مشكلات المواقع التجارية العربية
المواقع التجارية العربية تحتاج لحلول حتى تنمو وتوفر فرص عمل للشباب
رغم ما تتيحه التجارة الإلكترونية من فرص أمام الاستثمار العربي، فإنها تواجه عوائق عديدة، لعل أبرزها ضعف البنية التحتية التشريعية والتقنية؛ وهو الأمر الذي جعل هذا النوع من التجارة لا يتعدى نسبته من الناتج المحلي العربي حوالي 1.5%، ويبلغ معدل نموه 15%، مقارنة بمعدل النمو العالمي الذي يبلغ 30%(1).
وتتشابه المشكلات التي تواجهها مواقع المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مجال التجارة الإلكترونية بقسميها، B2B أي التجارة الإلكترونية بين مؤسسات الأعمال وبعضها، أو B2C أي التي بين مؤسسات تجارية والأفراد والمستهلكين؛ فالعناء الذي تواجهه المشروعات الصغيرة والمتوسطة في كليهما واحد.
وفي حديثه لشبكة "إسلام أون لاين.نت"، يؤكد محمود الشريف مدير التسويق بتجاري دوت كوم، وهو أحد المواقع التجارية في مجال (B2B) أهمية ما تتيحه التجارة الإلكترونية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة من فرص، من خلال اعتبارها نقطة دخول إلى الإنترنت بتكلفة صغيرة، وقدرتها على الوصول إلى المشترين والبائعين والمعلومات، بالإضافة إلى توفير التكلفة التي ينفقها المستثمر الصغير سواء على المعارض أو المحافظة على الزبائن، مع إمكانية اكتساب زبائن جدد دون اتصال فعلي ومباشر (face to face).
لكن هذه المزايا لا تفعل بشكل كبير لصالح المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بسبب قلة الوعي بأهمية التجارة الإلكترونية، وانخفاض نسب استخدام أجهزة الحواسب والإنترنت في العالم العربي، مقارنة بالعالم المتقدم، بالإضافة إلى الافتقاد لعنصر الأمان في أثناء التعامل مع الإنترنت من خلال ضمان الحفاظ على سرية المعلومات والبيانات، وأخيرا صعوبة عملية الدفع الإلكتروني وفقدان الثقة فيه وفقا للخبير التسويقي.
مشكلة التشريعات
ولا تزال المنطقة العربية تعاني من ضعف التشريعات في المجال الإلكتروني، وخاصة فيما يتعلق بمسائل حماية الدفع والتوقيع الإلكتروني، ووسائل الدخول على الشبكة وحماية البيانات، والإثبات الإلكتروني.
ويرجع البعض هذا العائق التشريعي إلى عدم إلمام أصحاب القرار التشريعي بتفاصيل العملية التقنية، بالإضافة إلى وجود موقف سياسي عربي مبني على خلفية اجتماعية وثقافية واقتصادية تحول دون وجود هذه التشريعات، مثل عدم الثقة التي صاحبت دخول الإنترنت في العالم العربي.
كما لا يوجد ضغط شعبي لإصدار مثل هذه التشريعات، فلا يزال استخدام الإنترنت في العالم العربي يعاني انخفاضا عاما؛ فوفقا لإحصائيات 2004 الصادرة عن الأمم المتحدة لا تتعدى نسبة مستخدمي الإنترنت 1% فقط من سكان الوطن العربي، بالإضافة إلى ضعف المجتمع المدني، مثل جمعيات حماية المستهلك التي تقوم عادة بالعمل كأداة ضغط لسن مثل هذه القوانين.
ويؤكد الخبير التسويقي أن مسئولية تنمية مجال التجارة الإلكترونية العربية وخاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، هي مسئولية تتشاركها الحكومة والقطاع الخاص. فبينما على الحكومة أن تساهم بدرجة كبيرة في شيوع استخدام الإنترنت وتسهيل وتقليل تكلفته، فعلى القطاع الخاص أن ينشر الوعي بأهمية الفوائد التي تتيحها التجارة الإلكترونية للتجار والمستثمرين، وبالتالي كلما ارتفع هذا الوعي زاد التواجد العربي في هذا المجال.
ورغم ذلك يرى الخبير بالسوق التجارية الإلكترونية أن أي خطوة تتخذ لدعم التجارة الإلكترونية العربية ستؤتي ثمارها، قائلا: إن هذا القطاع في العالم العربي لا يزال بكرا، وبالتالي من المتوقع أن يشهد نموا كبير خلال الفترة القادمة.
اقتراح إلكتروني
ولمواجهة مشكلات مشروعات التجارة الإلكترونية، يقترح رونالدو مشحور المدير التنفيذي لسوق دوت كوم وهي أحد مواقع التجارة المعنية بمجال (B2C) فكرة قيام مواقع إلكترونية تجارية كبرى، تستضيف التجار الصغار والمتوسطين، وتكون بمثابة مركز تجاري متنوع يلتقي فيه التجار بمختلف منتجاتهم، نظير عمولة عند إتمام عملية البيع.
وبرر مشحور هذا الاقتراح كحل للتكلفة المرتفعة التي تواجه التجار الإلكترونيين، وخاصة الصغار منهم في بداية دخولهم مجال التجارة الإلكترونية، حيث يتطلب بناء موقع متكامل، وشراء برامج البيع والدفع، وتكلفة الترويج، مبالغ ضخمة لا يتحملها التاجر الصغير، خاصة أن الاستخدام الضئيل للإنترنت للبيع والشراء في العالم العربي لا يتناسب مع حجم الإنفاق الكبير.
وأضاف أن وجود هذه المواقع الكبيرة تضفي ثقة العملاء على التجار الصغار المستضيفين من قبلها، بالإضافة إلى أنها تجعل التجار الصغار يركزون في اختيار منتجاتهم وطريقة عرضها وكذلك دراسة جمهوره وتلبية احتياجاته، والرد على استفساراته بشكل سريع، ووصف الخبير هذه العملية بأنها انتقلت من مسمى e-commerce المتعارف عليها إلى e-marketing أي التسويق الإلكتروني.
كما رأى مشحور أن بعض الشركات ابتكرت طرقا لمواجهة مشكلة الدفع الإلكتروني، منها استخدام طريقة "الكاشو كارت" بدلا من البطاقة الائتمانية، أو عن طريق الاتفاق مع شركات المواصلات لتأمين شحن المنتجات مع إمكانية الدفع نقدا.
وقلل المدير التنفيذي من خطورة بعض التجاوزات التي تحدث أحيانا في أثناء التعامل إلكترونيا؛ وهو ما جعل "الثقة والأمان" أهم مشاكل التجارة الإلكترونية، محملا "المصارف" هذه المسئولية من خلال إدخال عدة تقنيات وإجراء مراجعة إثباتات البيع للسلع ومراجعة البطاقات الإلكترونية أو وسائل التشفير والتقصي في حالات تحويل العملة.
السلع الأكثر ترويجًا
وحول أفضل المجالات التي يتم تسويقها إلكترونيًّا، أوضح الخبير في التجارة الإلكترونية أن السلع معروفة المواصفات هي التي تباع بشكل أفضل على الإنترنت، مثل تذاكر السفر، تليها الإلكترونيات، ثم الكتب، وتأتي في النهاية الملابس التي قد تواجه بعض المشاكل، سواء في التأكد من جودة الخامة أو المقاس، ورغم ذلك فإن الماركات العالمية لا تعاني في هذا الأمر لأنها تتمتع بنوع من الثقة عند العملاء.
وضرب مشحور مثلا على أهمية التجارة الإلكترونية، بما يحدث في موسم الأعياد في أمريكا حيث يشهد البيع عن طريق الإنترنت نموا بنسبة 30%، مقارنة بنمو مبيعات المحلات التقليدية بنسبة 10%؛ وهو ما يؤكد أهميته في توفير الوقت والجهد، مؤكدًا ضرورة التركيز على السلع ذات الجدوى الاقتصادية للمستخدم والعميل.
وأكد الخبير الإلكتروني على ضرورة تطوير هذا المجال من خلال النظام التعليمي والتثقيفي لتشجيع النشء على التعامل مع التكنولوجيا وعدم تخويفهم منها، من خلال التركيز على الفرص التي تتيحها، وتشجيع إنشاء المشاريع الإلكترونية وعدم وضع عوائق تحول دون ذلك، وتخفيض تكلفة استخدام الإنترنت.
موقع تجاري ناجح
وحتى يستطيع أي شاب عربي أن يبني موقعًا ناجحًا في التجارة الإلكترونية، فإن الموسوعة العربية للكمبيوتر والإنترنت تشير في هذا الصدد إلى 10 خطوات تتمثل في:
1. التخطيط وتحديد الأهداف المطلوبة من الموقع التجاري على الإنترنت حتى يغطي الاحتياجات ويعكس المعلومات المطلوب إظهارها للزبائن لضمان تطوير كفاءة العمليات وتحصيل العوائد.
2. تحديد سقف أولي لعدد الزبائن المتوقعين للموقع، مع رصد منطقة سوق جغرافية معينة يكون لدى الشركة معلومات جيدة عن ثقافتها واحتياجاتها، وإعداد آليات وتسهيلات لخدمة الزبائن العالميين والتفاهم معهم، ومن ذلك وضع أكثر من لغة على الموقع أو وضع مواقع مختلفة للدول والتحري عن التفاصيل الضريبية والجمركية عند إرسال السلع للزبائن وقضية التعامل مع العملات المحلية المختلفة ومعدلات الصرف والبنوك الدولية التي تشرف على عمليات التداول المالية.
3. ضرورة وضع ميزانية تكاليف خادم معلومات الموقع، وكذلك التسويق بالإضافة للصيانة والإدارة ومصاريف مصادر المعلومات والمواد والأقساط الشهرية وغيرها، فالعناية بالموقع وترقيته والمحافظة على تغيير آخر المعلومات فيه والتسويق الدائم تكاد تسبق أهمية صرف الأموال عليه؛ لأن المطلوب التحديث والخدمة أكثر من الإنفاق.
4. ضرورة إشراك جميع إدارات العمل في الشركة في المساهمة في إستراتيجية الموقع التجارية وأخذ الاقتراحات والمساهمات والمشاركات منها حتى يعكس الموقع تصورا متكاملا وناضجا للعمل يغطي كل مناطق العمل؛ وهذا يجعل الموقع الإلكتروني يفوز بمبادرات المشاريع المتنوعة بدلا عن أن يكون عمل إدارة واحدة هي إدارة المعلومات.
5. توفير الإمكانيات التقنية للمتصفحين؛ لأن تطور الكمبيوتر الشخصي السريع يجبر جميع المستخدمين على تركيب آخِر الابتكارات وعموما جميع الأجهزة مزودة بمجموعات الوسائط المتعددة التي تؤمن عرض الصوت والصور والفيديو.
6. الاهتمام بوضع قائمة محتويات الموقع ومراعاة علاقتها بالمتصفحين المطلوبين كمرحلة مبدئية ثم وضع محتويات لاحقة يتم إنزالها مع الوقت إلى الموقع مع تزايد العمليات عليه وهذه المحتويات يجب أن تتعلق باهتمامات الزبائن ويتم تعديلها بشكل مستمر.
7. اختيار اسم مختصر للموقع، فكلما كان صغيرا ورمزيا ومعبرا كان أفضل للتداول والتصفح؛ لأن ذلك يقلل احتمالات الخطأ في إدخال الاسم ويسهل تذكره.
8. ضرورة التأكد من فعالية صلات البريد الإلكترونية للموقع وسهولة الوصول إليه؛ لأنه الجسر الأساسي للتواصل مع الزبائن والتعامل معهم، وبدونه يبقى الموقع معزولا ولا معنى لوجوده على الشبكة.
9. بدء المرحلة التنفيذية للعمل التجاري الإلكتروني باختيار شركة تصميم المواقع الملائمة التي يمكن أن تقدم خدمات منتظمة للموقع، من خلال اختيار الشركة المناسبة من بين 3 شركات تلاحظ مواقعها وتاريخ عملها ومشاريعها وعدد الموظفين والمبرمجين لديها.
والمهم أن تكون معروفة بأعمالها الجديدة في التصميم؛ لأن هذا العامل حاسم، ويمكن تصميم الموقع ذاتيا، ولكن هذا العمل يحتاج إلى جهود جماعية وبرامج متخصصة ولا تقوم به الشركات إلا إذا كانت كبيرة أو تقدم هذا النوع من الخدمات.
10. تسويق الموقع وضمان تطويره الدائم، وبالتالي التركيز على الإجابة عن كيف يتم الإعلان وفي أي بلد ومع أي المواقع الإعلانية على الإنترنت، وعادة توضع ميزانية تسويق تساوي 30% من تكاليف تشغيل الموقع، مع إضافة 5-10% شهريا على التسويق الطارئ تبعا لتغيرات معطيات السوق وإحصاءات الدخول للموقع ومتغيرات أخرى، ومن الخطأ الاعتقاد بأن إطلاق الموقع وتشغيله يعني انتهاء المهمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق