بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 20 نوفمبر 2013

الإدارة والتسويق

التسويق الإلكتروني ومتطلبات العصر

 
إبراهيم بن يوسف المالك
    يعد مفهوم التسويق الإلكتروني من أحدث الوسائل لترويج السلع والخدمات، وقد استطاعت العديد من الدول الكبرى أن تتجه للتسويق عبر الإنترنت توفيراً للوقت والجهد والمال. وبرغم أن منطقتنا لا تزال بعيدة عن تفعيل هذه الوسيلة، إلا أن المؤشرات توضح أن التسويق الإلكتروني ربما يكون واحداً من أهم اتجاهات المستهلك في المستقبل القريب.
والتسويق هو المفتاح لتحقيق أهداف المؤسسة ويشمل تحديد الاحتياجات والرغبات للسوق المستهدفة والحصول على الرضا المرغوب بفعالية وكفاءة أكثر من المنافسين، وإذا أضيفت صفة الإلكتروني للتسويق فنحن نتحدث إذن عن بيئة وأدوات يجمع بينها فضاء الإنترنت بكل ما أتاحته من تكنولوجيا للتواصل بين البشر، سواء أكان بريداً إليكترونياً أم غيره من الأدوات الإلكترونية.
وبناء على هذا المفهوم، انطلق قطاع التسويق الإلكتروني في العالم بسرعة مذهلة خاصة في ذلك انخفاض تكلفته وازدياد قدرته على توسيع السوق، حيث تم تأسيس آلاف الشركات المتخصصة في التسويق الإلكتروني، وأصبح هناك ملايين الرسائل الإلكترونية التي تتجول يومياً في الشبكة العنكبوتية، تتضمن تحفيزات ونصائح لزبائن محتملين. وتؤكد الدراسات أن التسويق الإلكتروني يؤدي إلى توسيع الأسواق وزيادة الحصة السوقية للشركات بنسب تتراوح بين 3 إلى 22٪ بسبب الانتشار العالمي.
وحسب رؤية الكثير من المختصين فإن التسويق الإلكتروني سيكون في المستقبل القريب قوة أساسية تقود النمو الاقتصادي في ظل تحولات جذرية يشهدها الاقتصاد العالمي، تماشياً مع ما تفرضه العولمة من انفتاح وتداخل في جميع المجالات. ولتأكيد ذلك أيضاً تشير بعض التقارير إلى أن «3 إلى 22٪ زيادة الحصة السوقية للشركات و 25٪ من إجمالي تجارة التجزئة العالمية قد تحققت عبر الإنترنت» جريدة الوطن.
بعد كل تلك الدراسات والمؤشرات الإيجابية والتي لامجال للحياد عنها يجب النظر جدياً إلى هذه الظاهرة التي بدت تغزو الكثيرَ من الأسواق بكثيرٍ من التطلعات، وعلى هامش تلك الدراسات والمؤشرات وعند النظر إلى واقع الشركات المحلية لدينا نجد أنها بعيدة كل البعد عن تطوير خدماتها الإلكترونية إن وجدت، وتعود أسباب تفشي تلك الظاهرة إلى عدم رغبتهم في الدخول لمجالات ربما تكون جديدة على واقع أسواقنا المحلية وعلى مستهلكيهم والتي هي بلاشك في ذروتها بالنسبة لكثير من الأسواق العالمية والمتقدمة.
ولاننسى دخول المملكة إلى منظمة التجارة العالمية والتي بموجبها ستتيح لكثير من الشركات العالمية للدخول في أسواق المملكة والتي ترى من استخدام التكنولوجيا الإلكترونية في تسويق خدماتها ومنتجاتها أمراً في غاية الأهمية وربما أحد الركائز الأساسية التي ستعطيها ميزة تنافسية عن كثير من شركاتنا المحلية.
إذاً التحرك السريع نحو التطوير باستخدمات تكنولوجيا العصر والتركيز على مفهوم التسويق الإلكتروني سيمنح بما لايدع مجالاً للشك رؤية واضحة للمستهلك المحلي عن مدى تقدم وتطور الشركات المحلية في سبيل تقديم منتجات وخدمات بشكل عصري ومتميز، وكذلك توعية المستهلك المحلي بأهمية التواصل عبر وسائل التقنية سيزيد من اهميتها بالنسبة لديه وستحفزه للقيام بالبحث عنها بشكل يتلائم ويتوافق مع تطلعات وتوجهات اصحاب تلك المنتجات.
وبالرغم من أننا لانزال بحاجة إلى تثقيف الأفراد إلى ضرورة التعاطي مع الإنترنت بشكل متلازم وإلى ضرورة استخدامه بالطرق التي تعود علينا وعليه بالفائدة إلا اننا لانزال ايضاً نواجه صعوبة في تحقيق ذلك لوجود العديد من الأفراد غير المتعلمين أو من يعتقدون بأن استخدام هذا النوع من التكنولوجيا يحتاج للعديد من المهارات والقدرات الخارقة وبالتالي يحجمون عن التعامل معها لتلك الأسباب. ولتأكيد ذلك بالأرقام فقد أشار تقرير التنمية الإنسانية العربية الصادر عام 2003، أن مستخدمي الإنترنت لا تزيد نسبتهم على 1,6٪ من إجمالي سكان الوطن العربي البالغ عددهم 280 مليون نسمة. غير أن هذا الرقم بالرغم من محدوديته يكاد يكون ضعف النسبة التي رصدها هذا التقرير في عام 2002 وكانت 0,6٪ فقط.
هنالك أيضاً الكثير من التحديات التي تواجهنا والتي تحد من نجاح أنشطتنا التسويقية وتحديداً فيما يخص التسويق الإلكتروني وعلينا مواصلة الطريق نحو مواجهتها ومن اهم تلك التحديات في هذا الجانب هي عوائق اللغة والثقافة والتي تعوق التفاعل بين العملاء والعديد من المواقع الإلكترونية وبالأخص إذا أردنا استهداف أسواق خارجية.
أي خارج نطاقنا المحلي لذا فهنالك حاجة ملحة لتطوير برمجيات من شأنها إحداث نقلة نوعية في ترجمة النصوص إلى لغات مختلفة يفهمها العملاء، كذلك إلى ضرورة مراعاة العوائق الثقافية والعادات والتقاليد والقيم، بحيث لا تكون عائقاً نحو استخدام المواقع التجارية.
ويضاف أيضاً إلى الحاجة الملحة إلى تلك الإدارة الجيدة والخطط الإستراتيجية الواضحة لمواجهة التغير المستمر في حركة الأسواق سواء كانت محلية أو دولية مما سيدعم بمشيئة الله تلك الأهداف ويقلل من فرص المنافسين للوصول لشرائح استهلاكية غائبة عن المنشأة، والتسويق بطبيعته فن صعب ممارسته وليس من السهل في معظم الأحوال القيام به والخوض في مجاله إذا لم يتوفر له مختصون في هذا المجال ولديهم الحد الدنى على أقل تقدير من الإبداع. وبالمناسبة لاننسى أن مايحدث في معظم شركاتنا هو فقط اجتهاد تسويقي غير مدعم بالتخصص، وأحياناً يكون هنالك تخبط حقيقي في استخدام الطرق والوسائل التسويقية بما في ذلك الخطط من قبل مدراء التسويق غير المحترفين على حد سواء.
ولاننسى أيضاً السرية والخصوصية واللتان تمثلان احد العوائق المهمة التي تواجه العاملين في مجال التسويق الإلكتروني حيث تؤثر في تقبل بعض العملاء لفكرة التسوق عبر الإنترنت بشموليتها، خاصة أن عملية التبادل الإلكتروني تحتاج إلى الحصول على بعض البيانات من العملاء مثل الاسم، والنوع، والجنسية، والعنوان، طريقة السداد وغيرها؛ لذا فهنالك ضرورة ملحة لاستخدام برمجيات خاصة للحفاظ على سرية وخصوصية التعاملات التجارية الإلكترونية، إضافة إلى تقنين آليات لتأمين عمليات الدفع الإلكتروني التي تتم عبر الإنترنت.
ومن التحديات المطروحة في هذا المجال أيضاً، وضع القوانين والتشريعات المناسبة لتنظيم عمليات التسويق الإلكتروني، وحماية حقوق الملكية والنشر على شبكة الإنترنت، فضلاً عن تطوير الأنظمة المالية والتجارية لتسهيل عمليات التسويق الإلكتروني. نحن بحاجة ماسة للتغير والتطوير ولكن من يمسك بزمام المبادرة أولاً سيكون له السبق في تخطي الكثير من المنافسين وإلى احتلال مركز تنافسي قوي مدعم بخبرات قوية على الصعيدين المحلي والدولي وإلى الحصول على مراكز تنافسية متقدمة وحصة تسويقية عالية بمشيئة الله.

ليست هناك تعليقات: