصية هذا القطاع ومرونته النسبية في التغيير.
2. استراتيجية تدويل النشاط التجاري والتسويقي:
من المعروف أن التجارة الدولية تسير بشكل متسارع نحو التحرر من القيود المختلفة التي تفرضها الدول والمنظمات، ولذلك فإن انفتاح الأسواق العالمية وحرية حركة الأشخاص والأموال والسلع سيشجع المنظمة على غزو أسواق جديدة (ما أمكن ذلك) من أجل بسط هيمنة المنتج واحتلاله حصة متنامية من الأسواق العالمية، ولذلك فعلى المنظمة أن تستفيد من هذه الإمكانية بشكل مدروس وذلك من خلال:
أ. يجب الاهتمام بنوعية المنتج وخاصة ذلك الموجه نحو الأسواق الخارجية وتقديم مختلف أشكال الدعم الممكنة لهذه الصادرات (في إطار الاتفاقيات الدولية أو الثنائية) من قبل المنظمة ومن قبل الحكومة.
ب. يجب العمل على وضع عدة أنواع وأشكال من المنتج تتناسب مع مختلف الأذواق والعادات الاستهلاكية، لأننا في مثل هذه الحالة نتعامل مع نوعيات مختلفة من المستهلكين ذوي ثقافات واتجاهات واحتياجات ورغبات مختلفة.
ج. يجب دراسة السعر بشكل دقيق ومقارنته مع الأسعار المحلية والدولية وسعر الصرف.
ومن المعلوم أن تحقيق هذه الشروط: الجودة والتنويع والسعر المناسب، هي أهم الشروط الضرورية لنجاح غزو المنتج للأسواق الخارجية.
3. التحول بشكل متزايد نحو التجارة الإلكترونية:
إن عولمة المنتجات ودخول الأسواق الدولية لا يمكن أن يتم بالصورة الأسرع والأكثر انتشاراً إلا بالتحول نحو التجارة الإلكترونية وخاصة مع التطور التكنولوجي الذي تمثل في تطور أساليب الاتصال وشدة الحاجة إلى تخفيض الوقت المستغرق في عملية التسويق والتسوق إلى حده الأدنى.
ويمكن لنا أن نتلمس بعض أهم التأثيرات التي تمارسها التجارة الإلكترونية على العملية التسويقية من خلال التحولات التالية:
1. تأثير التجارة الإلكترونية على المنظمة: إن التجارة الإلكترونية أحدثت تغييرات جوهرية في عمل المنظمات وهيكلها التنظيمي وذلك بإحداثها ما يُعرف بالتاجر الإلكتروني (Cyber Trader) والمشاريع الافتراضية (Virtual Enterprises) وهي عبارة من منظمة ليس لها حضور مادي وإنما تعمل في فضاء إلكتروني (Cyber Space) من خلال الربط بالإنترنت. ومن الطبيعي أن يكون لمثل هذه التغيرات آثار كبيرة وجذرية في التعامل مع هذا النمط الجديد من المنظمات تنظيمياً وهيكلياً وتسويقياً
2. تأثير التجارة الإلكترونية على الأسواق: إن التجارة الإلكترونية تفترض سوقاً جديدة للعارضين والطالبين حيث يتم التفاوض وتحديد الأسعار، وتسمح بإجراء مداولات بين عدد كبير من المنظمات وتضع تحت تصرف كل منها كم هائل من المعلومات وبتكلفة زهيدة. ولكن لابد من الإشارة إلى أن جعل التجارة الإلكترونية العالم سوقاً واحدة يخلق تحديات جديدة لابد من التصدي لها ونذكر منها:
أ. ظهور منافسين لا ينتمون إلى القطاع نفسه ومثال على ذلك شركة Amazon. com التي أصبحت تلعب دور مركز تجاري للإنترنت بعد شرائها لشركتين تعملان في مجال تقنيات المعلومات.
ب. ظهور الوسطاء غير المعروفين، وهذه ميزة للمنظمات الصغيرة والمتوسطة بتواجدها إلى جانب الشركات الكبيرة.
ج. ظهور تحالفات استراتيجية.
د. تغير حجم السوق بشكل دائم وغير متوقع.
ه. بالإضافة إلى ذلك يمكن ذكر مخاطر مثل: ([9]) توفر المعلومات بشكل مبالغ فيه، الشفافية وعدم السرية، النصب الإلكتروني الخ....
3. تأثير التجارة الإلكترونية على المستهلكين: إن التجارة الإلكترونية تسهل على المستهلكين الإطلاع على مواصفات وعروض السلع، بحيث يمكنهم المفاضلة بين الكثير من العارضين من كل بقاع العالم بسرعة وتكلفة قليلة والشراء على الانترنيت والدفع في كثير من الأحيان عبر هذه الشبكة، وعندما تكون السلعة المشتراة رقمية (مؤلفات، استشارات، أغاني، موسيقى، أفلام....) فيمكن استلامها عبر هذه الشبكة.
4. تأثير التجارة الإلكترونية على تكاليف النشاط التسويقي: إن التجارة الإلكترونية تساعد على تخفيض هذه التكاليف للأسباب التالية: ([10])
أ. إن تكلفة استحداث موقع تجاري على الإنترنت لا تتجاوز في كثير من الأحيان بضعة مئات من الدولارات.
ب. إن التكاليف الموافقة لتبادل العروض من أجل الشراء أصبحت معدومة من خلال المواقع التي توفر كل ما يتعلق بالسلع وبأي لحظة على مدار الساعة، وبسرعة هائلة وعدم الحاجة إلى التخزين وانتظار الردود على العروض وتأخر الوصول الخ...
ت. تخفيض تكاليف الدعاية والإعلان بشكل كبير، فمن الطباعة التقليدية والنشر الورقي مع النقل والتوزيع إلى الدعاية الإلكترونية الميسرة والأوتوماتيكية عبر المواقع، مما ساهم بشكل كبير في زيادة المبيعات وتخفيض تكاليف الصفقات، وخير دليل على نجاح هذا الأسلوب هو أن نسبة المواقع التجارية على الإنترنت بهدف الإعلان والترويج تفوق الـ 80%
ث. تخفيض تكاليف التوزيع والشحن والتسليم للسلع عير المادية كالخدمات المالية والاستشارية والبرمجيات والسياحة والترفيه بسبة 50% إلى 90%. وتخفيضها أيضاً بالنسبة للسلع المادية بشكل ملموس بسبب انخفاض التكاليف الإدارية والتخليص الجمركي حسب ما أفادت به منظمة التجارة العالمية WTO عام 1998.
إن التحول نحو التجارة الإلكترونية هو أمر لا مفر منه لا بل ومرغوب على الرغم من بعض العقبات والمساوئ، ولذلك على المنظمات أن تضع هذا الأمر نصب أعينها في وضع الاستراتيجيات التسويقية.وتؤكد على ذلك البيانات المعبرة عن تطور التجارة الإلكترونية كما هو واضح في الجدول أدناه الذي يُعبر عن هذا الاتجاه في التحول نحو التجارة الإلكترونية: [11])
([1]) د. محي الدين الأزهري و آخرون: مبادئ التسويق، مركز جامعة القاهرة للتعليم المفتوح 2001 ، ص 16.
([2]) د. خضير كاظم محمود: إدارة الجودة الشاملة، عمان 2000 ، ص 71، ص 74.
([3]) المرجع السابق ، ص 78، ص 83.
([4]) د. محي الدين الأزهري و آخرون: مبادئ التسويق، مرجع سابق، ص131.
([5]) د. عبد السلام أبو قحف: التسويق، الإسكندرية، بدون تاريخ، 69.
([6]) د. محي الدين الأزهري و آخرون: مبادئ التسويق، مرجع سابق ، ص131.
([7]) د. حسين علي: التسويق الدليل العلمي للاستراتيجيات والخطط التسويقية، دار الرضا للنشر، دمشق 2000، ص168 .
([8]) د. محي الدين الأزهري: مرجع سابق، ص134 .
([9])د. محي الدين الأزهري: مرجع سابق، ص 32-34.
([10]) روب سميس وآخرون،: التجارة الإلكترونية، ترجمة د.خالد العامري، القاهرة 2000 ، ص32،315.
([11]) المرجع السابق ص 83.
لقد مر مفهوم التسويق بتطورات كبيرة وجوهرية خلال القرن المنصرم وذلك بالتوازي مع التطورات الاقتصادية التي مرت بها الاقتصاديات المحلية والدولية، وصولاً إلى ما يُعرف بالمفهوم الحديث للتسويق والمفهوم الاجتماعي للتسويق.
ويمكننا تحديد الركائز الأساسية التي يقوم عليها هذا المفهوم الحديث للتسويق بما يلي:
1. إن النقطة الجوهرية في هذا المفهوم الحديث للتسويق تقوم على اعتبار أن العميل هو نقطة البداية وهو منتهى الغاية من النشاط التسويقي.
2. إن التسويق هو مسؤولية جميع عناصر وأفراد المنظمة على مختلف مواقعهم بحيث يُعتبر الجميع مجندين في خدمة العميل.
3. إن التسويق لا يجوز قصره – كما هو متعارف خطأ – على وظيفة البيع أو التوزيع والإعلان وإنما هو ّّّّّّّ ّ إشباع لاحتياجات العميل ّ ّ([1]) بالمعنى الواسع لهذه العبارة. بمعنى أن رجال التسويق يتعرفون على احتياجات ومتطلبات العملاء ويراعونها في وضع المزيج التسويقي.
4. إن موضوع التسويق لا يجوز قصره على المنتجات من السلع والخدمات، وإنما المنتج موضوع التسويق هو أي شيء يمكن أن يُشبع حاجة لدى المشتري أو المتلقي. ولذلك فإن التسويق يخص كل شيء ابتداءً من السلع والخدمات المادية وحتى الأفكار والأفراد والمنظمات. ولذلك فإننا نلمس ظهور كتابات تتوجه نحو مثل هذه المواضيع مثل تسويق الخدمات، تسويق الأفكار، تسويق الأشخاص، تسويق الأماكن الخ....
5. التسويق وإدارة الجودة الشاملة: استحوذت إدارة الجودة الشاملة Total Quality Management على اهتمام واسع من قبل الأكاديميين والإداريين والذين يعنون بشكل خاص بتطوير وتحسين الأداء الإنتاجي و الخدمي في مختلف المنظمات الإنسانية. و تعرف إدارة الجودة الشاملة بحسب وجهة النظر الأمريكية ([2]) بأنها: فلسفة وخطوط عريضة ومبادئ ترشد المنظمة لتحقيق تطور مستمر، وهي أساليب كمية بالإضافة إلى الموارد البشرية التي تحسن استخدام الموارد المتاحة وكذلك الخدمات، بحيث أن كافة العمليات داخل المنظمة تسعى لأن تحقق إشباع حاجات المستهلكين الحاليين والمرتقبين. ونستطيع تلمس أهمية TQM في التسويق من خلال تحقيقها المزايا التسويقية التالية: ([3])
انحسار شكاوي المستهلكين وتحقيق رضاهم: من خلال تحديد ما ينبغي تقديمه للعملاء، وتحديد الأنشطة المؤداة من مختلف العاملين ابتداءً من مرحلة بحوث التسويق بغية تحديد المواصفات المراد إعطائها للمنتج المزمع تقديمه، ومروراً بالتصميم والتطوير ومرحلة الإنتاج ثم النقل والتخزين والمناولة والتوزيع، وأخيراً التركيب وخدمات ما بعد البيع. وهذا بالطبع سيؤدي: من جهة أولى إلى تصميم منتجات تنسجم مع رغبات وحاجات المستهلكين بمختلف طموحاتهم، ومن جهة ثانية إلى الاحتفاظ بالمستهلكين الحاليين وجذب مستهلكين مرتقبين. مما سيؤدي بالنتيجة إلى انعدام شكاوي المستهلكين وهذا يعني انخفاض التكاليف بشكل عام، حيث ظهر في الشركات الأوروبية عام 1984 أن نسبة تكاليف شكاوى المستهلكين من إجمالي المبيعات بلغت 14%، وقد تم تخفيضها إلى 0.9% في عام 1988 بفضل استخدام هذا المدخل في التسويق.
- تحقيق الربحية والقدرة التنافسية في السوق.
- زيادة الحصة السوقية.
- تقليص تكاليف النوعية.
مفهوم استراتيجية التسويق
إن مفهوم الاستراتيجية التسويقية يعبر عن الخطوات المتخذة على صعيد المنتَج والسوق والهادفة إلى تطوير أو وضع خطة تسويقية طويلة الأمد.
من هذا المفهوم يتبين لنا أن الاستراتيجية التسويقية يجب أن تقرر – بالخطوط العامة – كيف يجب أن يتم اختيار وتحليل السوق المستهدف من جهة أولى، وتحديد المزيج التسويقي من جهة ثانية.
وبالمقارنة مع الاستراتيجية الحربية والتكتيك الحربي، وحيث أن الاستراتيجية الحربية تخطط للحرب بشكل شامل وعلى كافة الجبهات وفي مختلف ميادين القتال، أما التكتيك الحربي فهو يختص بمعالجة وضع طارئ أو استثنائي تستدعيه أحوال ميدان القتال أو مستجدات فورية لا تحتمل التأجيل أو الانتظار لوضع استراتيجية جديدة، فإننا نستطيع أن نشبه هذا الاختلاف ما بين التكتيك الحربي و الاستراتيجية الحربية بالسياسات التسويقية والاستراتيجية التسويقية، حيث أن السياسات التسويقية هي عبارة عن برامج أو خطط تطبيقية قصيرة الأمد تختص بشكل محدد بجانب أو بعض الجوانب التسويقية والتي قد يُقرر تعديلها لمقابلة تطورات طارئة في أحوال السوق أو العملاء أو المنافسين أو الموردين الخ... بينما الاستراتيجية التسويقية هي أعم وأشمل وأبعد مدىً زمنياً، إذ أنها تشخص من جهة أولى وضع وهيكلية المؤسسة من أجل تحديد نقاط القوة ونقاط الضعف، ومن جهة ثانية بيئة المؤسسة الخارجية التي تعمل فيها المؤسسة من أجل تحديد الفرص والمخاطر. وكمثال للمقارنة بين السياسات و الاستراتيجيات التسويقية نقول بأن هناك سياسات تسويقية معينة وليكن لتعديل أو التأثير على إحدى أو بعض مراحل دورة حياة المنتج، أما دراسة وتخطيط كل مراحل دورة حياة المنتج فتقررها الاستراتيجية التسويقية
التطورات الحديثة في استراتيجيات التسويق
إن واضعي استراتيجيات التسويق في الظروف الراهنة يواجهون، وهم في صدد إعدادها، الكثير من التحديات والعقبات والتي لابد من إذلالها أو على الأقل التهيؤ لها في سبيل نجاح واستمرار المنظمة، إذ أن تسويق منتجاتها هو الذي يقرر نجاح أو فشل كل استراتيجيات وسياسات وخطط وبرامج المنظمة الأخرى سواء في مجال الإدارة بشكل عام أم في مجال التخطيط والإنتاج والتمويل الخ... وسواء كانت المنظمة تجارية أم صناعية أم خدمية أم كانت منظمة لا تهدف إلى الربح، فالتسويق في كل هذه الحالات إن لم يكن هو الهدف الوحيد فهو الهدف الرئيس.
ولذلك لابد من تحديد هذه الظروف والتي تتمثل بالمناخ العام والظروف الداخلية والخارجية للمنظمة والتي تمثل التحديات والعقبات من جهة وتتضمن الفرص والمكاسب من جهة ثانية، بالإضافة إلى تحديد الإستراتيجيات الملائمة انطلاقاً من معرفة هذه الظروف.
أولاً: بيئة المنظمة:
البيئة هي مجموعة من القيود التي تحدد سلوك المنظمة، كما تحدد نماذج أو طرق التصرف اللازمة لنجاح وبقاء المنظمة وتحقيق أهدافها. ([4])
سنقصد ببيئة المنظمة الظروف الداخلية والخارجية التي تعمل المنظمة فيها:
أ. الظروف والتحديات الداخلية:
إن التحديات الداخلية التي تواجه المنظمة تتعلق بالقدرات والموارد المتوفرة لها والاستخدام الأمثل والممكن لهذه الموارد. وإذا أردنا أن نحدد مثل هذه القدرات والموارد فإننا يمكن أن نصنفها بشكل أساسي في ثلاثة جوانب وهي: الموارد البشرية، والموارد المالية، والبحوث والتطوير.
إن التحليل الاستراتيجي لهذه الإمكانيات والموارد يدخل ضمن مجال الاستراتيجية العامة للمنظمة وتحتاج إلى دراسة منفصلة، ولذلك لن نخوضها الآن، ونكتفي بالإشارة إلى أن تماسك البنية الداخلة للمنظمة من خلال توفير الكوادر البشرية المؤهلة والموارد المالية الضرورية ووجود قسم أو هيئة للبحث والتطوير كفؤة وقادرة دائماً على ابتكار الجديد أو التغيير والتجديد، لهو بمثابة الدعامة والأساس المتين الذي تستطيع المنظمة من خلاله التعامل بقوة وبشكل فاعل ومؤثر بالظروف الخارجية.
ب. الظروف والتحديات الخارجية:
إن الظروف الخارجية هي مجموعة المتغيرات المحلية والدولية التي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على أعمال المنظمة، ويمكن تصنيفها في مجموعتين: المجموعة الأولى وتتعلق بظروف العمل (أو السوق) وهي (تؤثر وتتأثر مباشرة بعمليات المنظمة الرئيسية كالملاك والموردين والمجتمع المحلي والمنافسين والعملاء ...) ([5]). المجموعة الثانية وتتعلق بظروف المجتمع والبيئة الدولية وتتضمن (قوى أكثر عمومية لا تمس مباشرة أو تؤثر مباشرة على نشاطات المنظمة في المدى القصير، ولكنها غالباً ما تؤثر في قراراتها طويلة المدى كالقوى الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والقانونية والسياسية) ([6]) وبشكل اكثر تحديداً فإن هذه الظروف يمكن حصرها بالنواحي التالية: العولمة وتحرير التجارة الدولية، التجارة الإلكترونية، الأزمات الاقتصادية، التحولات التكنولوجية العالمية، القضايا والمشاكل البيئية.
وإذا كنا قد تحدثنا أعلاه بشكل خاص عن التحديات والعقبات الناشئة عن بيئة المنظمة الداخلية والخارجية، ولم نشر إلى الفرص والمكاسب الممكنة، فإن ذلك لا يعني انتفائها وإنما إشارة إلى أن قدرة المنظمة على التحكم بهذه التحديات إنما هو في حقيقة أكبر مكسب لها.
ثانياً: الإستراتيجيات التسويقية:
إن التحليل المعمق لهذه الظروف الموضوعية المحيطة بالمنظمة يضعنا أمام خيارين صعبين: فإما الرضوخ لهذه الظروف، بمعنى وضع استراتيجيات تستطيع المنظمة البقاء الاستمرار في ظلها، بكل ما يعني ذلك من آثار قد يكون بعضها غير مرغوب اجتماعياً أو ثقافياً الخ... ولكنه هو الحل التجاري الوحيد لاستمرارها. وإما الموت البطيء أو السريع للمنظمة تحت وطأة هذه التحديات العنيدة؟
وبما أن منظمات الأعمال تضع على رأس أولوياتها الهدف التجاري فإن الخيار الأول هو قدرها لا محالة، ولا يبقى أمامها سوى البحث عن الإستراتيجيات التي تتوافق مع هذه الظروف المحيطة. وإذا ما أردنا أن نستعرض مثل هذه الإستراتيجيات فإنه يمكننا اقتراح التالية:
1. استراتيجية دورة الحياة القصيرة للمنتج:
قد يبدو للبعض أن اقتراح مثل هذه الإستراتيجية يعد نوعاً من الانتحار، ولكن الأمر بحقيقته عكس ذلك تماماً فكيف يكون ذلك؟
إن اقتراحنا لمثل هذه الإستراتيجية يتطلب توفر شروط قاسية لابد منها لتوفير نجاحها. وقبل أن نستعرض مثل هذه الشروط دعونا أولاً نتعرف على ماهية وأهمية (الضرورات والمزايا) هكذا استراتيجية والصعوبات أو المساوئ التي ترتبط بتطبيقها.
الماهية: من المعروف أن دورة حياة المنتج تبدأ بولادة فكرة المنتج وتنتهي بموته، إلا أننا سنسمح لأنفسنا هنا – لأغراض عملية – بأن نقصد بدورة الحياة القصيرة للمنتج قصر الفترة ما بين ولادته وبين سحبه من السوق حياً في أواخر مرحلة النضوج.
إن طرحاً كهذا ما كنا لنقدمه لولا الظروف التي استعرضنا بعضها، بمعنى أن طرحاً كهذا يتناسب مع مجاراة هذه الظروف:
فمن ناحية العملاء: فإن المنظمة - وانطلاقاً من المفهوم الحديث للتسويق والذي يجعل العميل هو نقطة البدء وهو منتهى العملية التسويقية - يجب أن تعي تماماً معنى أن العصر الحالي هو عصر الاستهلاك، حيث تحول الاستهلاك إلى قيمة بحد ذاته وأصبح المستهلك ( حتى في الدول الفقيرة في ظل الانفتاح والإطلاع على الأنماط الاستهلاكية البذخية المثيرة في الدول المتقدمة) نهم إلى شتى أنواع المنتجات الاستهلاكية ويرغب دائماً بالجديد والمزيد فالاستهلاك كماء البحر كلما شربت كلما ازددت ظمأً.
وتملك الخدمات أهمية خاصة ضمن قائمة الاستهلاك ويجب على المنظمة إيلائها أهمية خاصة.
وإذا ما علمنا أن المنتجات الاستهلاكية المادية منها والخدمية هي أكثر أنواع المنتجات قدرة على تحريض وخلق الطلب ومرونة في التغيير والتطوير أو الإبدال بغيرها من المنتجات الجديدة، فإننا ندرك مدى أهمية مثل هذه الإستراتيجية المقترحة.
ومن ناحية المنافسة: نعلم أن الاحتكار – فيما إذا كانت المنظمة تتمتع بوضع احتكاري في السوق – لا يمكن أن يدوم في الظروف الراهنة من توفر المعلومات بشكل كبير وسريع واشتداد المنافسة بسبب عدم وجود قيود (إلى حد ما) تمنع دخول المنافسين خاصة في ظل وجود قوانين تمنع الاحتكار وفي ظل تحرير التجارة الدولية، بالإضافة إلى تنوع عناصر المنافسة لتشمل أيضاً المنافسة غير السعرية مما يعني في المحصلة انخفاض ميزات البقاء في هذه السوق. ولذلك فإن مثل هذه الاستراتيجية يمكن وصفها باستراتيجية التجنب في الوقت المناسب.
ومن ناحية البيئة: فإن هذه الإستراتيجية يمكن أن تخدم هدف الحفاظ على البيئة وذلك من خلال استبدال المنتجات الضارة بالبيئة بأخرى غير ضارة أو اقل ضرراً، وخاصة أن التطورات العلمية والتكنولوجية المعاصرة تكشف لنا يومياً أضراراً مختلفة للكثير من المنتجات والمواد الداخلة في صنعها من ناحية، وإمكانية استخدام منتجات أخرى أفضل بيئياً من ناحية أخرى.
ومن الناحية التكنولوجية: فإن التسارع الكبير في منجزات العلم والتقنية توفر دائماً البدائل الأفضل والأرخص و الأكثر فعالية والأكثر توفيراً في الموارد الاقتصادية النادرة مما يسرع التقادم المعنوي للمنتجات القديمة ويحث على استبدالها أو على الأقل على تطويرها وتحديثها فنياً أو شكلياً.
ومن ناحية التحولات الاقتصادية المحلية والدولية: فإن الاقتصاد المعاصر أصبح يختلف بشكل جزري عما كان عليه سابقاً: فمن ناحية أولى أصبح الاقتصاد الجديد هو اقتصاد معرفي، ونعلم أن مجال المعلوماتية والخدمات هو مجال شديد التنويع وسريع التغيير والتطوير. ومن ناحية ثانية – وقد تكون نتيجة لما سبق- أصبحت الدورات الاقتصادية أقل حدة وأقصر زمنياً عما كان سابقاً وهذا يتطلب تغيير وتطوير كل الإستراتيجيات الاقتصادية وعلى رأسها الإستراتيجية التسويقية بإكسابها مرونة أكبر وقدرة على تلبية المتغيرات الاقتصادية بشكل يتوافق مع التغيرات الهيكلية في الاقتصاديات المحلية والدولية.
الميزات: إن استراتيجية كهذه تتضمن العديد من الميزات نذكر منها:
- ترك سمعة ممتازة: إن المنظمة التي تسحب منتجها وهو في تألقه (الاعتزال في أوج النجاح) لابد أن تكتسب شهرة وسمعة جيدة وتترك العميل في ترقب وشوق للمنتج الجديد، وهذا ما يساعدها كثيراً في طرحه وضمان نجاحه ولو نفسياً.
- قيادة السوق واكتساب سمعة المبادرة والريادة في طرح المنتجات الجديدة، إذ أنه على الرغم من (أن النسخ والتقليد أسهل من الاختراع إلا أنه لا يمكن لأي مؤسسة تسعى للاستمرارية والنمو أن تتجاهل ضرورة التحديث). ([7])
من استعرا ضنا هذا لضرورات ومزايا هذه الإستراتيجية المقترحة يتبين لنا أن خيارها قد يكون حتمياً وخاصة أنها تولي عنصر الزمن أهمية بالغة في النشاط الاقتصادي إذ من المعروف أن من يستطيع أن يدير الوقت بنجاح (أهم عنصر من عناصر الإنتاج) سيكون الرابح وخير مثال على ذلك أن ((اليابانيين يمكن أن يقدموا منتجاً جديداً في نصف الوقت الذي يستغرقه نفس العمل لدى منافسيهم الأمريكيين، وفي ثلث الوقت الذي يستغرقه الأوروبيون. فاليابانيون يعيدون الآن تنظيم عملية البحث والتطوير بحيث إن المجهود اللازم تقليدياً لتطوير منتج واحد يعطي في نفس الوقت ثلاثة منتجات. وأصبح شعار اليابان الجديد: ّّّ ّكلما أمكننا الإقلاع عن المنتج الجديد بأسرع ما يمكن كنا أقوى وأكثر تحقيقاً للربح‘‘)) ([8])
وطالما أننا قدمنا سابقاً مقارنة بين الإستراتيجية الحربية والإستراتيجية التسويقية فإننا لا نجد غضاضة أن نقارن من جديد بينهما من ناحية تغيير أو تطوير هذه الإستراتيجية باتجاه الإستراتيجية المقترحة. فكما نعلم إن الحروب التقليدية كادت أن تنقرض (لم يعد بالإمكان الحديث عن حرب كحرب البسوس) إذ لم يعد بالإمكان الحديث عن حرب تمتد لسنوات (كالحرب العالمية الأولى والثانية)، فالإستراتيجيات الحربية المعاصرة تقوم على التكنولوجيا والمعدات النووية بشكل أساسي والتي يمكن أن تفني العالم خلال بضعة دقائق، وأصبحت استراتيجيات الخصوم تقوم على البحث في إمكانية الرد السريع قبل فوات الأوان (خلال ثواني مثلاً) وإلا فلن يكون هناك رد نهائياً. وحتى الحروب التقليدية أصبحت تعتمد على استراتيجية الهجمات السريعة والخاطفة والتي لا تترك مجالاً للعدو للاستعداد أو حتى للالتقاط الأنفاس والصحو من الذهول. وطالما أن الإستراتيجية التسويقية هي إستراتيجية هجومية فيجب أن نعي الدرس تماماً من الإستراتيجية الحربية المعاصرة في الاستنفار الدائم والحرص على أن نكون البادئين والمبادرين دائماً في كل أنشطة السوق.
المساوئ: إن استراتيجية كهذه لابد أن تتضمن العديد من العيوب والعقبات نذكر منها:
- عدم استغلال الطاقات الممكنة والفرص المتوفرة بشكل كامل.
- ضعف المرونة في الانتقال من مجال إنتاج إلى آخر، أو من تشكيل إنتاجي إلى آخر.
- تكاليف مرتفعة للأبحاث والتطوير نظراً للأهمية البالغة لهذا النشاط بشكل عام وفي مثل هذه الاستراتيجية بشكل خاص.
- التأثير على العادات والتقاليد و السلوكيات الاستهلاكية، وتشجيع الأنماط الاستهلاكية البذخية.
بالإضافة إلى ما ذكرناه حول الميزات والعيوب فإننا يمكن أن نضيف بنداً آخر قد يُصنف ضمن الأولى وقد يًصنف ضمن الثانية وهو: تسريع هذه الاستراتيجية للتقادم المعنوي للمنتجات وخاصة في مجال المعلومات والاتصالات والإلكترونيات. وخير مثال على ذلك منتجات شركة مايكروسوفت من البرمجيات والتي لا نكاد نتعرف عليها ونستخدمها حتى تطرح الشركة نسخ أحدث أو برامج أخرى أقوى وأفضل ولم نمتلك بعد ناصية الأولى أو لم نستخدم كامل إمكانياتها.
الشروط: إن الأخذ بمثل هذه الاستراتيجية ليس سهلاً ولذلك لابد من تحديد الظروف التي قد تساعد أو تفرض ذلك ومنها:
- وجود منافسة قوية في السوق، وظهور منتجات بديلة.
- دخول منافسين جدد إلى نفس القطاع.
- ميل الأسعار نحو الانخفاض.
- وجود قسم في المنظمة للأبحاث والتطوير قوي ومؤهل ولديه ابتكارات و بدائل شبه جاهزة للعرض في السوق.
ويساعد بشكل كبير على تطبيق مثل هذه الاستراتيجية ما إذا كانت المنظمة تعمل بشكل خاص في مجال الخدمات بسبب خصوصية هذا القطاع ومرونته النسبية في التغيير.
2. استراتيجية تدويل النشاط التجاري والتسويقي:
من المعروف أن التجارة الدولية تسير بشكل متسارع نحو التحرر من القيود المختلفة التي تفرضها الدول والمنظمات، ولذلك فإن انفتاح الأسواق العالمية وحرية حركة الأشخاص والأموال والسلع سيشجع المنظمة على غزو أسواق جديدة (ما أمكن ذلك) من أجل بسط هيمنة المنتج واحتلاله حصة متنامية من الأسواق العالمية، ولذلك فعلى المنظمة أن تستفيد من هذه الإمكانية بشكل مدروس وذلك من خلال:
أ. يجب الاهتمام بنوعية المنتج وخاصة ذلك الموجه نحو الأسواق الخارجية وتقديم مختلف أشكال الدعم الممكنة لهذه الصادرات (في إطار الاتفاقيات الدولية أو الثنائية) من قبل المنظمة ومن قبل الحكومة.
ب. يجب العمل على وضع عدة أنواع وأشكال من المنتج تتناسب مع مختلف الأذواق والعادات الاستهلاكية، لأننا في مثل هذه الحالة نتعامل مع نوعيات مختلفة من المستهلكين ذوي ثقافات واتجاهات واحتياجات ورغبات مختلفة.
ج. يجب دراسة السعر بشكل دقيق ومقارنته مع الأسعار المحلية والدولية وسعر الصرف.
ومن المعلوم أن تحقيق هذه الشروط: الجودة والتنويع والسعر المناسب، هي أهم الشروط الضرورية لنجاح غزو المنتج للأسواق الخارجية.
3. التحول بشكل متزايد نحو التجارة الإلكترونية:
إن عولمة المنتجات ودخول الأسواق الدولية لا يمكن أن يتم بالصورة الأسرع والأكثر انتشاراً إلا بالتحول نحو التجارة الإلكترونية وخاصة مع التطور التكنولوجي الذي تمثل في تطور أساليب الاتصال وشدة الحاجة إلى تخفيض الوقت المستغرق في عملية التسويق والتسوق إلى حده الأدنى.
ويمكن لنا أن نتلمس بعض أهم التأثيرات التي تمارسها التجارة الإلكترونية على العملية التسويقية من خلال التحولات التالية:
1. تأثير التجارة الإلكترونية على المنظمة: إن التجارة الإلكترونية أحدثت تغييرات جوهرية في عمل المنظمات وهيكلها التنظيمي وذلك بإحداثها ما يُعرف بالتاجر الإلكتروني (Cyber Trader) والمشاريع الافتراضية (Virtual Enterprises) وهي عبارة من منظمة ليس لها حضور مادي وإنما تعمل في فضاء إلكتروني (Cyber Space) من خلال الربط بالإنترنت. ومن الطبيعي أن يكون لمثل هذه التغيرات آثار كبيرة وجذرية في التعامل مع هذا النمط الجديد من المنظمات تنظيمياً وهيكلياً وتسويقياً
2. تأثير التجارة الإلكترونية على الأسواق: إن التجارة الإلكترونية تفترض سوقاً جديدة للعارضين والطالبين حيث يتم التفاوض وتحديد الأسعار، وتسمح بإجراء مداولات بين عدد كبير من المنظمات وتضع تحت تصرف كل منها كم هائل من المعلومات وبتكلفة زهيدة. ولكن لابد من الإشارة إلى أن جعل التجارة الإلكترونية العالم سوقاً واحدة يخلق تحديات جديدة لابد من التصدي لها ونذكر منها:
أ. ظهور منافسين لا ينتمون إلى القطاع نفسه ومثال على ذلك شركة Amazon. com التي أصبحت تلعب دور مركز تجاري للإنترنت بعد شرائها لشركتين تعملان في مجال تقنيات المعلومات.
ب. ظهور الوسطاء غير المعروفين، وهذه ميزة للمنظمات الصغيرة والمتوسطة بتواجدها إلى جانب الشركات الكبيرة.
ج. ظهور تحالفات استراتيجية.
د. تغير حجم السوق بشكل دائم وغير متوقع.
ه. بالإضافة إلى ذلك يمكن ذكر مخاطر مثل: ([9]) توفر المعلومات بشكل مبالغ فيه، الشفافية وعدم السرية، النصب الإلكتروني الخ....
3. تأثير التجارة الإلكترونية على المستهلكين: إن التجارة الإلكترونية تسهل على المستهلكين الإطلاع على مواصفات وعروض السلع، بحيث يمكنهم المفاضلة بين الكثير من العارضين من كل بقاع العالم بسرعة وتكلفة قليلة والشراء على الانترنيت والدفع في كثير من الأحيان عبر هذه الشبكة، وعندما تكون السلعة المشتراة رقمية (مؤلفات، استشارات، أغاني، موسيقى، أفلام....) فيمكن استلامها عبر هذه الشبكة.
4. تأثير التجارة الإلكترونية على تكاليف النشاط التسويقي: إن التجارة الإلكترونية تساعد على تخفيض هذه التكاليف للأسباب التالية: ([10])
أ. إن تكلفة استحداث موقع تجاري على الإنترنت لا تتجاوز في كثير من الأحيان بضعة مئات من الدولارات.
ب. إن التكاليف الموافقة لتبادل العروض من أجل الشراء أصبحت معدومة من خلال المواقع التي توفر كل ما يتعلق بالسلع وبأي لحظة على مدار الساعة، وبسرعة هائلة وعدم الحاجة إلى التخزين وانتظار الردود على العروض وتأخر الوصول الخ...
ت. تخفيض تكاليف الدعاية والإعلان بشكل كبير، فمن الطباعة التقليدية والنشر الورقي مع النقل والتوزيع إلى الدعاية الإلكترونية الميسرة والأوتوماتيكية عبر المواقع، مما ساهم بشكل كبير في زيادة المبيعات وتخفيض تكاليف الصفقات، وخير دليل على نجاح هذا الأسلوب هو أن نسبة المواقع التجارية على الإنترنت بهدف الإعلان والترويج تفوق الـ 80%
ث. تخفيض تكاليف التوزيع والشحن والتسليم للسلع عير المادية كالخدمات المالية والاستشارية والبرمجيات والسياحة والترفيه بسبة 50% إلى 90%. وتخفيضها أيضاً بالنسبة للسلع المادية بشكل ملموس بسبب انخفاض التكاليف الإدارية والتخليص الجمركي حسب ما أفادت به منظمة التجارة العالمية WTO عام 1998.
إن التحول نحو التجارة الإلكترونية هو أمر لا مفر منه لا بل ومرغوب على الرغم من بعض العقبات والمساوئ، ولذلك على المنظمات أن تضع هذا الأمر نصب أعينها في وضع الاستراتيجيات التسويقية.وتؤكد على ذلك البيانات المعبرة عن تطور التجارة الإلكترونية كما هو واضح في الجدول أدناه الذي يُعبر عن هذا الاتجاه في التحول نحو التجارة الإلكترونية: [11])
([1]) د. محي الدين الأزهري و آخرون: مبادئ التسويق، مركز جامعة القاهرة للتعليم المفتوح 2001 ، ص 16.
([2]) د. خضير كاظم محمود: إدارة الجودة الشاملة، عمان 2000 ، ص 71، ص 74.
([3]) المرجع السابق ، ص 78، ص 83.
([4]) د. محي الدين الأزهري و آخرون: مبادئ التسويق، مرجع سابق، ص131.
([5]) د. عبد السلام أبو قحف: التسويق، الإسكندرية، بدون تاريخ، 69.
([6]) د. محي الدين الأزهري و آخرون: مبادئ التسويق، مرجع سابق ، ص131.
([7]) د. حسين علي: التسويق الدليل العلمي للاستراتيجيات والخطط التسويقية، دار الرضا للنشر، دمشق 2000، ص168 .
([8]) د. محي الدين الأزهري: مرجع سابق، ص134 .
([9])د. محي الدين الأزهري: مرجع سابق، ص 32-34.
([10]) روب سميس وآخرون،: التجارة الإلكترونية، ترجمة د.خالد العامري، القاهرة 2000 ، ص32،315.
([11]) المرجع السابق ص 83.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق