المصارف الإلكترونية والسياسة النقدية.
لما كانت البنوك تقوم بدور اقتصادي هام أيا كان النظام السياسي والاقتصادي القائم سواء على المستوى الدولي أو المستوى القومي . فإن أي نظام اقتصادي أو سياسي يحرص دائماً على تفعيل تنمية أعمال البنوك حتى تواكب التطورات، فالبنوك عليها أن تدخل الكثير من التحولات في أستراتيجيتها والسياسات المتعلقة بتشغيلها لأن قدرة الأشخاص على النمو والاستقرار تعتمد على قدرتها السريعة على الاستفادة من الفرص ومواجهة التحديات.
ونظراً لأن البنوك هي يد الدولة المعالجة للعديد من الأمراض المعرض لها أي نظام اقتصادي مثل: التضخم، الكساد، الذى قد يصيب أي نظام اقتصادي وتتم هذه المعالجة بعدة وسائل منها السياسات النقدية للدولة، فالدولة تقوم بمواجهة هذه الأمراض باستخدام سياسة نقدية تتلائم مع كل مرض من هذه الأمراض حتى يعود الأستقرار النقدى للاقتصاد مرة أخري داخل الدولة.
ولكن نظراً لأن فعالية السياسة النقدية في كل دولة تعتمد بدرجة كبيرة على درجة نمو النظام المصرفي، ومدى الوعي المصرفي في داخل الدولة فإن التغيرات التى يواجهها العالم الآن تقتضي تطوير الأجهزة المصرفية الموجودة خاصة في ظل الصراعات الكبيرة نحو تسوية المعاملات عبر شبكة الأنترنت وبالتالي أصبح الاقتصاد النقدي يوجد به نقود أخري غير النقود الورقية التى أعتاد التعامل بها وكذلك أوراق تجارية أخري، غير التى أعتادت عليها الأنظمة النقدية السابقة والتى كانت الأجهزة المصرفية يمكنها استخدامها لإعادة الأستقرار النقدي لاقتصادها في أوقات الأخلال.
ونتيجة لذلك كان من الضروري تطوير الأجهزة المصرفية الموجودة لتلائم تلك التحديات الإلكترونية التى أصيبت بها المعاملات التجارية والاقتصادية، وأيضا حتى يتم معالجة الأمراض التى يصاب بها النظام الاقتصادي بنفس السرعة التى حدثت بها وبوسيلة ملائمة فإن التطور يجب أن يتطرق أيضاً للوسائل المستخدمة في علاج هذه الأمراض داخل الدولة باستخدام وسائل مناسبة لذلك.
وتأسيساً على ماسبق فأننا سنتناول في هذا المبحث عرض لآلية عمل [المصارف الإلكترونية]، أي أننا سنعرض الكيفية التى سيتم بها تحويل الأعمال المصرفية التى اعتادت عليها البنوك في ظل الأنظمة التقليدية إلى أعمال تتم جميعها بصورة إلكترونية، وكذلك سنعرض أثر هذا التطور على الوسيلة أو الوسائل التى ستستخدمها الدولة في سياستها النقدية لإعادة التوازن والأستقرار النقدي وسيتم ذلك إن شاء الله من خلال مطلبين:-
المطلب الأول: آلية عمل المصارف الإلكترونية.
المطلب الثاني: آثر الأعمال المصرفية الإلكترونية على السياسة النقدية.
وذلك على التفصيل التالي:
آلية عمل المصارف الإلكترونية
نظم قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999 عمليات البنوك في الباب الثالث منه تحت مسمى "عمليات البنوك " دون أن يضع تعريفاً محددا لها وذلك كما هو الحال في معظم التشريعات، ولكن على الرغم من ذلك فإن هذه التسمية يندرج تحتها تعداد للأعمال المصرفية يتطور بتطور الزمان والمكان، فالأعمال المصرفية هذه تشمل الودائع المصرفية النقدية، الحساب الجاري، الأعتمادات المصرفية،..... وغيرها من الأعمال التى يقوم بها البنك من أعمال مصرفية([1]).
وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا التطور والأختلاف في الطريقة التى يقدم بها البنوك الأعمال المصرفية لعملائها عند استخدام الطابع الإلكتروني في القيام بها لايؤثر على طبيعة العمليات المصرفية التى يمكنها تقديمها،فاختلاف الشكل والتكوين وطريقة التعامل معها عن النظام التقليدي لا يؤثر على كم العمليات المصرفية ونوعيتها التى كانت موجودة في ظل النظام التقليدي. وذلك دون أن يكون للطبيعة الإلكترونية أي أثر على نوعية الأعمال المصرفية بل على العكس فأنها ستزيد من كفاءة هذه الأعمال على أساس سهولة هذا التعامل وسرعة إنجاز الأعمال، وعلى ذلك فإنه يمكن للبنوك المستخدمة للنظام الإلكتروني إنجاز كافة العمليات المصرفية التى كانت تقدم في ظل النظام التقليدي ولكن مع تغيير فقط في آلية عملها([2]). هذا ما سيلي عرضه إن شاء الله تفصيلاً في هذا المطلب.
وذلك سيتأتى تفصيله من خلال الثلاثة فروع التالية:
- الفرع الأول: الودائع المصرفية الإلكترونية.
- الفرع الثاني: الحسابات المصرفية الإلكترونية.
- الفرع الثالث: عمليات الائتمان الإلكترونية.
وذلك على السياق التالي إن شاء الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق