بحث التسويق الإلكتروني من منظور اقتصادي
مدخل: الإدارة الرقمية:
تضفي الإنترنت والتقنيات المرتبطة بها طابعاً خاصاً على الطريقة التي يعيش بها الناس ويعملون ويتصلون. فما التأثيرات التي ستحدثها هذه التغيرات البعيدة المدى على حياتنا؟!.
وما نوع الحكومات التي يحتاج إليها الناس خلال القرن الحادي والعشرين؟ أو بالأحرى ما نوع أنظمة الإدارة التي يريدها الناس في الألفية الجديدة؟
ربما، كان هذا السؤال ضمن الأسئلة الأكثر جوهرية وهذا هو الوقت الملائم لطرحه.
والواقع، أن كل شيء نقوم به في حياتنا اليومية وفي عملنا وفي كل نواحي هياكل أنظمة إدارتنا، يمرّ الآن أو سرعان ما سيمرّ، بتحوّل أساسي.
وهذا التحول يسمّى بالثورة الرقمية.
إن التقنيات التي تعمل بالإنترنت وترتبط معاً، والتي تمثل الإنترنت فيها الشكل الملحوظ بدرجة أكبر على الملأ تقوم الآن بقلب العالم رأساً على عقب.
ومع رسوخ شبكات العمل بصورة متزايدة تعيد هذه التقنيات تشكيل الطريقة التي يعيش بها الناس ويتصلون ويعملون. ونفس هذه التغيرات التقنية التي تغيّر حالياً عالم الأعمال والمجتمع المدني ستضفي أيضاً طابعاً خاصاً على الطريقة التي تقوم بها أنظمة الإدارة وطبيعة الحياة العامة نفسها.
وستقوم الثورة الرقمية في سياق تواصلها بإعادة تشكيل علاقات متميزة وإن ظلت متشابكة بين الناس.
ولكي نفهم لماذا وكيف ستتأثر مؤسسات أنظمة إدارتنا بمثل هذا العمق، من المفيد أن نبحث أولاً التأثير الهائل للاقتصاد الرقمي على الأعمال.
إن التقنية المعتمدة على الإنترنت تفرّخ أعمالاً جديدة تعلن وفاة شركة العصر الصناعي.
منذ أعوام مضت، طرح الباحث الاقتصادي رونالد كوس سؤالاً ذكياً: لماذا توجد الشركة؟! إذ أنه في عالم رشيد، قائم على النظرية الاقتصادية التقليدية، لماذا لا يستيقظ العمال والموردون والعملاء كل صباح فيشترون السلع من السوق ويعقدون الصفقات؟
لماذا هذه البنى الأساسية الضخمة والمصانع الثابتة في حين أنه في عالم مثالي أو على الأقل عالم نظري ستقوم قوانين العرض والطلب بإملاء التسعيرة، وقبل أن يبرد الإفطار نرى العالم يتبدى واضحاً للعيان كما ينبغي له أن يفعل؟!.
وكانت إجابة كوس بديهية وتتفق مع الفطرة فالاقتصاد كان معقداً للغاية، والأهم من ذلك أن تكلفة إبرام كل تلك الترتيبات كانت من حيث الوقت والمال على حد سواء أعلى كثيراً من التعامل مع أي شيء آخر سوى هيكل شبه دائم عالي التنظيم يسمى الشركة.
ولكن إذا انتقلنا بسرعة إلى اليوم، يسقط الآن بعض من تلك الحواجز التي كانت تحول دون إبرام ترتيبات أكثر مرونة بكثير بين الموردين، وشركاء البنية الأساسية وحتى العمل وهو يتمثل الآن في الأدمغة، وليس في القوة العضلية.
وليست التجارة الإلكترونية سوى قمة جبل الجليد: فالاقتصاد الجديد يدور حول ظاهرة أعمق كثيراً تعيد صنع قواعد الأعمال.
وتظهر الآن اتجاهات رئيســــة متعددة، يمكن أن تكون أوصافها الموجزة مفيدة عندما نفكر في التغيرات المقبلة في أنظمة الإدارة.
ومن ذلك:
(1) الشركات يتم تحويلها على نطاق واسع: بحيث تخضع لفحص دقيق وإصلاح واسع النطاق.
(2) السوق تتعلم كيف تمارس السلطة: حيث تغدو السوق أبرع وأكثر تشدداً.
(3) مشروعات الأعمال: حيث تتحرك هذه المشروعات بسرعة هائلة.
(4) المعرفة هي الأصول الرئيسة:بحيث يفسح النشاط الاقتصادي الذي يقوم على استخراج وتحويل الموارد النادرة المجال لاقتصاد الوفرة، وفرة المعلومات ووسائل الاتصال. ويغدو تأثير المعرفة عبر الابتكار حاسماً.
(5) الشفافية والانفتاح: حيث يصبحان عاملي تمكين رئيسين في السوق.
إن العصر الرقمي زمن تحولات كبيرة لم يسبق لها مثيل.
ومع انهيار الهياكل القديمة وتآكل القوانين والأعراف القائمة، تحل أخرى محلها، وإذا كانت الأعمال الإلكترونية تعلّمنا شيئاً فهو أن العصر الرقمي يمقت الفراغ.
لذا، فإن هيكل العصر الصناعي، الذي كان عالم الحياة العامة فيه يشتمل على ثلاثة مجالات رئيسة هي الحكومة، والسوق، والمجتمع المدني، يمرّ الآن بتحوّل أساسي مع سيطرة التقنيات.
ومن ثم، تصبح الإنترنت منفذاً لأشكال جديدة من التفاعل مع المواطنين تسمح بالمشاركة.
وفي العصر الرقمي، يتحول المواطنون من مجرد مستهلكين إلى وضع يصبحون فيه شركاء نشطين في عملية الإدارة.
يقول دون تاسكوت: في الأعوام القادمة نعتقد أنه سيحدث بون شاسع واسع النطاق لنموذج أنظمة الإدارة.
ومع ذلك فإن هناك الكثير مما يدعو للتفاؤل إذا أن التقنيات الجديدة والتغيرات الناشئة عن التطبيق الواسع لها سوف تتيح لأنظمة الإدارة في القرن الحادي والعشرين الفرصة، ليس فقط لتعمل بصورة أفضل، بل أيضاً وهو الأهم، لتقوم بإشراك المواطنين في الإدارة.
بَيْدَ أننا لا ينبغي أن نتجاهل الأخطار أيضاً إذ تبقى قضايا خطيرة دون حل، وفي مختلف أنحاء العالم، يشعر الناس بالقلق، عن حق من قدرة التقنيات الجديدة على تقويض خصوصياتهم.
إن في متناولنا إقامة أنظمة إدارة أعيد تنشيطها لتواكب العصر الرقمي. وعندما يقوم الشركاء والمواطنون والقطاع الخاص بإعادة تحديد أدوارهم وإعادة مشاركتهم فيها ستكون النتيجة أنظمة إدارة أفضل.
الاقتصادات الرقمية:
قد تكون أي آلة حاسبة للجيب بين أيدينا اليوم أكثر من حيث القدرة والإمكانات مما كانت عليه كل الحواسيب التي وجدت قبل عام 1950م، وحتى ألعاب الفيديو التي يلهو بها أطفالنا الآن، هي الأخرى لديها من الإمكانات ما يفوق قدرة حاسوب كلّف إنشاؤه ملايين عدة منذ عشر سنين مضت.
إن ثورة الوسائط المعلوماتية آتية وفي جعبتها عجائب تخرج عن نطاق الحصر، فكما أذهلت السيارات والطائرات الأولى أجدادنا، وأدهشنا الراديو والتليفزيون لدى ظهورهما، ستقلب ثورة الوسائط المعلوماتية Infomedia Revolution حياتنا رأساً على عقب.
فلا عجب، إن قيل إن أعظم ثلاث قوى تقنية على الساحة الآن: الحوسبة، والاتصالات، والوسائط المعلوماتية (الإعلامية)، التي من خلال تكييف نفسها معاً تحقِّق صيغة ائتلافية جديدة فيما بينها تعرف باسم: "التقارب التقنيConvergence.
وستبرز الوسائط المعلوماتية - كما يقول الخبراء - ومن خلال تلك الصناعة الجديدة، التي تتنامى في سرعة مذهلة، كسلاح أساسي جديد للمنافسة في القرن الحادي والعشرين.
وسيظهر إلى الوجود جيلٌ جديد من شركات تمتلك تقنية ثاقبة تدعم بدورها الوسائط المعلوماتية، لتحقِّق نجاحاً فلكياً.
يقول فرانك كيلش في كتابه:"الوسائط المعلوماتية وكيف تغيّر عالمنا وحياتنا؟": إن ثورة الوسائط المعلوماتية تتحدانا على المستوى الشخصي، وتثير قضايا أخلاقية جديدة وتغيّر من أساليب حياتنا اليومية.
لقد تقادم عصر المعلومات تقادم الحواسيب البالغ عمرها أكثر من خمس وعشرين سنة. فلماذا نتكلم عن عصر كانت أجهزة الحاسوب فيه لا تعالج سوى البيانات بينما نجدها تعالج الآن، الصور والفيديو والصوت - الوسائط الإعلامية - بالقدر ذاته من السهولة؟!.
لقد أصبحت أجهزة الحاسوب جزءاً متمّماً لحياتنا اليومية، بدءاً من ماكينات تسجيل المدفوعات النقدية حتى آلات الحساب الرقمية ومشغّلات الأقراص المدمجة وألعاب الفيديو وآلات النسخ والفاكسات والهواتف الذكية المتنقلة، وحتى الساعات التي بأيدينا ما هي إلا حواسيب مقنّعة.
ولذا، سيكون المحرك الاقتصاديEconomic Engine للاقتصاد العالمي الجديد مكوناً من صناعات الإنفوميديا وهي الحوسبة والاتصالات والإلكترونيات الاستهلاكية.
وهذه الصناعات هي أكبر الصناعات العالمية الآن وأكثرها ديناميكية ونمواً حيث يبلغ رأس مالها أكثر من 3 تريليونات دولار.
وسيكون عصر الإنفوميديا أعظم انطلاقة وأضخم تعزيز على مدار التاريخ للاقتصاد العالمي، خارج نطاق المجال العسكري، وسيكون هو محرك التقدم للتكتلات الاقتصادية التجارية العظمى في القرن الجديد.
وسيكون عصر الوسائط المعلوماتية (الإنفوميديا) لبعض الناس كنز الفرص الجديدة. وقد ظهر على الساحة أخيراً، محاربون جدد لعدد من الشركات لمواجهة عصر الإنفوميديا، وقد تشكلت ملامحهم بالفعل. فقد أخرجت لنا شركات مثل مايكروسوفتMicrosoft وإنتل Intel وآبلApple وسيجا Sega وكومباكCompag رجال أعمال من أمثال ستيفن جوبز وبيل جيتس.
ولقد وجدت كبريات المؤسسات من عمالقة الصناعة أمثال IBM وAmdahl و Sperry وBurroughs أنفسهم في موقف صعب.
ففي صناعة يكون فيها العائد الوفير هو المعيار، لن يكون بيل جيتس هو آخر بليونير في العصر الجديد ولن تكون IBM هي أول من يعاني من آلام ذلك الاضطراب الهائل الذي اعترى الصناعة.
ولا شك أن ثورة الإنفوميديا ستلقي بظلها على كل مشروع وكل صناعة. وقد احتلت أجهزة الحاسوب وشبكات الاتصالات موقعاً رئيساً وسط العمليات اليومية لكل مشروع أو مؤسسة، بل يمكن القول إنها قد أصبحت سلاحاً تنافسياً رئيساً في معركتها لفرض سيادتها على السوق.
وفي زمن ثورة الإنفوميديا، لا عجب إن وجدنا هواتف بلا أسلاك ونشر بلا ورق، وكتب بلا ورق وعقار إلكتروني وتسوق منزلي ونقود رقمية وبطاقات ذكية ومتاجر دون أرفف ومصارف بلا صرافين.
إذ لم تكن النقود موجودة طوال أكثر فترات التاريخ امتداداً. وكان البشر الأولون يستخدمون أسلوب المقايضة في تجارتهم فكانوا يبيعون بضاعتهم لقاء ما يحتاجونه من بضائع. وعلى مدار معظم تاريخ الجنس البشري، كان نظام المقايضة هذا هو الطريقة الوحيدة المتاحة للناس لامتلاك الأشياء التي لا يمكنهم تنميتها أو تصنيعها بأنفسهم. وفي النهاية أدرك البشر أن المقايضة لا يمكنها أن تفي باحتياجاتهم. ولابد أن تكون هناك طريقة أفضل.
لذا، تطورت نظرتنا للنقود مع تطور المجتمع. فقد كانت تمثل احتياجات ومتطلبات المشاريع والأعمال والمصارف والحكومة والتي شكلت الصيغ المختلفة للنقود. واليوم تمثّل النقود شريان الحياة لكل المشروعات والاقتصاد الوطني.
واتخذت النقود على مدار الأزمنة صوراً وأشكالاً مختلفة واستخدمت الأصداف ، والبندق والحجارة والورق كنقود، بَيْد أنه ليس هناك أكثر مدعاة للغرابة والدهشة من نقود لا توجد على الإطلاق.
واليوم، نجد أن الغالبية العظمى من النقود ما هي إلا نبضات إلكترونية في أي حاسوب. ومن الممكن تداولها وتحويلها بسرعة الضوء.
وسرعان ما ستحل البطاقات الذكية مكان بطاقات الائتمان التي شاعت في كل الأرجاء.
فلقد كانت البطاقات الذكية محور اهتمام مكثف وتطوير على مدى أكثر من 25 عاماً.
وليست المصارف هي المستفيدة من البطاقات الذكية وحدها. فسيجني المستهلك ثمارها هو الآخر فالبطاقات بديل ملائم وسهل الاستعمال – كما يقول الاقتصاديون المتفائلون – للتعامل بالنقد والشيكات.
إن البطاقات الذكية قد تصبح دفتر شيكات المستقبل حيث تعكس كل معاملات العميل المالية ومدفوعاته. وسيكون لدى المستهلكين القدرة على إدارة سنداتهم وأوراقهم المالية في أي وقت وأي مكان تقريباً.
النقود الرقمية:
يجري حالياً تطوير العديد من أشكال النقود الإلكترونية. ومن المفيد هنا أن نعرض لثلاث مجموعات حديثة هي: نظم المديونية والائتمان الإلكترونية والأشكال المتنوعة للبطاقات الذكية، والنقود الرقمية الفعلية التي تحمل الكثير من الصفات المميّزة للأموال النقدية.
إنّ نظم المديونية والائتمان الإلكترونية موجودة ومستخدمة بالفعل الآن. فحين يستخدم أحد المستهلكين بطاقة صراف آلي للشراء، تحوّل النقود من حسابه إلى حساب التاجر.
كذلك يستخدم بطاقات الائتمان في المدفوعات عبر الإنترنت. وتتيح برامج الحاسوب دفع الفواتير إلكترونياً، وما هي إلا خطوات قصيرة حتى نصل إلى الشيكات الإلكترونية الحقيقية التي يمكن نقلها إلى المستفيد مظهّرة ومودعة عبر الإنترنت.
وتمثّل نظم التسجيل على الحساب والائتمان الإلكترونية وسيلة جديدة وأكثر ملاءمة في الدفع ، بَيْد أنها ليست أنظمة دفع حديثة. فعند نهاية كل سلسلة من التعاملات يوجد مصرف تقليدي أو تعامل ببطاقة اعتماد.
وتمثّل البطاقات الذكية والنقود الرقمية نظم دفع جديدة تنطوي على تأثيرات ونتائج رهيبة.
والبطاقات الذكية هي بطاقات اعتماد بلاستيكية يستخدم منها الكثير حالياً كأدوات دفع لرسوم الهاتف.
إنّ البطاقة الذكية لا تتعدى كونها بطاقة تسجيل على الحساب لا تحتاج إلى موافقة المصرف لدى كل تعامل، فالمقاصة وتصفية الحسابات بين المصرفين تحدث يومياً وتستقر القيمة في حساب الطرف الثالث.
ولا يوجد أي سبب لحصر وظيفة البطاقات الذكية في تلك الحدود. ذلك أن في إمكان المصارف والمؤسسات الأخرى إضفاء مزيد من القيمة على البطاقات الذكية من خلال القروض والدفع مقابل الخدمات أو المنتجات.
كما تستطيع النقود الرقمية أن تأخذ شكلاً رقمياً فعلياً بحيث توجد كوحدات قيمة على شكل بايتات bytes (وحدة لقياس سعة الذاكرة) مخزنة في ذاكرة الحاسب الشخصي، الذي يمكن دعمه بحسابات احتياطية من النقود الحقيقية.
إنّ النقد الإلكتروني والأهمية المتزايدة للأسواق الرقمية يمكن أن تُحدث مشكلات عديدة أمام سيطرة الحكومة المركزية على الاقتصاد وسلوك الفاعلين الاقتصاديين، كما تجعل الحدود المحيطة بالأسواق القومية والدول القومية أكثر قابلية للاختراق.
ففي عالم يصبح فيه النقد الالكتروني الحقيقي واقعاً يومياً سوف يعاد تحديد الدور الأساسي للحكومة في اقتصاد السوق الحر، كما سيعاد تعريف مدى لزومية الحدود والجغرافيا بصورة جذرية.
إنّ هذه الإشكاليات تعكس انقطاعاً تقليدياً بين القضايا الداخلية والدولية، كما إنّ حلول النقد الإلكتروني يثير في واقع الأمر أسئلة جدية حول فكرة المحلي والدولي، ذاتها كمفاهيم متميزة وذات معنى.
إنّ العالم الرقمي الجديد يطرح عدداً من قضايا إدارة شؤون الحكم، ومن ذلك:
1- هل تستطيع المصارف الحكومية أو المركزية مراقبة معدل النمو وكمية عرض النقود؟
2- هل ستظل هناك تعاملات رسمية بالنقد الأجنبي؟
3- هل سيوسع النقد الإلكتروني والتجارة الإلكترونية الهوة بين الأثرياء والفقراء؟
4- هل سيزيد الاحتيال والنشاط الإجرامي في ظل اقتصاد النقد الإلكتروني؟
إنّ الرقمية أو التحول إليها إنما هو فصل للنقود والأموال عن مراسيها الجغرافية.
كما أنّ النظام المالي الدولي الذي يتألف من مئات الآلاف من شاشات الحواسيب المنتشرة في أرجاء العالم، هو أول سوق إلكترونية دولية. ولن تكون هذه السوق آخر الأسواق.
إنّ بدايات القرن الحادي والعشرين ينظر إلى النقود الإلكترونية والبطاقات الذكية والنقود الرقمية على أنها عالم العملات الإلكترونية المتنافسة..
التجارة عبر الإنترنت:
يقول جيل إيلورث: يُعّد الاستخدام التجاري للإنترنت أحد موضوعات النقاش والنشاط الساخنة والمتسارعة النمو السريع للاستخدام التجاري. وتُعّد المكونات التجارية من أكثر القطاعات نمواً على الشبكة في عصر الاتصالات الكونية.
في البداية، نمت الانترنت "Inter Net" ببطء ولكن مع مرور الوقت، اتسعت الانترنت لتضم أكثر من 45 ألف شبكه محلية في أكثر من 200 دولة. وهناك نحو 30مليون شخص لديهم نوع من أنواع الاتصالات بالانترنت. وبوجه عام تضم الانترنت أفراداً ومجموعات ومنظمات ومدارس وجامعات وخدمات تجارية وشركات وحكومات وكذلك شبكات حرّة. وعادة ما تكون الاحصاءات عن الانترنت تقديرية وذلك للتغيّر والتزايد المستمرين في الأرقام.
وهناك عدد من المؤشرات والاحصاءات الجديرة بالاهتمام، منها:
1- يقدّر نمو الانترنت بما يقارب من 10% شهرياً.
2- يتزايد نمو القطاع التجاري بمعدل يتراوح بين 10% و 13% شهرياً.
وقد تزايد الاستخدام التجاري للانترنت، حيث ينمو القطاع التجاري للانترنت، في الوقت الحالي، بصورة أسرع من أي قطاع آخر.
وتشكل مجموعة من المشروعات والمؤسسات التجارية القوى الكبرى المستخدمة للانترنت. وتوجد القوى التجارية المستخدمة للانترنت في مجال عريض من الصناعات، المرتبطة بالحاسب الآلي، وشركات النفط وشركات المستحضرات الطبية والصيدلية، والصناعات المرتبطة بالرعاية الصحية، والخدمات المالية والبنوك.
وقد تزايدت كثافة استخدام الانترنت من قبل بعض هذه الشركات بنسبة وصلت إلى 90% في الربع الأول من عام 1995م.
إنّ عمالقة الصناعة ليسوا وحدهم المستخدمين للانترنت، بل يستخدمها كذلك العديد من الشركات الصغيرة والمستثمرين الأفراد مقابل تكلفة يسيرة من خلال موزعين تجاريين.
ولا داعي للدهشة، لكثافة النشاط التجاري على الانترنت، فمنذ أعوام قليلة كانت هذه الاسئلة تظهر على الانترنت نفسها، مثل:هل يمكننا أن نمارس نشاطنا التجاري على الانترنت؟!.
أو هل هناك نشاطات تجارية على الإنترنت؟!.
ولأن هناك فئات أو آلاف من المواقع على الانترنت تمتلك اسمها المجالي الخاص.
فقد وجدت العديد من الأعمال التجارية أن استخدام الانترنت يفي بعدد كبير من حاجاتها، بما في ذلك التسويق وإرشاد البائعين وتشجيع المشترين وتبادل المعلومات، والمشروعات المشتركة للبحوث والتطوير كذلك تستطيع الشركات، بمساعدة الانترنت، أن تطوّر وتعدّ منتجات جديدة، وأن تتسلم أوامر شراء ومستندات إلكترونية، وأن تسترجع بيانات من قواعد بيانات متخصصة.
إضافة إلى ذلك تستطيع الأعمال التجارية أن تجد النصيحة الفنية، وأن تنشئ وتحافظ على علاقتها التجارية وتحصل على استطلاعات السوق، وتعقد الصفقات الجيدة، وتحدد أماكن الخبرات والكفاءات التي تحتاج إليها، بل إن بإمكان الشركات أن تبيع منتجاتها مباشرة.
وأصبحت شؤون التوصيل والتسهيلات الإدارية في الآونة الأخيرة وبشكل متزايد، عاملاً حاسم الأثر في القضايا المتعلقة بالإنتاج وخدمة المستهلكين في أي نشاط تجاري.
إن القدرة على المحافظة على الوضع التنافسي تتوقف على إمكان الحصول على أحدث المعلومات حول السوق التي يُتعامل معها، وكذلك الإلمام بأحدث التقنيات في مجال الصناعات. فمعرفة أي شركة بما تفعله الشركات الأخرى والاطلاع على ما هو متاح من معلومات واكتشاف أسواق جديدة يمكن أن يساعد تلك الشركات على المحافظة على ميزة تنافسية.
وقد أصبح تعاون أكثر من شركة بالمشاركة أمراً شائعاً بصورة متزايدة، وتساعد الانترنت على تسهيل هذا التعاون الذي قد يكون في اتجاه تصميم منتج أو قنوات توزيع أو أبحاث وتطوير وسائل انتاجية وتسويقية.
لقد تعززت الأساليب التعاونية من خلال الانترنت بثرواتها المعلوماتية وبقدرتها على الاتصال.
كما ساعدت الانترنت على تحسين أداء هذه الأنماط التعاونية الجديدة وتطويرها وهو ما يُعّد شرطاً أساسياً لتعزيز المنافسة في الأسواق المختلفة.
وتوفِّر الانترنت وسيلة سريعة للتواصل مع الموزعين والموردين، الأمر الذي يضفي سرعة وتنوعاً على عملية الحصول على الإمدادات ومتطلبات العملية الانتاجية. ومن خلال سرعة الاتصال تستطيع الانترنت تخفيض المخزون لدى أيّ شركة.
وتستطيع الانترنت أن تدّل مختلف النشاطات التجارية على مواقع موردين جُدُد وتمكّن الشركات من المحافظة على قنوات اتصال مع هؤلاء الموردين.
وتستطيع الانترنت أن تمارس عملية التسويق عن طريق الاتصال المباشر وذلك عن طريق وجودها على الانترنت. وعلى الرغم من أن الإعلان يواجهه بعض المشكلات على الانترنت، فإن الشركات تستطيع أن تستخدم الانترنت لتسويق خدماتها ومنتجاتها. وتستطيع الشركات توفير رؤية أكثر وضوحاً لبرامجها التسويقية.
وخلاصة القول، فإن حضور النشاط التجاري على الانترنت له ميزات عديدة، مثل: الاتصالات، والتسهيلات، والمعلومات، ومساعدة وإرشاد العملاء، واكتساب ميزات تنافسية وفرص للتسويق والتعاون مع مؤسسات وشركات أخرى..
التسويق عبر الإنترنت:
بدأت الانترنت "Internet" في الستينات من القرن الماضي عندما قررت المؤسسة العسكرية الامريكية أنها تحتاج إلى وسائل آمنة لتحريك معلوماتها عبر العالم وأعدت سلسلة من الوصلات الحاسوبية تعرف بـ ARPA Net ، جعلتها تستغني عن الاعتماد على طريق واحد لاستعلاماتها أو استخباراتها.
وسرعان ما رأى الأكاديميون إمكانيات الانترنت لوصلهم واتصالهم ببعضهم البعض وتبادل الأبحاث والأفكار. كذلك رحّب المتحمسون للحواسيب بالإمكانيات الهائلة للانترنت لأسباب مشابهة. وهكذا بقيت الانترنت مدة 20سنة معروفة ومستعملة من جانب ثلاث فئات: المؤسسة العسكرية الامريكية، والمراكز الأكاديمية والأكاديميين، وهواة استعمال الحواسيب.
وفي الثمانينات بدأت شركات كبرى باستخدام الانترنت، أما في التسعينات فبدأت الشركات التجارية والصناعية من كل الأنواع والأحجام الاتصال بالانترنت.
وهكذا فإن عدداً من الشبكات الحاسوبية العاملة في تسعين بلداً في العالم اليوم هي التي تشكل الانترنت مع نمو متزايد وسريع في عدد الشبكات الجديدة التي تدخل إلى نطاق الانترنت.
يقول بوب نورتون: حتى أوائل التسعينات كانت الانترنت تستعمل أساساً من جانب الأكاديميين والمتحمسين لاستعمال الحواسيب. أما اليوم فالاهتمام بالانترنت يتزايد على نطاق واسع خاصة بين قطاع رجال الأعمال والشركات التجارية مع شروع الانترنت بتقديم فرص أكبر وأعظم في مجال الاتصالات وجمع المعلومات والتسويق والصفقات التجارية.
الانترنت ليست حاسوباً ضخماً يجلب كل الأشياء معاً إلى مكان واحد مركزي، بل هي شبكة عالمية مكوّنة من منظمات ومؤسسات متنوعة تشمل الدوائر الحكومية والجامعات والشركات التجارية التي قررت السماح للآخرين بالاتصال بحواسيبها ومشاركتهم المعلومات.
ولا يوجد مالك حصري للانترنت، وأقرب ما يمكن أن يوصف بالهيئة الحاكمة للانترنت هو العديد من المنظمات الطوعية مثل جمعية الانترنت.
ويمكن تسويق أي شيء عبر الانترنت بدءاً من الأزهار وصولاً إلى خدمات الشركات المهنية والبرامجيات الحاسوبية. وبعض دعايات التسويق على الانترنت متطورة حقاً . وبعضها الآخر تعوزه الخبرة والبراعة لكنها تعد كلها دعايات اختبارية وأفضلها تزوّد بمعلومات مفيدة إلى جانب دورها التسويقي.
ومن استراتيجيات التسويق على الانترنت ما يلي:
1- قوائم بالسلع وأصنافها وأوصافها وأسعارها.
2- إعلانات عن المنتجات الجديدة والأخبار الصحفية عنها.
3- معلومات ترويجية عن مبيعات محددة وخاصة.
4- عرض دراسات السوق وأبحاث الزبائن.
5- جمع المعلومات الخاصة بخدمة الزبائن.
لقد وجدت الشركات الأولى التي نظرت في إمكانيات التسويق على الانترنت سوقاً عالمية واسعاُ وعملت على حشو أعضاء المجموعات الإخبارية بالإعلانات والدعاية. لكن هذا الأسلوب لم يكن ملائماً لأن هذه الشركات تلقت الكثير من المكالمات الغاضبة والشكاوى مما أعاق عمل حواسيبها واضطر بعض منها للتخلي عن الفكرة.
تقول كاثي سميث: إنّ أقل أشكال الدعاية على الإنترنت كلفة هي استهداف المجموعات الإخبارية ولكن يجب استخدام هذه المقاربة بحذر خاصة أنها تتطلب وقتاً لتحديد المجموعات المستهدفة.
لقد واجه مجتمع الأعمال في البداية مشكلة هي أن للانترنت ميثاقاً أخلاقياً مما يجعلها شبكة من مجموعات خاصة ذات مصالح واهتمامات مشتركة تعمل وفقاً لمبدأ المساعدة المتبادلة دون كسب تجاري. وواجهت المحاولات الأولى لعالم التجارة ببيع السلع والخدمات على الانترنت غضباً من مجتمع الانترنت، حتى أن إحدى المؤسسات التجارية أبعدت في البداية عن الشبكة.
وقد أدركت المؤسسات التجارية إمكانيات الانترنت في التسعينات، إذ تأتي اليوم ما نسبته 70% إلى 80% من الاشتراكات الجديدة في الانترنت من هذه المؤسسات. وقد تزايد هذا الاهتمام بفعل نمو استخدام الانترنت الذي تعزَّز بفعل ثلاثة عناصر أساسية: ارتفاع مبيعات الحواسيب الشخصية وتطور شبكة العرب العالمية، والترويج للانترنت عبر وسائل الإعلام. وأدرك مجتمع الأعمال وجود سوق جماعي يمكن الوصول إليه عبر الانترنت.
لقد فتحت الانترنت وسوف تظل تفتح طرقاً داخلية هائلة في حياتنا الشخصية وحياتنا العملية والعلمية.
وهنا نطرح الأسئلة التالية المتعلقة بمستقبل الانترنت:
1- هل تشجّع معظم الشركات الكبيرة إجراء الصفقات التجارية بواسطة الاتصالات البعيدة؟
2- هل سوف تتوافر مقاييس الأمن والأمان والتبادل النقدي الآمن عبر الانترنت؟
3- هل ستظهر سياسات حكومية خاصة بالانترنت؟
4- هل يمكن الحصول مستقبلاً على كابلات اتصالات بعيدة فائقة السرعة والأداء والسعة؟
5- هل يمكن ضمان إجراء العمليات التجارية على الانترنت بمستويات أداء مرتفعة؟!..
إنّ الانترنت واسطة تسويق جديدة مليئة بالوعود المستقبلية في هذا المجال ولكن يجب التعامل مع هذه الواسطة بحذر.
ومن الحكمة مراقبة خبرات وتجارب الآخرين في هذا المجال والتعلّم منها والالتزام بقواعد أو قوانين التسويق الجديدة عبر الانترنت..
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/culture/0/41075/#ixzz4pAi8EHZZ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق