الأعمال الإلكترونية
محمد بسام الكردي | |||
مقدمة:
أصبحت الشركات والمؤسسات التجارية على اختلاف طبائعها وأحجامها مطالبة وبقوة للدخول في عالم التقانة "تكنولوجيا المعلومات IT" الجديد،وذلك بالعمل ليس على أتمتة أعمالها فقط، وإنما على تقديم المعلومات والمحتوى المناسب والغزير والدقيق للمستهلك والشريك.
تشهد الأعمال الإلكترونية E-business نموا سريعاً بفضل ما توفره شبكة المعلومات الدولية من وسائل حديثة في التعاملات التجارية، التي ساهمت في التفاعل بين القطاع التجاري والمستهلكين.
وعلى الصعيد العالمي، يطرح العديد من الحكومات والمؤسسات الدولية مجموعة من الأنشطة والمبادرات ذات الصلة بالتجارة الإلكترونية، ومن هذه المؤسسات، على سبيل المثال - منظمة التجارة العالمية WTO، والمنظمة العالمية للملكية الفكرية WIPOوالاتحاد العالمي للاتصالات ITU ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD.وإن إدارة التجارة الإلكترونية تحرص على تعزيز قدراتها لتحقيق المتطلبات الجديدة في عالم التجارة بمستوى مهني متطور، يتماشى مع توجهات هذه المنظمات.
في هذا العصر الرقمي الذي تنتشر فيه الإنترنت انتشاراً هائلاً، شاع مفهوم التجارة الإلكترونية التي تتيح العديد من المزايا. ففيما يخص رجال الأعمال، أصبح من الممكن تجنب مشقة السفر للقاء شركائهم وعملائهم، وأصبح بمقدورهم اختصار الوقت والمال للترويج لبضائعهم وعرضها في الأسواق. أما الزبائن فليس عليهم التنقل كثيراً للحصول على ما يريدونه، أو الوقوف في رتلطويل، أو حتى استخدام النقود التقليدية، إذ يكفي اقتناء حاسوب، وبرنامج مستعرض للإنترنت، واشتراك بالإنترنت.
التجارة الإلكترونية:
يعد مصطلح التجارة الإلكترونية من المصطلحات الحديثة، فهو يشير إلى عمليات الشراء والبيع والتبادل للمنتجات السلعية والخدمية والمعلوماتية بواسطة شبكات الحواسيب، والإنترنت تحديداً.
ولا تقتصر التجارة الإلكترونية (E-commerce) -كما يظن البعض- على عمليات بيع وشراء السِلَع والخدمات عبر الإنترنت، إذ إن التجارة الإلكترونية- منذ انطلاقتها- كانت تتضمَّن دائما معاملات البيع والشراء وإرسال التحويلات المالية عبر شبكة الإنترنت، ولكن التجارة الإلكترونية في حقيقة الأمر تنطوي على ما هو أكثر من ذلك بكثير، فقد توسَّعت حتى أصبحت تشمل عمليات بيع وشراء المعلومات نفسها، جنباً إلى جنب مع السِلَع والخدمات، ولا تقف التجارة الإلكترونية عند هذا الحد، إذ إن الآفاق التي تفتحها التجارة الإلكترونية أمام الشركات والمؤسسات والأفراد لا تقف عند حد.
ويمكن أن ننظر إلى التجارة الإلكترونية من عدة زوايا. فمن منظور الاتصالات نجد أنها عملية تسليم للمعلومات والمنتجات السلعية والخدمية، وسداد الالتزامات والدفع بوسيلة إلكترونية أو وسيلة اتصال، سواء كانت خط هاتف أو شبكات الحاسوب أو غيرها. ومن منظور الأعمال فهي تطبيق للتقانة باتجاه أتمتة الأعمال والصفقات التجارية. أما من منظور الخدمات فإنها أداة لإشباع حاجات المستهلكين ومنظمات الأعمال، وتخفيض التكاليف مع تحسين جودة السلع والخدمات المقدمة وزيادة سرعتها. وأخيرا فإنها من منظور الشبكات المعلوماتية عبارة عن توفير قدرة بيع وشراء المنتجات والمعلومات بواسطة الإنترنت ووسائل شبكية أخرى.
ومن الخطأ تصور أن التجارة الإلكترونية هي مجرد بناء موقع على شبكة الإنترنت. فهناك شركات كثيرة لم تكن بالمستوى المطلوب، ولذلك كانت المواقع عبئاً عليها لا عوناً لها. إن مفهوم السوق اكتسب معنى جديداً في ظل التجارة الإلكترونية، فبدلاً من الأبنية والمحالّ التجارية والزينة، تحول هذا المكان المادي إلى فضاء إلكتروني على شبكات الحواسيب وخطوط الهاتف. فالسوق هنا هو شبكة من التفاعلات والعلاقات التي تنساب من خلالها المنتجات والخدمات والمعلومات وتبادل الأموال وسداد المستحقات من فواتير والتزامات أخرى. وقد تحول السوق من مكانه المادي إلى موقع على الشبكة عناصره الأساسية البائعون والمشترون والوسطاء - وإن كان دورهم قد تغير - وهؤلاء ينتشرون في أماكن عديدة ولا يعرف بعضهم بعضا، وتجري الصفقات دون رؤية أحدهم للآخر. وبهذا فهناك أمور عديدة يجب مراعاتها في سبيل تأمين عمليات البيع والشراء وعقد الصفقات الأخرى وكذلك مراعاة الجوانب الأخلاقية والقانونية وحماية المستهلكين من محاولات الغش والاحتيال.
إن التجارة الإلكترونية ليست نوعا واحدا، بل هناك درجات مختلفة منها، بين التجارة الإلكترونية الجزئية Partial EC والتجارة الإلكترونية التامة أو الخالصة Pure EC. فالأولى تعني أن المستهلك أو المشتري يملأ استمارة الطلب ب حاسوبه الشخصي،ويرسلها إلى البائع ويدفع قيمة الفاتورة إلكترونيا مستعملا بطاقة الائتمان، وينتظر تسلُّم البضاعة التي تصل إليه من طريق شركات متخصصة في تسليم المنتجات وبسرعة عالية. إذن هنا لدينا عمليات أُنجزت إلكترونيا (الطلب والسداد)، في حين أن عملية التسليم قد جرت ماديا أي بأسلوب التجارة التقليدية. لذا فإن هذا النمط هو ما اصطلح عليه بالتجارة الإلكترونية الجزئية، وخير مثال على ذلك، شراء الكتب والمستلزمات الأخرى.
ولتوضيح مفهوم التجارة الإلكترونية البحتة أو الكاملة نستعين بمثال شبيه بالمثال الأول وهو شراء برنامج حاسوبي جاهز، فالطلب والسداد وكذلك التسليم يكون إلكترونيا، ذلك أن البائع بمجرد تسلمه ثمن البرنامج المطلوب، يرسله إلى الحاسوب الشخصي للمشتري. ويعتمد المدى الذي يوضح كون التجارة إلكترونية كاملة أو جزئية، وإلى حد بعيد على خاصية التشفير أو الرقميةDigitization لكل من المنتج السلعي أو الخدمي، وكذلك للعملية وللوسيط أو الوكيل. فالمنتج يمكن أن يكون ماديا أو مشفرا ومفرغا في قرص مدمج CD وكذلك الحال فيما يخص العملية أو الوسيط. ولعل أكثر المنتجات مبيعا وتداولا في التجارة الإلكترونية هي تلك التي تتمتع بقابلية كبيرة للتشفير، مثل الكتب والموسيقى والألعاب وغيرها. وقد شهدت المدة من 1995 إلى 1999 تطورا هائلا في التعامل التجاري الإلكتروني، وكثرة المواقع التي يجري افتتاحها، إلى درجة أن الغالبية العظمى من الشركات الأمريكية سواء كانت كبيرة أو صغيرة لها مواقع على شبكة الإنترنت تتباين في ضخامتها وعدد صفحاتها. ولكن لا بد من الاستعانة بمثال لتوضيح هذا الأمر وهو شركة "جنرال موتورز"، إذ بلغ عدد صفحات موقعها في عام 1998 نحو 18000 صفحة من المعلومات، ويتضمن الموقع 98000 وصلة ربط (Link) للمنتجات والخدمات المختلفة التي تقدمها. ومن اللافت للنظر عند استقراء الإحصاءات المتعلقة بحجم التجارة الإلكترونية، أن الكثير من الشركات حققت نموا واسعا في حجم المبيعات، ولكن الأرباح المحققة لا توازي هذا النمو السريع في بداية ممارستها هذا النمط من التجارة.
والشركات التي كانت سباقة في هذا المجال حققت قفزات مهمة على صعيد أعمالها، وخير مثال على هذه الحالة ما حصل لشركةAmazon التي تعمل في حقل بيع الكتب على اختلاف أنواعها، فهي تسيطر على 50% من السوق الإلكتروني لبيع الكتب، مع أنها أُسست في تموز 1995 وبلغت مبيعاتها 7.15 مليون دولار في سنة 1998 محققة بذلك زيادة شهرية مقدارها 34% وهذا أمر كبير جدا في عالم الأعمال، وهو أقرب إلى الخيال منه إلى الحقيقة. ولكن هذا ما حصل فعلا. ولو رجعنا إلى أرقام العام 2000 لوجدنا أن مبيعات شركة Amazon بلغت 1.1 مليار دولار! وهذا ليس بمستغرب من هذه الشركة التي ارتفعت أسعار أسهمها إلى 200 دولار للسهم الواحد في عام 1999.
الأعمال الإلكترونية:
قد يرى البعض أن استعمال مصطلح (تجارة) يدل على عقد صفقات شراء وبيع فقط بين الأطراف المستفيدة، وهذه نظرة ضيقةإلى هذا الحقل الواسع. لذا يُستعمل مصطلح الأعمال الإلكترونية e-business. إن هذا المصطلح الأخير يتضمن جميع الأوجه الخاصة بالأعمال، من عولمة وتحسين للإنتاجية وإدارة لأوقات الانتظار وبحوث تسويقية وتقاسم للمعلومات مع المؤسسات والأفراد الآخرين. ويُعَدُّ الانتقال من نمط الأعمال التقليدية إلى نمط الأعمال الإلكترونية أمراً جديداً في عالم الأعمال، وهو أبرز مظهر لما يسمى اليوم (اقتصاد المعرفة). فالمعلومات والمعرفة في المنظمات اليوم تعدَّان أصلاً مهماً من أصولها، ولا يكفي أن تمتلك المنشآت أموالا سائلة وتجهيزات وأبنية لكي تؤدي أعمالها بكفاءة، بل إن قيمة المنشأة تقدر اليوم بأصولها المعرفية وما يتراكم لديها من معلومات. ولعل الأهم في المعلومات المتراكمة لدى المنشآت هو كيفية استخدامها لمصلحة المنشأة وتطوير موقعها التنافسي وزيادة أرباحها.
تعريف الأعمال الإلكترونية
يمكن استعمال تعبير ”الأعمال الإلكترونية“ – على أنه تعبير مختلف عن ”التجارة الإلكترونية" - لوصف الاستخدام المثير للإنترنت لتسريع تكامل الشركة.
في هذا السياق، تشير الأعمال الإلكترونية بالتحديد إلى “التخطيط وتنفيذ عمليات الواجهة الأمامية front_endوالواجهة الخلفيةback_end في سلسلة باستخدام الإنترنت“.
وعلى هذا يضم مصطلح الأعمال الإلكترونية e-business الاختصاصات التالية:
· التجارة الإلكترونية E-commerce
· تخطيط موارد الشركة Enterprise Resources Planning ERP
· إدارة سلسلة الموردين Supply Chain Management SCM
وسوف نعرّف كلاً من الاختصاصات الثلاثة الأخيرة:
تخطيط موارد الشركة ERP
هو نظام معلومات موجه محاسبياً لتحديد وتخطيط موارد الشركة الواسعة اللازمة للتوريد، والتصنيع، والبيع، والمحاسبة بناءً على طلبات الزبائن.
ومن ثم فهو منهج (إجرائية) للتخطيط الفعّال والتحكم بكل الموارد اللازمة للتوريد، والتصنيع، والبيع والمحاسبة حسب طلباتالزبائن في شركات التصنيع، أو التوزيع، أو الخدمات.
ERP: السياق والأهداف:
مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية والتقانية الهائلة التي شهدتها البشرية في العقود القليلة الماضية، أصبحت المعلومات أحد أهم موارد الشركات، والسلاح الأهم الذي تستخدمه لتحقيق بعض المزايا التنافسية. ونظراً لتقادم الأنظمة الحاسوبية في الشركات الكبرى والحاجة إلى تطوير الإدارة، وإلى أن يكون المنتج دولياً (قابلية التصدير) والتوزيع إلى جميع أنحاء العالم، وكذلك الحاجة إلى اختصار الوقت في بناء منتج جديد، والحاجة إلى المعلومة بغية فهم استراتيجيات المنافسة ومراقبة تطورات السوق مراقبة أفضل، وتوفير خدمة أحسن للزبون، لا بد من خطوة للتحديث لرفع كفاءة الشركة وتوفير قنوات اتصال إلكترونية حديثة للشركاء والموظفين، وتقديم خدمات إلكترونية سهلة وسريعة ومتميزة، ورفع مستوى الأداء والإنتاجية لموظفي الشركة، والوصول إلى المعلومات بسهولة وخفض التكلفة. ولأن أكثر الشركات تحتاج إلى برمجيات للمحاسبة وبرمجيات خاصة للشركة، يجب على نظام المعلومات أن يشمل كلّ وظائف الشركة برؤية محاسبية، أي يجب توفر الحل الشامل لمحاسبة الشركة، فيعالج برنامج المحاسبة المتكامل كلّ أنواع التناقلات المحاسبية، ويعطي أكثر من إجراء التناقلات المالية التقليدية. فعلى سبيل المثال، يجب تحقيق الحد الأدنى من الوقت والحد الأقصى في معدل الإنتاج، وذلك باستخدام قاعدة معطيات مركزية، وبمساعدة كلّ الأقسام لتتعاون فيما بينها عن قرب، وللعمل بالطّريقة نفسها.
وظائف ERP التقليدية:
ERP من الناحية الوظيفية
تتضمّن حزمة البرمجيات اليوم في نموذج الأعمال الإلكترونية ما يلي:
• إيجاد قنوات جديدة للبيع: المراكز الهاتفية، الإنترنت،... بهدف زيادة المبيعات.
• إدارة العلاقة مع الزبون CRM: وهو إمكان متابعة عمليات البيع (مراكز البيع عن طريق الهاتف، البريد الإلكتروني، تقديم عروض …) من قبل كلّ الزبائن.
• MES Manufacturing Execution System: هي إمكان إدارة العملية التصنيعية من أدنى مستوى.
• سلسلة التوريد SC: هي إمكان التكامل مع الزبائن والموردين في سلسلة القيمة Chain Value.
• يمكن استعمال بعض هذه البرمجيات عن طريق الإنترنت: مفهوم Application Service Provider ASP.
• من الصعوبة إيجاد حزمة برمجية واحدة تشمل كل احتياجاتك.
• الجيل القادم لـ ERP حسب مجموعة ERP II :Gartner .
تعريف إدارة سلسلة التوريد SCM
إدارة سلسلة التوريد هي مجموعة من المنهجيات المستخدمة لمكاملة الموردين، والمصنعين، والمخازن، والمتاجر، بفعالية، بحيث يجري إنتاج وتوزيع البضائع بالكميات الصحيحة، إلى المواقع الصحيحة، وفي الوقت الصحيح، بحيث تكون تكلفة النظام الكلية أخفض ما يمكن مع المحافظة على تحقيق متطلبات مستوى الخدمة.
تعريف إدارة العلاقة مع الزبون CRM
إدارة العلاقة مع الزبون هي منهجية لفهم( وأيضاً التأثير في) سلوك الزبون من خلال التواصل معه وذلك بهدف تحسين:
• عملية الحصول على الزبون,
• الاحتفاظ بالزبون,
• الحصول على ولاء الزبون وتحقيق الربح.
الخاتمة
وخلاصة القول: إن الأعمال الإلكترونية ما هي إلا استخدام مكثف لتقانة المعلومات، ممثلة بأجهزة الحاسوب ووسائل الاتصال الحديثة، في إنجاز الأعمال على اختلاف أنواعها وبمراحلها المتعددة . وعلى هذا فهي تشكل تحديا للدول خصوصاً النامية منها،التي تفتقر إلى البنى الأساسية في مجال تقانة المعلومات، ولكن في الوقت نفسه يمكن اعتبارها فرصة أمام هذه الدول لما توفره من إمكانات واسعة في مجال خفض التكاليف، وزيادة حجم المبيعات وتقاسم المعلومات مع الدول المتقدمة وإن كان هذا الأمر نسبيا.
وختاما يمكن القول : إن دولة مثل الهند حققت مزايا تفوق المزايا التي حققتها دول متقدمة جداً في هذا المجال، وكل الدلائل تشير إلى أن مستقبلها مشرق في هذا الحقل المهم، وسيكون مطمئناً لشعبها، كما أن الدول الأخرى ومنها دولنا العربية تستطيع أن تحقق إنجازات مهمة على هذا الطريق.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق