بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 17 ديسمبر 2013

واقع التجارة التجارة الالكترونية ؟ وما مستقبلها؟


التجارة الإلكترونية
الإنترنت تنقل التجارة إلى شاشات الكمبيوتر وتغير بنية الاقتصاد التقليدي، فما واقع هذه التجارة الجديدة؟ وما مستقبلها؟
إن السبب الرئيسي الذي يجذب مستخدمي الكمبيوتر إلى التجارة الإلكترونية هو الاطلاع الهادىء والسريع على نماذج البضائع المختلفة التي تظهر على شاشة الكمبيوتر ليختار منها المستعمل ما يشاء.
ويضاف إلى ذلك زوال كلفة النقل ومشتقات الانتقال بالسيارة أو غيرها, مع الحد من مهمة حمل البضائع وحتى توفير الحاجة إلى الناحية الأمنية. كما أن التسوق على صفحات "وب" ضمن شبكة "إنترنت" يتيح للمستعلمين الاطلاع على عناوين وأسعار الخدمات الأكثر انتشارا مثل المصارف والفنادق والمسارح ووكالات السفر, مع توفير إمكانية الحجز وقطع التذاكر. وإذا كانت بعض السلع التجارية مثل الثياب والهدايا المعلبة تتطلب دقة أكثر على صعيد التدقيق وكيفية الاختيار, فان البرامج الرسومية الثلاثية الأبعاد "3D" على شبكة "إنترنت" ستسهل التجارة الالكترونية المرتبطة بالعديد من السلع إلى حد بعيد. ولاشك أن الآمال المعقودة على هذه البرامج في هذا المجال ستحقق الأهداف المنشودة في المستقبل القريب.
الواقع أن كون الإنترنت أداة من أدوات تحقيق المساواة بدأ يؤثر على جميع قطاعات الأعمال حيث إن شمولية الإنترنت جعلت المعلومات تتوافر لجميع المشتركين على الشبكة. وهذا الأمر من شأنه قطع الطريق على الذين يسعون إلى احتكار الأعمال والتسهيلات, أو إلى فرض تعريفات باهظة على الأعمال والخدمات التي يريدونها.
تتم عملية الشراء باختيار المستعمل الجناح الخاص بنوع السلعة التجارية المطلوبة, ثم ينتقي الفئة المعينة داخل الجناح, وأخيرا يختار السلعة المنشودة تحديدا من اللائحة النهائية التي تظهر على شاشة الكمبيوتر. كما ان المستعمل يضع ما يشاء في سلة التبضع الظاهرة الواقعة عند أسفل الشاشة, ثم يقوم بضبط الكمية حسب مبتغاه. وتتم عملية الشراء واحتساب السعر طبقا لنوع كل سلعة. فإذا كانت البضاعة موزا على سبيل المثال, فالبيانات الشخصية في الشبكة عبر الكمبيوتر حيث يضع معلومات تتضمن البطاقة الائتمانية. فبعدئذ يتم نقل هذه المعلومات إلى شركة "تيسكو" بواسطة شفرة سرية آمنة ترتكز على تكنولوجيا "أكتيف أكس" من تصميم "مايكروسوفت".
غير أن بعض الشركات المعنية بالتجارة الإلكترونية تستعمل وسائل تكنولوجية برامجية أخرى لضمان الناحية الأمنية مثل الوسائل المرتكزة على لغة "جافا". وعلاوة على ذلك, فإن عدداً من الشركات يعتمد وسائل غنية جداً بالوسائط المتعددة. كما عمدت "تسكو" إلى نشر خدمة خاصة غير متصلة بالشبكة لتكملة خدمات التجارة الإلكترونية المرتبطة بالإنترنت. وهي تقوم على برامج "تيسكو هوم شوبر" المسجلة على اقراص "سي دي روم".
ولقد أفاد استطلاع أجرته أخيرا الشركة الاستشارية "يانكيلوفيتش بارتنرز" بأن 65% إلى 75% من المشتركين على شبكة الإنترنت والذين لم يسبق أن مارسوا التجارة الإلكترونية يعتزمون الاعتماد على الانترنت في المستقبل في مجالات مثل الحجز في الفنادق أو شراء تذاكر السفر أو الأقراص الموسيقية التي تأثرت بالتجارة الإلكترونية.
كما أجرى مركز دراسات المستجدات في علم المال "سي إس إف آي" في بريطانيا مؤخراً, دراسة حول التغييرات التي يمكن ان تحدثها شبكة الانترنت على العمليات المالية, وكانت أبرز النقاط في هذا الصدد:
زيادة المنافسة في سوق الخدمات المالية مع إدخال اطراف جديدة, وهذا ما يحصل في الوقت الحاضر.
إطلاع المستعملين بصورة أوسع على حقيقة العمليات مع تزويدهم بالمزيد من المعلومات من مصادر مختلفة.
تفوق الشركات التي تعتمد على التقنيات الجديدة وتعتمد أساليب تسويقية متطورة بواسطة الشبكات المعلوماتية على تلك التي لا تزال تعتمد على الطرق والوسائل التقليدية.
زيادة "صلاحيات" الزبون مع جعله يتمكن من الولوج المباشر إلى المعلومات وتزويده بالوسائل التي تمكنه من تنفيذ خططه الخاصة.
إزالة الحدود السياسية والجغرافية القائمة بين المؤسسات المالية, حيث يختار المستعمل المؤسسة التي تناسبه على أساس الخدمات التي تؤمنها وليس على أساس جنسيتها.
ومن المعروف ان وسطاء البورصة والأسواق المالية يتقاضون عادة عمولات مرتفعة على الخدمات التي يؤدونها من استشارات واتمام صفقات بيع وشراء. وكانت نوعية ودقة المعلومات التي يقدمها الوسطاء هي المبرر لفرض النسبة المرتفعة من العمولات. ويبدو ان هذه الحجة لن يعود لها مبرر في المستقبل, وذلك بالنظر إلى توافر جميع أنواع المعلومات المطلوبة على الإنترنت.
والسفر ميدان آخر بدأنا نلاحظه في صفحات "وب". وتتحمس شركات الطيران كثيراً لفكرة بيع تذاكر السفر إلى المستهلك مباشرة عن طريق الإنترنت, من أجل حسم العمولة التي يتقاضاها وكلاء السفر وهي مرتفعة في بعض الدول وتبلغ نسبتها في الولايات المتحدة مثلاً 10% من قيمة التذكرة. وبلغت نسبة تذاكر السفر المبيعة عبر الإنترنت في الولايات المتحدة أقل من 1% من إجمالي تذاكر السفر المبيعة السنة الماضية, مع توقع أن تصل النسبة إلى 1.5% هذه السنة.
والواقع ان التجارة بالمفرق لم تنجح كثيراً على الإنترنت حتى الآن, حيث تقدر شركة "أكتيف مييا" لأبحاث التسويق أن ثلث الشركات التي تقوم بأعمال بيع السلع الاستهلاكية بالمفرق عبر الإنترنت فقط تحقق بعض الأرباح والسبب في ذلك هو أن تلك الشركات لا تعرض لائحة كاملة بالسلع التي تبيعها على مواقعها على الشبكة, ولذلك يفضل المستهلكون أن يعتمدوا على الكاتالوجات التقليدية المطبوعة على الورق, وتقوم الشركات بتطوير خدماتها في السنوات المقبلة لتصبح أكثر جاذبية للمستهلكين.
وأخيرا بدأت أكبر شبكتين لبيع الكتب في الولايات المتحدة تعرض عناوين كتبها على الإنترنت. كما ان هناك عدة مواقع متخصصة في كل من الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية. ولا يزال من المبكر التكهن بمدى نجاح هذا الأسلوب الجديد في المستقبل.
من جهة أخرى, فإن تجارة بيع السيارات هي من أكثر أنواع التجارة رواجا عبر الإنترنت في الولايات المتحدة, حيث يستطيع المستهلكون الاتصال بموقع متخصص مع تحديد نوع السيارة التي يرغبون بشرائها, فيتلقون إذ ذاك العروض من البائعين والشركات ويختارون من يقدم العرض الأفضل وبعدها يذهبون إلى مقر البائع لتسلم السيارة فقط. وتقل أسعار السيارات المعروضة عبر الإنترنت 10% تقريبا عن أسعار السيارات المبيعة بالطريقة التقليدية, والسبب في ذلك هو أن كلفة اشتراك بائع السيارات في شبكة لتأمين خدمات البيع عبر الشبكة هي ادنى بكثير من تكاليف الدعاية والتسويق بالأسلوب التجاري التقليدي.
ولقد بلغت نسبة السيارات التي تم بيعها بأسلوب التجارة الإلكترونية 13.24% في الولايات المتحدة السنة الماضية.
ولا تزال أعمال الإعلانات في بدايتها على شبكة الإنترنت, إلا أنها تبشر بمستقبل باهر, وذلك بالنظر إلى أنها تتيح للمعلنين إطلاع المشتركين على الإنترنت بصورة دقيقة جدا حول منتجاتها, كما انها تسمح باجراء دراسات دقيقة جدا حول جدوى وفعالية الإعلانات, حيث يمكن إحصاء عدد الطلبات على الموقع الاعلاني, وقد بلغ عدد العائدات الإعلانية على الإنترنت خلال السنة الماضية بالولايات المتحدة 267مليون دولار, أي اقل من واحد بالمائة من إجمالي العائدات الإعلانية لعام 1996.
ويتوقع الخبراء أن تشهد التجارة الإلكترونية ازدهارا واسعا خاصة أن انخفاض أسعار أجهزة الكمبيوتر الشخصية سيزيد من إقبال المستهلكين على شرائها. وقد أصبحت التجارة الإلكترونية ركنا مهما في الاستراتيجية المتبعة لدى قطاع الأعمال بشكل عام, وتحاول الشركات الاستفادة من المقومات التي توفرها الانترنت في إنجاز التعاملات التجارية إلكترونيا بهدف خفض الكلفة وزيادة نسبة الأرباح. ويتوقع الخبراء تغييرات جذرية خلال السنوات الخمس القادمة تشمل كيفية استعمال الشبكة وتقنيات الدعم والبنية التحتية للشبكة.
أما صفقات الشراء التي تمت عبر الإنترنت في مختلف أنحاء العالم فقد بلغت قيمتها 10بلايين دولار أمريكي خلال العام 1997ومن المتوقع أن تصل هذه القيمة إلى 220بليون دولار أمريكي بحلول العام 2001و426بليون دولار أمريكي في العام 2002.
وتبقى شروط الأمن والسلامة التي تضمن التبادلات المالية وتسليم المنتجات المبيعة العائق الأكبر أمام اعتماد الإنترنت لإنجاز المهام التجارية. ولا تزال أنظمة الدفع الإلكتروني في مراحلها الأولى, إذ تفتقر الشبكة للضمانات اللازمة في مجال الحفاظ على الخصوصية التجارية والتحقق من هوية الأطراف المشاركين في التبادلات التجارية. ولا يتعدى التسوق الإلكتروني اليوم خطوات بديهية تقليدية تتمثل بزيارة المستخدم إلى بعض المواقع على "وب" والدعوة لاجراء مقابلة هاتفية اذا أبدى المستخدم اهتمامه بسلعة ما.
وتدعيما لهذه الجهود أعلنت شركة "آي بي إم" أخيرا عن إنشاء مجمع أكاديمي يعنى بتعزيز حركة التجارة الإلكترونية وتأكيد مصداقيتها. وتحاول الشركة من خلال هذا المجمع الذي يحمل اسم "انستيتيوت فور ادفانسد كومرس" توجيه رسالة إلى العالم والهيئات الاكاديمية, بشكل خاص حول أهمية التجارة الإلكترونية كموضوع دراسة مستقل بحد ذاته. وترى "آي بي إم" انه من المفيد إجراء أبحاث أكاديمية جادة حول تأثير الإنترنت على التجارة العالمية.
كما رصدت ميزانية تمويل بقيمة 10 ملايين دولار امريكي لتنفيذ عدد من المشاريع والأبحاث التمهيدية حول اقتصاديات المعلومات والمزادات العلنية التي تتم عبر الانترنت والشبكات الإلكترونية.
وحذت بريطانيا حذو الولايات المتحدة حيث برزت أخيرا شركات تؤمن التجارة الإلكترونية عبر "الإنترنت" مخصصة لبعض أنواع السلع المرغوب فيها والخدمات المفيدة. وعلى سبيل المثال, تقوم شركة "إنترفلورا" بتسليم جميع أنواع الزهور الجميلة حسب الطلب, فعند الموقع يختار المستعمل باقات الأزهار بالألوان والأشكال والتصاميم البارزة على شاشة الكمبيوتر ثم يوصي بتسليمها على العنوان المطلوب بموجب البطاقة الائتمانية, فما عليه إلا استعمال برنامج التصفح على شبكة"وب" مثل "نتسكايب 3" الذي تنتجه شركة "نتسكايب" و"إنترنت اكسبلورر 3" بالنسخة الجديدة من إنتاج "مايكروسوفت".

 

أنطوان بطرس 

ليست هناك تعليقات: