بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 20 ديسمبر 2013

الحكومة الالكترونية - مفهومها، متطلباتها وفوائدها

الحكومة الالكترونية - مفهومها، متطلباتها وفوائدها
د. واجب غريبي
أستاذ مساعد في كلية علوم الحاسب الآلي
جامعة الملك خالد- أبها- المملكة العربية السعودية

wggaribi@kku.edu.sa

الملخص:

وقتنا الحاضر، هو عصر تقنية المعلومات والاتصالات والتي تعتبر بحق أهم دعائم وأسس تقدم الدول وتطورها. ولقد أثبتت الدراسات والتجارب على أن هذه التقنية تستطيع أن توفر للإنسان خدمات كثيرة لم يكن يعهدها من قبل، ولهذا فإن معظم الدول دأبت على توظيف هذه التقنية ووضع الخطط الإستراتيجية لتطويرها واستثمارها في جميع المجالات وذلك من خلال إرساء مفهوم الحكومة الالكترونية.

يتم في الفصول الأربعة الأولى من بحثنا هذا التعريف بمفهوم ومحتوى ونطاق ومتطلبات بناء الحكومة الالكترونية. أما في الفصل الخامس فيتم تسليط الضوء على أهم فوائد تطبيق الحكومة الالكترونية. وفي الفصل السادس يتم دراسة واقع الحكومة الالكترونية في الوطن العربي مع ذكر أهم النقاط التي تكرس الوجود العربي في مجتمع المعلومات. أما النتائج والتوصيات فيتم عرضها في الفصل السابع والأخير.

1- مقدمة

تمتلك تكنولوجيا المعلوماتية والاتصالات عناصر قوة باستطاعتها فرض تغيير في أنماط العمل والإدارة في جميع المجالات ونخص بالذكر هنا في الدوائر الحكومية، حيث تقوم برفع كفاءة الأداء وكسب الوقت والمال والجهد. كما توفر الطفرة الإلكترونية الحديثة إمكانية إشراك المواطنين والمجتمع المدني في مناقشة السياسات، من خلال الحوار المباشر، ودعم اتخاذ القرارات، وصياغة السياسات بشكل متفهم أكثر للمواطن واحتياجاته. من هذا المنطلق نشأت فكرة "الحكومة الإلكترونية"، وأخذت بها معظم دول العالم ووصلت في تنفيذها مستويات متقدمة‏.‏ 

لقد بدأ مفهوم "الحكومة الإلكترونية" في الظهور، على المستوى العالمي، أواخر سنة 1995، حين بدأت هيئة البريد المركزي في ولاية فلوريدا الأمريكية تطبيقه على إدارتها. لكن الميلاد الرسمي والسياسي لهذا المفهوم كان في مؤتمر نابولي بإيطاليا، في شهر مارس من سنة 2001.‏ ومصطلح "الحكومة" يقصد به تدبير الشؤون العامة، وليس فقط مجموع المؤسسات المكلفة بذلك. و"الحكومة الإلكترونية" تعني استغلال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتطوير وتحسين تدبير الشؤون العامة. ويتمثل ذلك في إنجاز الخدمات الحكومية الرسمية، سواء بين الجهات الحكومية أو بين هذه الجهات والمتعاملين معها، بطريقة معلوماتية تعتمد على الإنترنت وتقنياتها، وذلك وفق ضمانات أمنية معينة تحمي المستفيد والجهة صاحبة الخدمة.‏‏ ويتم التمييز بين ثلاث مستويات من هذه الخدمات:‏‏ 

1. مستوى إعلامي يتم فيه نشر البيانات والمعلومات (مثل معطيات حول التصريح بالضريبة)،‏‏ 

2. مستوى تفاعلي (يقوم فيه المستفيد بملء استمارة التصريح بالضريبة)،‏‏ 

3. مستوى معاملاتي (يقوم فيه المستفيد بدفع مستحقات الضريبة).‏‏ 

وكمثال على ذلك فإن البرازيل تعد أول دولة تعتمد نظام التصريح الضريبي عبر الإنترنت سنة 1997، وفي سنة 1999 تم ملء 60 في المائة من التصاريح الضريبية في البرازيل عبر الإنترنت، وما ينطبق على الضريبة يجوز في باقي الخدمات كتجديد جوازات السفر وحجوزات الطيران، ومواعيد المستشفيات، وتراخيص المهن والمحلات التجارية وغيرها الكثير.‏‏ 

وإن تطوير مفهوم "الحكومة الإلكترونية" وتحويله إلى واقع فعلي يمكن أن يحقق نتائج كبيرة على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فهو، من جهة، أسلوب يستجيب لتطلعات المستفيدين من أفراد ومؤسسات، حيث يقدم خدمات أفضل بإذابة جليد تعقيدات الإجراءات البيروقراطية والروتينية، وتوفير إمكانية الدخول إلى كافة الخدمات، وتحديد وتلبية احتياجاتهم بسهولة مطلقة، وعلى أساس من النزاهة والمساواة والشفافية. ومن جهة أخرى، هو بمثابة طريقة لتفعيل الجهاز الحكومي وتطوير أدائه وتخفيف الأعباء الإدارية عنه، كما أنه يعد أفضل وسيلة لإعادة الثقة إلى المواطنين في الإدارة. ‏‏وبحق، فإنه يمكن وصف "الحكومة الإلكترونية" بأنها "ثورة في التفكير والتنفيذ، وثورة للقضاء على هدر الوقت والجهد والموارد". ولكن هذا الأسلوب المتطور في العمل يتطلب الكثير مثل، إقامة بنى أنظمة الاتصالات و المعلوماتية، ووضع الإطار التشريعي المناسب و الهيكل التنظيمي الملائم لمنظومة الحكومة الالكترونية، بالإضافة إلى نشر وتعميم الثقافة الرقمية و تعميق الوعي بمفهوم "الحكومة الإلكترونية" وأهميتها، والفوائد التي يمكن أن تحققها للمواطنين وللمؤسسات وللحكومة. 

2- مفهوم الحكومة الالكترونية

تقوم فكرة الحكومة الالكترونية على ركائز عديدة، أهمها: 

1- تجميع كافة الأنشطة والخدمات المعلوماتية والتفاعلية والتبادلية في موضع واحد هو موقع الحكومة الرسمي على شبكة الانترنت، في نشاط أشبه ما يكون بفكرة مجمعات الدوائر الحكومية.

2- تحقيق حالة اتصال دائم بالجمهور ( 24 ساعة في اليوم، 7 أيام في الأسبوع، 365 يوم في السنة )، مع القدرة على تأمين كافة الاحتياجات الاستعلامية والخدمية للمواطن. 

3- تحقيق سرعة وفعالية الربط والتنسيق والأداء والإنجاز بين دوائر الحكومة ذاتها ولكل منها على حده. 

4- تحقيق وفرة في الإنفاق في كافة العناصر بما فيها تحقيق عوائد أفضل من الأنشطة الحكومية ذات المحتوى التجاري.
فمثلاً، إذا دققنا في التجربة الأمريكية للحكومة الالكترونية فإننا نجد بأنها تهتم أكثر بالمشتريات الحكومية و بالعلاقات التجارية بين قطاعات الحكومة ومؤسساتها وبين
الجمهور ومؤسسات الأعمال في القطاع الخاص، وهذا ما يعكس الذهنية الاستثمارية أو الاقتصادية السائدة في أمريكا، في حين لو دققنا النظر في التجارب الأوروبية لوجدنا المحرك الرئيس للعمل هو حماية وخدمة المستهلك أو المواطن. وبين هذين الاتجاهين تتجاذب الدول النامية التجارب المنقولة التي ربما لن تكون أكثر من نماذج مستنسخة. وإذا كان يمكن التجاوز عن استنساخ أي تطبيق من تطبيقات تقنية المعلومات فان الحكومة الالكترونية عصية عن الاستنساخ إن أردناها ناجحة وفاعلة، لأن متطلباتها تعتمد جوهرياً على البناء الخاص للحكومة الواقعية وعلى الأداء الخاص بالموظف الحكومي وعلى الثقافة الخاصة بمجتمع المواطنين . 

وإذا كانت بعض المفاهيم للحكومة الالكترونية تقوم على أساس تجميع الخدمات في موضع واحد، فان مفاهيم أخرى تناقض هذه الفكرة، إذ لا يرى البعض حاجة لانتهاج مسلك التجميع، بل يمكن أن يتحقق الإنجاز بشكل أفضل إن تم إنشاء أكثر من مركز للعمل الحكومي الالكتروني، وهذا من جديد يعيد التساؤل حول النظامين المركزي و اللامركزي و أيهما أفضل في الواقع التطبيقي. 

ويمكننا في ضوء ما تقدم القول بأن الحكومة الالكترونية من حيث مفهومها، هي البيئة التي تتحقق فيها خدمات المواطنين واستعلاماتهم وتتحقق فيها الأنشطة الحكومية للدائرة المعنية من دوائر الحكومة بذاتها أو فيما بين الدوائر المختلفة باستخدام شبكات المعلومات والاتصال عن بعد. 

3- محتوى ونطاق الحكومة الالكترونية

في محاولة لتصور محتوى الحكومة الالكترونية، يمكن الدخول إلى أحد مواقع الحكومات الالكترونية الغربية التي أعلنت عن إنجاز العمل على بناء الحكومة الالكترونية، أو لا تزال تطور نشاطها لبلوغ هذا الهدف، ومثال ذلك موقع الحكومة الالكترونية الأمريكية الفدرالي (www.firstgov.gov ) إذ يجد الزائر موقعاً بسيطًا من حيث مظهره، يوفر مدخلاًً على السلطات الثلاث في الدولة، التنفيذية والتشريعية والقضائية، ومن خلالها تتوفر مداخل على كافة المؤسسات والهيئات التي تتبع كل سلطة، وتتوفر أيضاً مداخل على هيئات ومنظمات الحكومات المحلية التشريعية والتنفيذية والقضائية. وبكل سهولة تجد أن ثمة خدمات متكاملة تتم الكترونياً في حقل الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي والأحوال الشخصية وشؤون الهجرة وفي حقل الضرائب والأعمال والاستثمار و... الخ. وثمة وسائل للدفع الالكتروني لدى الجهات المتعين الوفاء لها بالرسوم أو بمبالغ معينة لقاء خدمات معينة، وهي وسائل دفع متبادلة وتفاعلية، كما تتوفر ميزة تعبئة أي نموذج حكومي بصورة رقمية آنياً وإعادة إرساله، وتتوفر إمكانية البحث عن أي أمر إما عبر محرك بحث عملاق يوصل للنتائج المطلوبة حتى في حالات الخطأ الناجم عن التهجئة أو غيره، إضافة إلى دليل مفهرس لغير الراغبين باستعمال تقنية البحث. وإن الكم الهائل المتوفر من المعلومات بل والروابط إلى مراكز المعلومات يثير تحد أساسي وهو أن تكون كل معلومات الاستعلام المتوقع متوفرة، ومتوفرة ضمن مقاييس تقنية تتيح الوصول إليها آنياً على الانترنيت. 

إن بناء الحكومة الالكترونية يعني الأخذ بالحسبان كل ما تمارسه الحكومة في العالم الحقيقي، سواء في علاقتها بالجمهور أو علاقة مؤسساتها بعضها ببعض أو علاقتها بجهات الأعمال الداخلية والخارجية. إنها بحق إعادة هندسة أو إعادة اختراع للقائم ووضعه في نطاق البيئة الرقمية التفاعلية. ومن وجهة نظرنا فإن محتوى الحكومة الالكترونية يجب أن يتضمن: 

1- محتوى معلوماتي يغطي كافة الاستعلامات تجاه الجمهور أو فيما بين مؤسسات الدولة أو فيما بينها وبين مؤسسات الأعمال. 

2- محتوى خدمي يتيح تقديم كافة الخدمات الحياتية وخدمات الأعمال آنياً. 

3- محتوى اتصالي (وهو ما يسمى تكوين المجتمعات) يتيح ربط إنسان الدولة وأجهزة الدولة معاً في جميع الأوقات وبوسيلة تفاعل يسيرة. 

وأياً كان الإنجاز ومستوياته في بناء الحكومة الالكترونية فان ثمة أولوية للقطاعات التالية: 

· البيانات والوثائق– تعريف الشخصية ، سجلات الأحوال.

· التعليم – الخدمات الأكاديمية والتعليم عن بعد .

· خدمات الأعمال.

· الخدمات الاجتماعية. 

· السلامة العامة والأمن .

· الضرائب.

· الرعاية الصحية.

· شؤون النقل.

· الديمقراطية والمشاركة.

· الخدمات المالية ووسائل الدفع.

وإن الحكومة الالكترونية وفق التصور الشامل يتعين أن تكون وسيلة بناء اقتصاد قوي وتساهم في حل المشكلات الاقتصادية، وتكون وسيلة خدمة اجتماعية تساهم في بناء مجتمع قوي، ووسيلة تفاعل بأداء أعلى وكلف أقل وهي أيضاً وسيلة أداء باجتياز كل مظاهر التأخير والبطء والترهل في الجهاز الحكومي. ولا نبالغ إن قلنا أنها خير وسيلة للرقابة لما تتمتع به النظم التقنية من إمكانيات التحليل والمراجعة آلياً وبشكل مؤتمت للأنشطة التي تتم على الموقع، فإذا نظرنا إليها من هذه الأبعاد حققت غرضها، وبغير ذلك ربما تكون وسيلة إعاقة إن لم يخطط لبنائها بالشكل المناسب وضمن رؤية واضحة.
4- متطلبات بناء الحكومة الالكترونية 

هنالك ثمة متطلبات لبناء الحكومة الالكترونية، تقنية وتنظيمية وإدارية وقانونية وبشرية، لكننا نركز هنا على أهم ثلاث متطلبات أشار إليها الكثير من الخبراء في هذا الحقل، و يمكن تلخيصها فيما يلي : 

1- حل المشكلات القائمة في الواقع الحقيقي قبل الانتقال إلى البيئة الالكترونية. ولتبيان أهمية هذا المتطلب نضرب المثال بشان محتوى الحكومة الالكترونية، إذ يجب على الحكومات أن تقوم بتوفير كافة المعلومات اللازمة لمواطنيها عبر الانترنت. حيث يجب أن تتواجد سياسة يتم بموجبها تحديد جميع الوثائق والمعلومات والنماذج الحكومية مباشرة عبر الانترنت. وباختصار، كلما ظهرت وثيقة حكومية جديدة أو معلومات جديدة يجب وضعها مباشرة على الانترنت. وفي هذا الإطار فإن أكبر مشكلة تواجهنا هي مشاكل التوثيق القائمة في الحياة الواقعية، إذ ليس ثمة نظام توثيق فاعل يضع كافة وثائق العمل الحكومي في موضعها الصحيح في الوقت المطلوب، فإذا ما كان هذا واقع العمل الحقيقي فإنه من الخطورة بمكان الاتجاه لبناء الحكومة الالكترونية قبل إنهاء المشكلة القائمة في الواقع غير الالكتروني. 

2- توفير البنى والاستراتيجيات المناسبة الكفيلة ببناء المجتمعات، فبناء المجتمعات يتطلب إنشاء وسيط تفاعلي على الانترنت يقوم بتفعيل التواصل بين المؤسسات الحكومية بينها وبين المواطنين وبينها وبين مزوديها. بحيث يتم توفير المعلومات بشكل مباشر عن حالة أية عملية تجارية تم تأديتها في وقت سابق، إضافة إلى استخدام مؤتمرات الفيديو لتسهيل الاتصال بين المواطن والموظف الحكومي و بذلك يتم ربط المواطن بمختلف أجهزة الحكومة للحصول على الخدمات الحكومية بأنواعها بشكل آلي ومؤتمت، إضافة إلى إنجاز الحكومة ذاتها مختلف أنشطتها باعتماد شبكات الاتصال والمعلومات لخفض الكلف وتحسين الأداء وسرعة الانجاز وفعالية التنفيذ. هذا ومن الممكن أن تجني الحكومات الالكترونية عوائد مهمة، وتوفر معلومات وخدمات أفضل في مجال التعاملات بين الحكومات والمواطنين وبين الحكومات وقطاع الأعمال وبين الدوائر الحكومية ذاتها. وإن مفهوم الحكومة الالكترونية يجب أن يعكس سعي الحكومات إلى إعادة ابتكار نفسها لكي تؤدي مهامها بشكل فعال في الاقتصاد العالمي المتصل مع بعضه البعض عبر شبكة الانترنيت، والحكومات الالكترونية ليست سوى تحول جذري في الطرق التي تتبعها الحكومات لمباشرة أعمالها وذلك على نطاق لم نشهده منذ بداية العصر الصناعي. 

3- حل جميع المشكلات الخاصة بقانونية التبادلات التجارية وتوفير وسائلها التقنية والتنظيمية، ذلك لأن جميع المبادلات التي تتعامل بالنقود يجب وضعها على الانترنت، مثل إمكانية دفع الفواتير والرسوم الحكومية المختلفة مباشرة عبر الانترنت وحل الإشكالات التي تتصل بوسائل الدفع وقانونيتها ومدى قبول القانون للدفع الالكتروني كبديل عن الدفع النقدي. بالإضافة إلى حماية أمن المراسلات الالكترونية و احترام الخصوصية وصياغة قانون المساءلة الجنائية للصوص الانترنيت والعابثين بأمن المعلومات، وهذا يعني أن الحكومة الالكترونية تتطلب الوقوف على كافة تشريعات النظام القانوني القائم وهي لا تحتمل أن يشرع لها بقالب تشريعي جاهز قد يكون مناسباً في بيئة مغايرة وغير مناسب في البيئة المحلية، لذا فإن النظام القانوني للحكومة الالكترونية يستدعي أن نجرِ مسحاً تشريعياً لتوطيد ركائز نظام قانوني فعال يعمل في ميدان الإدارة الحكومية والتعاقدات الحكومية. وإذا ما ربطنا التحدي القانوني بعناصر النجاح في بناء الحكومة الالكترونية، فإن العناصر الحاسمة لضمان بناء حكومة الكترونية حقيقة وفاعلة يتم بوضع خطة تنطوي على عناصر النجاح، وذلك بأن تكون الرؤية واضحة، وأن تحدد الأهداف على نحو قابل للتطبيق، وأن تخضع كافة المراحل للإشراف القيادي والمتابعة وأن تحفز الخطة فرص المشاركة والاستثمار، وأن تعامل كافة المراحل بالواقعية والشفافية، وأن تعتمد إستراتيجية المراجعة و التحليل اللاحق لما أنجز وما تبقى دون إنجاز، حتى نضمن توفر عنصر التطور المطلوب.
5- فوائد تطبيق الحكومة الإلكترونية



‏إن لتطبيق الحكومة الالكترونية وتنفيذها فوائد عديدة نذكر منها:

1- كفاءة الإجراءات وترشيد الكلفة‏:

مع تطور تقديم الخدمات الحكومية وتبسيط الأنظمة والإجراءات، يمكن أن تحقق الحكومة الإلكترونية فوائد عديدة للقطاعات الحكومية والخاصة مثل : ‏ ‏‏‏‏‏‏ 

o رفع مستوى الأداء: إمكانية انتقال المعلومات بدقة وانسيابية بين الدوائر الحكومية المختلفة, مما يقلص الازدواجية في إدخال البيانات و الحصول على المعلومات من القطاعات التجارية والمواطنين. كما أن تدوير المعلومات إلكترونياً من مرحلة التقديم إلى الحصول على الموافقة بين القطاعات الحكومية والمتعاملين معها يعنى أن الإجراءات يمكن أن تنجز خلال دقائق أو ثوان بدلاً من ساعات أو أيام.‏ ‏‏‏‏‏‏ 

o زيادة دقة البيانات: نظراً لتوفر إمكانية الحصول على المعلومات المطلوبة من جهة الإدخال الأولية, فإن الثقة بصحة البيانات المتبادلة التي أعيد استخدامها ستكون مرتفعة وسيغيب القلق من عدم دقة المعلومات أو الأخطاء الناجمة عن الإدخال اليدوي.‏ ‏‏‏‏‏‏ 

o تقليص الإجراءات الإدارية: مع توفر المعلومات بشكلها الرقمي, تتقلص الأعمال الورقية وتعبئة البيانات يدوياً كما تنعدم الحاجة لتقديم نسخ من المستندات الورقية طالما أن الإمكانيات متاحة لتقديمها إلكترونياً.‏ ‏‏‏‏‏‏ 

o الاستخدام الأمثل للطاقات البشرية: إذا تم احتواء المعلومات بشكل رقمي, مع سهولة تحريكها وإعادة استخدامها إلكترونياً من مكان لآخر، سيصبح بالمستطاع توجيه الطاقات البشرية للعمل على مهام وأعمال أكثر إنتاجية.‏ ‏‏‏‏‏‏ 

2- تميز الخدمات العامة:
إن الحكومة الإلكترونية واحدة من الوسائل الرئيسية للارتقاء بجودة الخدمات العامة من خلال رفع مستوى الخدمات الحكومية وتبسيط الإجراءات وتنظيمها. وستتوفر الإمكانية للوصول إلى الخدمات الحكومية بسهولة عبر أجهزة الحاسب الآلي ومراكز خدمة المجتمع ومراكز الأعمال وغيرها من المواقع المتاحة، وستنتفي الحاجة إلى مراجعة الدوائر الحكومية للحصول على التعليمات وتقديم البيانات للموظف الحكومي الذي يستقبل المراجعين. حيث يمكن تقديم هذه الخدمات من خلال شبكة الإنترنت على مدار الساعة دون التقيد بساعات الدوام الرسمي للقطاعات الحكومية. إن إيجاد الإمكانية للتخاطب الإلكتروني بين القطاعات الحكومية لتقديم خدمة موحدة سيساهم بشكل مباشر في رفع مستوى الخدمات الحكومية التي تقدم للمواطن وقطاع الأعمال، ‏‏‏‏‏‏كما يمكن للقطاعات الحكومية أن تعدل وتطور المعلومات والأنظمة الخاصة بالخدمات التي تقدمها بشكل فوري, الأمر الذي سيساهم في توفير معلومات دقيقة وحديثة للمستخدمين بشكل آني. وبالمثل, فإن تسديد الرسوم يمكن أن يتم إلكترونياً من خلال البنوك مع زيادة قدرات الربط والتوصيل, والتأكيد على وصول الخدمات إلى كافة المناطق والقطاعات بشكل فوري.‏ ‏‏‏‏‏‏ 

3- نمو الأعمال التجارية:

إن الحكومة الإلكترونية أكثر من مجرد تجارة الإلكترونية، فالتجارة الإلكترونية تعنى ببيع السلع أو الخدمات عبر استخدام التقنية مثل شبكة الإنترنت. أما الحكومة الإلكترونية فتهتم في المقام الأول باستخدام التقنية لرفع مستوى الخدمات الحكومية وتسهيل الحصول عليها, والتنسيق بين الهيئات الحكومية المختلفة لتحقيق الفائدة للمواطنين والشركات والحكومة ذاتها. وتشمل هذه الخدمات: المشتريات والمناقصات الحكومية للسلع والخدمات, تسجيل وتجديد الرخص والتصاريح, إيجاد الوظائف وتسديد المستحقات...الخ.‏ وبالتالي فإن الحكومة الإلكترونية تهدف إلى تحويل التعامل ( بين القطاعات الحكومية مع بعضها) إلى طريقة تتسم بالسهولة والراحة والشفافية والجدوى الاقتصادية. وتقع الحكومة الإلكترونية في محور التعاملات بين ثلاثة قطاعات حيوية: القطاعات الحكومية, قطاع الأعمال, والمواطنين، والأهم من ذلك أن للحكومة الإلكترونية دوراً أوسع وتأثيراً أشمل على الأمم, لأن الحكومات في معظم الدول تعتبر المناصر الأقوى لدعم الاقتصاد حيث أن لها دوراً رئيسياً في توظيف الكوادر البشرية, وتنفيذ المشتريات والمنافسات, وإعداد التشريعات, وتقديم الخدمات, وتحصيل الإيرادات. وفي الحقيقة، فإن مبادرات تنفيذ الحكومة الإلكترونية يمكن أن تكون حافزاً لنمو استخدام تقنية المعلومات في الدول، علاوة على ذلك فإن ترابط الحكومة الإلكترونية يحث على تبني تقنية المعلومات بجميع قطاعات الاقتصاد، كما أن المعايير التي تصدر عن الحكومة عند تقديم الخدمات والتجاوب مع الراغبين في الحصول على تلك الخدمات, وكفاءة الأداء, يمكن اعتبارها نبراساً لتطوير خدمات التجارة الإلكترونية.‏ و‏من خلال الحكومة الإلكترونية, ستتاح الفرصة للنشر والإعلان عبر شبكة الانترنت عن المناقصات الحكومية وفرص التعاقد لتنفيذ مشاريع تنموية مع القطاعات الحكومية المختلفة. كما أن المعلومات ستكون متاحة للجميع للإطلاع عليها مما يمكن أي شركة لديها اهتمام بالمشاريع المعلن عنها من التقدم بعروضها للتعاقد مع الحكومة بغض النظر عن حجم الشركة، وسيكون الحصول على الخدمات الحكومية أكثر سهولة ويتم إنجازها خلال فترات زمنية أقصر مع تكاليف مالية أقل, وسيصبح الوصول إلى معلومات دقيقة يجري تحديثها أولاً بأول أكثر يسراً. وبالتالي فإن هذه العناصر مجتمعة بإمكانها دعم الجهود الرامية لجذب الاستثمارات الأجنبية والارتقاء بقدرات قطاع الأعمال إلى المنافسة عالمياً.‏ ‏‏‏‏‏‏

6- الحكومة الإلكترونية في الوطن العربي

نعرض في هذه الفقرة واقع الحكومة الالكترونية في الوطن العربي، كما نسلط الضوء على أهم الخطوات العملية لتكريس الوجود العربي في مجتمع المعلومات وإرساء دعائم تركيز الحكومة الالكترونية فيه.

لقد أكدت التجارب والدراسات على أهمية تقنية المعلومات والاتصالات في العصر الحاضر وبأنها من أهم دعائم وأسس تطور وتقدم الدول، ولها أثرها في تحديد مكانة الدولة وترتيبها بين الأمم في كافة المجالات الثقافية، والاقتصادية، والعسكرية، والاجتماعية. لذا تزايد اهتمام الحكومات بهذه التقنية و تم وضع خططاً وطنية لتطويرها واستثمارها على أكمل وجه، وذلك من خلال إرساء مفهوم الحكومة الالكترونية. ففي بعض الدول، ارتفع الإنفاق على بناء مراكز لتقديم خدمة الحكومة الالكترونية إلى مبلغ 6.2 بليون دولار عام 2003 كما هي الحال في الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال من واقع 5.1 بليون دولار تم إنفاقها عام 2000، بينما استثمرت المملكة المتحدة مبلغ 4 بلايين دولار في بناء نماذج للحكومة الالكترونية في مختلف المؤسسات وسوف تستخدم كل هذه النماذج في دول الاتحاد الأوروبي، ناهيك عن أن الإنفاق على مثل هذه المشروعات أصبح يجد تأييداً كبيراً لدى الدوائر السياسية في أغلب دول العالم للتغلب على مشكلات البيروقراطية والمركزية، وتأخر الخدمات وطوابير الانتظار. ولقد أصدرت الأمم المتحدة بالتعاون مع الجمعية الأمريكية للإدارة العامة تقريراً خلال عام 2001 أوضحتا فيه مؤشرات ترتيب الدول على مستوى العالم في مجال تطبيق الحكومة الالكترونية. ويمكننا ملاحظة أن الولايات المتحدة تأتي في المرتبة الأولى تعقبها استراليا ونيوزيلندا وسنغافورة والنرويج وكندا والمملكة المتحدة وهولندا والدانمرك وألمانيا، حيث اعتمد المؤشر على العديد من العناصر الكمية التي يمكن قياسها مثل قدرة السكان في كل أنحاء الدولة على الوصول إلى المعلومات إلكترونياً. كما أن المؤشر عكس إلى حد كبير الترتيب الاقتصادي العام للدول، وبناءً على ذلك فلقد خرج التقرير بنتيجة مفادها أن هناك علاقة كبيرة بين التطور الاقتصادي وفاعلية الحكومات الالكترونية، وأن هنالك نقص في التنسيق بين المنظمات الحكومية فيما يتعلق بعمليات بناء الحكومة الالكتروني، كما أنه ليس للمسؤولين عن بناء مشروعات الحكومة الالكترونية مكان محدد في الهياكل التنظيمية للمؤسسات، و تتوقف مشروعات الحكومة الالكترونية على الأولوية الممنوحة لها في الخطاب السياسي، بالإضافة إلى وجود فجوة رقمية بين المؤسسات المسؤولة عن الإدارة العامة.

ولقد قمنا بالإطلاع ورصد العديد من الدراسات عن الحكومة الالكترونية في الوطن العربي وتوصلنا إلى الملاحظات التالية:

§ وجود فجوة رقمية بين الحكومات العربية فيما يتعلق بتطبيق البنية الأساسية للمعلومات تركت آثاراً واضحة في عدد المواقع الخاصة بكل حكومة عربية وفي فحوى ومضمون ومحتوى هذه المواقع.
§ عدم الإدراك الكامل والواعي لكل عناصر التكنولوجيا والبرمجيات وأهميتها عند بناء الحكومات الالكترونية في العالم العربي مما يفقد المئات من المواقع الكثير من الأهداف التي بنيت من أجلها وقد يعود ذلك إلى أن القائمين على مثل هذه المشروعات غير متخصصين أو أن هناك قصوراً في
الوعي بعناصر التكنولوجيا وخباياها أو عدم الإطلاع على الأدب المنشور والإنتاج الفكري في مجال التكنولوجيا.

§ ليست هناك علاقة واضحة بين عدد المواقع الخاصة بكل دولة عربية وتطبيقات مشروعات الحكومة الالكترونية، وفي مدى قدرة المواقع على تقديم العديد من الخدمات للمواطنين.

§ تحتاج العديد من الدول العربية إلى مزيد من الجهود في بناء مواقعها الحكومية، سواءً من حيث الشكل أو المضمون.

§ هناك علاقة قوية بين تبسيط الإجراءات والقوانين في دولة ما وبين قدرة الدولة على بناء مشروعات الحكومة الالكترونية.

§ إن الخطاب السياسي وتبني القادة السياسيين لمشروعات الحكومة الالكترونية يمكن أن يدفع المؤسسات العربية نحو بناء مواقع للحكومة الالكترونية في بلادهم مما يدعم خطط الخدمة المدنية في تعزيز علاقاتها مع المواطن العربي

وبالتالي، فإنه من أجل من تكريس الوجود العربي في مجتمع المعلومات والحكومة الالكترونية، فإنه لابد من:

ü تعزيز البنية الأساسية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ومراعاة التوزيع الجغرافي النسبي لها في أنحاء كل دولة عربية بما يضمن وصول الخدمات لمستحقيها.

ü تعزيز الإدارات العربية ومؤسسات تقديم الخدمات الحكومية للمواطنين بتكنولوجيا المعلومات، وإعادة بناء الهياكل التنظيمية لهذه المؤسسات بما يضمن وجود إدارات بعينها متخصصة في هذه المجالات وبما يعزز الخطط الحكومية في هذا الاتجاه.

ü سد الفجوة الرقمية بين المؤسسات الحكومية العربية داخل الدولة الواحدة بحيث يمكنها إنتاج مواقع متزامنة ويؤهلها لتقديم خدمات ذات مضمون حقيقي للمواطن العربي.

ü تبسيط الإجراءات الحكومية وتخفيض عددها وإلغاء التزمت الحكومي البيروقراطي فيها واعتماد مبدأ الشفافية، وكذلك تخفيض التشريعات والقوانين التي تحكم علاقة الحكومة بالمواطن عند تقديم الخدمة إليه بما يمكّن من تسهيل عملية بناء مشروعات الحكومة الالكترونية.

ü تعزيز الدراسات في مجال الحكومة الالكترونية بحيث تسلط الضوء على معايير قياس الحكومات الالكترونية ودفع التنافس بين المؤسسات الحكومية العربية في هذا الاتجاه، ووضع مؤشر عربي لقياس مشروعات الحكومة الإلكترونية في الدول العربية.

7- النتائج والتوصيات

نستنتج مما سبق, بأن الحكومة الإلكترونية في نمطها الحالي لم تصل بعد إلى صيغة المنظومة الكاملة وهي مازالت تفتقر إلى التطوير الكبير في كثير من جوانبها, كونها ليست فقط تحويل نظام الخدمة والعمل إلى نظام إلكتروني, بل هي منظومة معقدة ومتشابكة وتحتاج لدراسات معمقة وواعية لكافة عناصرها قبل التحول الكامل لأتمتة جميع الخدمات. بالإضافة إلى ذلك، فإن تطوير هذه المنظومة يمكن أن ينشأ عنه بعض السلبيات التي يجب التعامل معها بحذر شديد، حيث أن التحول من حكومة تقليدية إلى حكومة إلكترونية مع غزو معلوماتي جديد يمثل تحدٍ كبير أمام الحكومة القائمة, ولذا فإننا نقدم التوصيات التالية:

1- ضرورة العمل على تفهم المكونات المختلفة لمنظومة الحكومة الإلكترونية وكذلك التعرف على متطلبات كل مكون منها بهدف تفعيل الإيجابيات والحد من السلبيات في إطار التحول إلى نمطالحكومة الإلكترونية .

2- عدم استيراد القوالب الجاهزة للحكومة الإلكترونية وتطبيقها في مجتمعاتنا العربية بشكل مباشر، بل يجب إجراء الدراسات المناسبة والتي تجعل منظومة الحكومة الإلكترونية متوافقة مع كلمجتمع على حده؛ بسبب الاختلاف في الظروف والعوامل التي تشكل كل مكون من مكونات الحكومة الإلكترونية. 

3- القضاء على مشكلة الأمية الحاسوبية ونشر الثقافة المعلوماتية في الوطن العربي، وذلك قبل تطبيق مفهوم الحكومة الإلكترونية.

4- القيام بدراسة السلبيات التي قد تنشأ نتيجة تطبيق الحكومة الإلكترونية مثل مشكلة البطالة والخصوصية, ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة لها مسبقاً، وكذلك تحقيق الأمن المعلوماتي.

5- القيام بتفعيل دور القطاع الخاص في عملية التحول إلى نمط الحكومة الإلكترونية لتخفيف العبء عن كاهل الحكومات، و كذلك توفير العمالة المدربة في مجال المعلوماتية، ورفع مستوى قدرةالجمهور إلى التعامل مع هذه التقنيات الجديدة.

6- تشكيل ورش عمل مكونة من جميع إدارات الحاسب الآلي والاتصالات في القطاعات الحكومية, وذلك لتحليل البنية التحتية الحالية والمطلوبة لكل القطاعات الحكومية مع إيجاد بنية موحدة لها.

ليست هناك تعليقات: