بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 13 ديسمبر 2013

دروس في التسويق.. من «فيس بوك»

دروس في التسويق.. من «فيس بوك»
موقع التعارف الاجتماعي الذي يضم 120 مليون شخص حول العالم يعد نموذجا لما يمكن أن يحققه الإعلام الجديد
مؤسس موقع فيس بوك مارك زوكربيرغ في ندوة مؤخرا عن قدرات موقعه الاعلانية (أ. ب)
لندن: فيصل عباس
إذا كنت لم تكتشف بعد مدى قوة موقع «فيس بوك» Face book الإلكتروني وعلاقته بمفاهيم التسويق وأدواته فما عليك إلا أن تتذكر كيف انضممت إليه.تذكر جيدا، هل وجدت صندوق البريد الإلكتروني الخاص بك يغص بالرسائل التي تقول «صديقك فلان الفلاني يريد التواصل معك عبر فيس بوك» بشكل مفاجئ؟
هل تذكر ماذا كانت ردة فعلك؟ قد تكون تجاهلت هذه الرسالة مرة أو اثنتين قائلا: «هذا على الأرجح أحد البرامج السخيفة التي ستذهب موضتها بعد فترة»، لكن حين تصلك حوالي 100 رسالة خلال شهرين تكون النتيجة أن القلاع لا تقوى على الصمود، وسرعان ما تنهار المقاومة، فتستسلم أخيرا لسلطان الفضول أو لخشيتك من شبح الخوف من أن ينظر إليك على أنك «رجعي»، سيما وأن «فيس بوك» بات حديث الجميع في المقاهي والمطاعم والجلسات والسهرات. إن مجرد النظر إلى الطريقة التي انضم بها ملايين الأشخاص إلى هذا الموقع، تعد درسا في فنون التسويق بحد ذاته، وتحديدا عبر الاستفادة من قوة مفهوم يسمى «دعم الطرف الثالث» Third Party Endorsement والتسويق المباشر Direct Marketing عبر استخدام قاعدة بيانات Data Base لمستخدمين محتملين. أما براعة «فيس بوك» فكانت في مزج هذين المفهومين بشكل لافت، ففي كل مرة يشترك فيها شخص في موقع التعارف الاجتماعي هذا (الاشتراك مجاني وكل ما يتطلبه الأمر هو أن يكون لديك عنوان بريد الكتروني فاعل)، يتلقى رسالة تدعوه لدعوة أصدقائه للاشتراك كذلك، كي يتمكن من التواصل معهم.
إلا أن الحيلة هي أنه بدلا من أن تتكلف أنت شخصيا بعناء دعوة جميع أصدقائك، يعرض عليك «فيس بوك» القيام بالأمر نيابة عنك عبر ارسال دعوة الكترونية، وكي يتمكن من فعل ذلك فكل ما عليك القبول به هو أن تتيح للموقع استخدام «دليل العناوين» الخاص بعنوان بريدك الالكتروني (ويذهب «فيس بوك» كذلك إلى حد الاتصال بأي شخص تم تبادل أي رسالة معه في أي وقت مضى من عنوانك الالكتروني كذلك)، وفي المقابل تحصل فورا على قائمة بأسماء أصدقائك المسجلين فعلا في «فيس بوك» فيما يرسل الموقع للبقية الدعوات وتبلغ أنت فور قبولهم وانضمامهم. أما مفهوم «دعم الطرف الثالث» فهو يكمن في كون الدعوة تصل إلى صديقك باسمك، وليس باسم «فيس بوك».. وفي الغالب حين يتلقى شخص دعوات من العشرات من أصدقائه يبدأ بالتفكير بأن هذه الخدمة لا بد أنها جيدة حتى تلم هذا القدر من الأشخاص الذين اعرفهم.. إضافة إلى ذلك، يصبح مستخدمو «فيس بوك» مجتمعا قائما بحد ذاته، وبالتالي يتحول الموقع والصور التي توضع عليه والمواضيع التي تتم مناقشتها عليه إلى محور أحاديث الناس الذين تلتقيهم في المناسبات العامة. إلا أن ذلك لا يعد سوى بداية علاقة الموقع بمجال التسويق، فكما قد يخبرك أهل الاختصاص على الأرجح، فإن ثروة الموقع تكمن في المعلومات التي يحتويها عن مستخدميه الذين فاق عددهم في مايو الماضي 120 مليون شخص حول العالم. ويضع المستخدمون على صفحاتهم الشخصية Profile Pages عادة معلومات مثل أعمارهم، جنسهم، حالتهم الاجتماعية، مكان اقامتهم، مجال عملهم، البلدان التي سافروا اليها، الماركات التي يفضلونها، آخر الكتب أو الأفلام التي تابعوها، اهتماماتهم وهواياتهم. وإذا كنت تعتقد ان هذه المعلومات لا تأثير لها، فما عليك سوى أن تقارن الإعلانات التي تظهر على صفحة «فيس بوك» الخاصة بك مقارنة مع أحد زملائك لتدرك كم هي قيمة، فبالنسبة لشاب عشريني أعزب يعاني من مشكلة في زيادة الوزن مثلا، قد تجد على صفحته مرارا إعلانات خاصة بعيادة التجميل وشفط الدهون مع عبارات تقول ان عمليات التجميل تزيد الثقة بالنفس وتدفعك الى ان تكون اكثر جاذبية، أو روابط لخدمات التعرف إلى الفتيات (استنادا إلى الحالة الاجتماعية، ففي الغالب لو وضع الشاب حالته الاجتماعية بأنه مرتبط او متزوج فلن يظهر له هذا الاعلان)، فيما فتاة مراهقة مثلا ستبدأ برؤية إعلانات عن حفلات موسيقييها المفضلين.
ذلك لأنك كمعلن في «فيس بوك» تستطيع التحكم في من يرى اعلانك (المدفوع) ومن لا يراه عن طريق خيارات عدة كتحديد الجنس، العمر، الوظيفة، التوجه السياسي، مستوى التعليم، الحالة الاجتماعية بالاضافة بالتأكيد إلى الكلمات التي تشير إلى اهتمامات معينة، او ما يعرف بـ key words (حيث تختار مثلا أن يظهر اعلان المغنية «ريهانا» على صفحات كل من وضع اسمها ضمن موسيقاه المفضلة). من جهة ثانية، هناك ميزتا «المجموعات» و«الصفحات».. وهذه تسهل التسويق المباشر بشكل كبير، فمثلا هناك نحو 200 ألف شخص مسجل في صفحة معجبي الفنانة «ريهانا» (وأكثر من مليون و200 ألف داعم للمرشح الديمقراطي للرئاسة الاميركية باراك اوباما)، وبالتالي يمكن للمشرف على صفحة «ريهانا» ان يتصل بـ 200 ألف من معجبيها حول العالم بـ«كبسة زر». وهنا يتوجب تسليط الضوء على قدرة «فيس بوك» في المساعدة على تنظيم الفعاليات، فهناك خدمة مجانية تسمى Events، تمكنك من التعريف بالحدث والترويج له الذي تسعى لتنظيمه ودعوة من تشاء من المستخدمين، ومعرفة عدد الراغبين في الحضور والمعتذرين عنه في نفس الوقت. الجدير بالذكر أن معظم مواقع التعارف الاجتماعي Social Networking (مثل «فيس بوك» و«ماي سبيس» و«هاي 5») تتشارك في قدراتها التسويقية، لكن الاختلاف يكمن في مدى تطوير برامج تقرب المعلنين والمستخدمين المسجلين، من دون التأثير سلبيا في متعة الاستخدام بالنسبة للطرف الأخير. وتعتبر هذه المواقع جزءا مما بات يسمى اليوم «الإعلام الاجتماعي» Social Media وتصب في التطبيقات المعنية بمجال «التواصل»، فيما يعد موقعا «يوتيوب» لتبادل ملفات الفيديو و«فليكر» لتبادل الصور مثالين عن تطبيقات الوسائط المتعددة، ويعد موقع عالم «أي سيكوند لايف» ولعبة «ورلد اوف واركرافت» مثالين عن الترفيه في مجال الاعلام الاجتماعي. من جهة ثانية، لا بد من التنويه بأن الإعلام الاجتماعي بات قويا كمفهوم لدرجة أن فصيلا جديدا من المنتجات الاستهلاكية بات يصمم خصيصا لمواكبته، ولعل أبرز مثال على ذلك هو الكاميرات الرقمية التي باتت تحمل شعار «متوافقة مع يوتيوب»، بمعنى أنها مصممة، بحيث تصور ملفات الفيديو بشكل يسهل التحميل والعرض على موقع ملفات الفيديو الشهير. من جهة ثانية، بات كثير من الشباب في بريطانيا يقبل على عروض شرائح وهواتف الجوال التي تمنحك اتصالا مجانيا وفي أي وقت بموقع «فيس بوك».. ويقول الإعلان «لا تتخلف عن اصدقائك».

ليست هناك تعليقات: