مجلة جامعة تشرين للدراسات و البحوث العلمية _ سلسلة العلوم الاقتصادية والقانونية المجلد (27) العدد (3)2005
Tishreen University Journal for Studies and Scientific Research- Economic and Legal Science Series Vol. (27) No (3) 2005


بحث حول تحدّيات التجارة الإلكترونية للنظم الضريبية


الدكتور لطيف زيود*

( قبل للنشر في 25/9/2005)
Ñ الملخّص Ñ




تعتبر ثورة المعلومات الأساس في ظهور ونمو العولمة القائمة على تحرير تجارة السلع والخدمات، وإزالة القيود الجمركية والحدود الاقتصادية للدولة.
وتحويل الأسواق المحلية إلى سوق عالمية مفتوحة، مما يسهم في الاعتماد على شبكة الاتصالات في دعم ومساندة التجارة العالمية، مقابل ذلك نلاحظ أن ظهور التجارةالإلكترونية قد خلق تحديات اقتصادية بما فيها التحديات الضريبية للنظم الضريبية في مختلف الدول المتقدمة منها والنامية.
لقد أوجز هذا البحث تلك التحديات بنوعيها وسلط الضوء على عدم قدرة نظام ضريبة الدخل أو الضرائب غير المباشرة الأخرى على مجاراة التطور الحاصل في ميدان التجارةالإلكترونية سواء في الدول المتقدمة أو النامية، كما حدد الملامح الأساسية لآلية المعالجةالضريبية المستقبلية والأسس الواجب أخذها بعين الاعتبار لتحقيق التوازن بين تطورالتجارة الإلكترونية والتغير المطلوب في النظم الضريبية.









مجلة جامعة تشرين للدراسات و البحوث العلمية _ سلسلة العلوم الاقتصادية والقانونية المجلد (27) العدد (3)2005
Tishreen University Journal for Studies and Scientific Research- Economic and Legal Science Series Vol. (27) No (3) 2005

Challenges of the Electronic Commerce
to Taxation Systems

Dr. Latif Zayoud*


(Accepted 25/9/2005)
ABSTRACT

The information revolution is considered the basis for the appearance and the development of globalization which depends on the decontrol of trade commodities and services, leading to the elimination of the restrictions of customs and the international economic boundaries. This led to changing the national markets into an international open market. Dependence on the internet helps to support international trade. Moreover, appearance of electronic commerce has created economic challenges including the taxation systems in all developed and developing countries.
This research summarizes these challenges and focuses on the inability of the income taxation system, or indirect taxes to follow the development in the electronic commerce in all countries. It also identifies the main features for future taxation manipulation, and the measures that should be taken to achieve balance between the development of the electronic commerce and the necessary change in the taxation systems.





مقدّمة:
مع ظهور ثورة المعلومات وتطور الاتصالات، ومع سيادة النظام الاقتصادي العالمي الجديد القائم على العولمة وتحرير تجارة السلع والخدمات وانعكاساً لما سبق مع سعي الدول المتقدمة اقتصادياً وتزايد ضغطها على الدول النامية لإزالة الحدود والقيود الجمركية، برزت وتنامت التجارة الإلكترونية بصورة ملحوظة وتزايد عدد مستخدمي الإنترنت كأداة تسويقية تحقق الكثير من المزايا لكل من طرفي العلاقة التجارية– المستهلك والمنتج– كما تزايد بصورة متسارعة عدد العارضين للسلع والخدمات عبر هذه الشبكة.
مشكلة البحث:
تعتبر شبكة الإنترنت الدعامة الأساسية في البنية التحتية للتجارة الإلكترونية، حيث تدور بها ومن خلالها جميع المحاور الضرورية لإتمام الصفقات التجارية من عرض السلع والخدمات، المفاوضات حول جودتها وأسعارها، إبرام العقود التجارية الخاصة بها، آليات السداد الإلكترونية بواسطة الشبكات والنقود الإلكترونية، وغير ذلك كما أصبحت إمكانية تقديم الخدمات والاستشارات القانونية، الضريبية، المالية، المحاسبية، الطبية والهندسية ميسرة وسهلة.
مقابل ذلك حققت هذه الأنماط سابقاً وتحقق مستقبلاً دخلاً عالياً لأطراف التعامل التجاري بغض النظر عما إذا كانت هذه من الأنماط المنظورة ذات الوثائق والثبوتيات والمستندات التي يسهل حصرها إحصائيا أو ضريبياً، أو كانت من الأنماط غير المنظورة التي لا تترافق بوجود المستندات والوثائق، ممّا يخلق تحدياً واضحاً أمام النظم الضريبية في البلدان المختلفة.
استناداً لما سبق يرى الباحث أن مشكلة بحثه تكمن في كيفية حصر هذه الأنشطة، تحديد الدخول الناتجة عنها، وفي كيفية معالجتها ضريبياً في سورية.
منهجية البحث:
يعتمد الباحث على المنهج الوصفي التحليلي، وذلك عن طريق دراسة وتحليل الدراسات السابقة في مجال المعالجة الضريبية للتجارة الإلكترونية في الدول التي طبقت هذا النموذج، تمهيداً لوضع تصور مقترح للمعالجة الضريبية المستقبلية لأنشطة التجارةالإلكترونية في سورية.
فرضيات البحث:
يرى الباحث ضرورة الإجابة على الفرضيتين الآتيتين:
1- يفتقر النظام الضريبي السوري حالياً لإمكانية معالجة أنشطة التجارة الإلكترونيةالمستقبلية.
2- تخلق التجارة الإلكترونية تحديات عامة وأخرى خاصة للنظم الضريبية.
أهمية البحث:
تنبع أهمية البحث من المحاور الآتية:
- تزايد الاهتمام العالمي بالتجارة الإلكترونية وفتح الأسواق وإلغاء القيود والحواجز الجمركية.
- تزايد عائدات التجارة الإلكترونية وأرباحها ممّا يمهد الطريق لنشوء وظهور مطارح ضريبية جديدة.
- نشوء مخاطر التهرب الضريبي الإلكتروني، ممّا يضيف مشكلة جديدة معقدة لأشكال التهرب الضريبي التقليدي.
- حرمان الدول النامية ومنها سورية من إيرادات ضريبية ناتجة عن التجارة الإلكترونيةفي حال عدم التنبه لهذا الموضوع وحصره وإعادة تأهيل النظام الضريبي والبنية التحتية للإدارة المالية بصورة سريعة من خلال أتمتتها.
أهداف البحث:
يهدف هذا البحث إلى تسليط الضوء على مشكلات المعالجة الضريبية للتجارة الإلكترونيةبالإضافة إلى تقديم مقترحات وحلول مبدئية لأهمية حصر النشاط التجاري الإلكتروني من حيث الأشخاص الذين يزاولون هذا النشاط، الدخل المتحقق لهم وآلية إخضاعها لضريبة الدخل في سورية.
الدراسات السابقة:
من أهم الدراسات السابقة التي تناولت التجارة الإلكترونية بالبحث والتحليل وإمكانية المعالجة الضريبية لعائداتها مايلي: (د. إبراهيم عبد الحفيظ عبد الهادي، ص:198).
أ‌- دراسة شرويكلر زتيرل:
ركزت هذه الدراسة في عام 1995 على إمكانية الحصر الضريبي لأرباح التجارةالإلكترونية في ظل عدم وجود مستندات تثبت صحتها من حيث الحجم والدقة آخذين بالاعتبار ما يلي:
1- كيف يتم دفع الضرائب على الأرباح المكتسبة من التجارة الإلكترونية.
2- كيفية الحفاظ على عوائد التجارة الإلكترونية وعدم الحد منها.
3- ضرورة سن تشريعات قانونية تسمح بالمراجعة الضريبية للتجارة الإلكترونية.
4- أهمية الاحتفاظ بسجلات ضريبية لدى أطراف التعامل الإلكتروني.
ب– في عام 1996/ قام روزن وميشيل
بدراسة حملت عنوان العوائق الحكومية المحتملة تجاه التجارة الإلكترونية، ركزت هذه الدراسة على ضرورة الحد من هذه العقبات سواء الضريبية أو القانونية التي من شأنها حماية حقوق الدولة من عوائد التجارة الإلكترونية أو حماية المستهلك أو حماية الحقوق الفكرية وغيرها، التي تؤدي في نهاية المطاف إلى عرقلة نمو التجارة الإلكترونية أو قد تؤدي برأيهم إلى إيقافها وشلها
ج- دراسة شارب جون:
أجريت هذه الدراسة في عام 1996 وقد وسمت بالعنوان التالي "الضرائب واجبة الأداء والمشاكل الدولية المتزايدة تجاه تحصيل الضريبة على التجارة الإلكترونية" تفيد هذه الدراسة أن المعالجة الضريبية للتجارة الإلكترونية لن تعتمد مبدأ إقليمية الدخل أساساً أو فكرة وجود المنشأة الدائمة وأشارت لانهيار الأسس التقليدية في فرض الضريبية.
د– دراسة ملز ايلينور:
ركزت هذه الدراسة على استغلال المؤسسات والتجار الذين يسوقون بضائعهم عبر شبكة الإنترنت لثغرة عدم مواكبة وقصور التشريعات القانونية لنمو وتزايد حجم التجارةالإلكترونية وتحقيق عائد إضافي ناتج عن التهرب من الالتزامات الضريبية.


هـ: دراسة فينيمان ومارشال:
ركزت هذه الدراسة على قصور القانون الضريبي الدولي لموضوع التجارة الإلكترونيةوأكدت على إبرام الاتفاقيات الضريبية الدولية للمساهمة في مواجهة التحديات الضريبيةللتجارة الإلكترونية.
و– دراسة هولاند غراهام في عام 1998:
أجريت هذه الدراسة في نيوزيلندا بعنوان التجارة الإلكترونية – الإطار الضريبي المقترح، وقد أكدت هذه الدراسة على أن المعالجة الضريبية للتجارة الإلكترونية وفق الأسس التقليدية المحلية في كل دولة سوف يقود إلى ازدواج ضريبي دولي وسيسهم في زيادة التهرب الضريبي، إضافة إلى الإضرار بمصالح بعض الدول ولا سيما النامية منها.

مفهوم التجارة الإلكترونية:
تعتبر التجارة الإلكترونية نموذجاً اقتصادياً يلائم مفهوم العولمة الاقتصادية التي تقوم على إزالة القطرية والحدود الإقليمية للدول أمام التحرير الشامل لتجارة السلع والخدمات وحرية الانتقال للأيدي العاملة.
لقد رافق الشروع بممارسة التجارة الإلكترونية الكثير من التحديات القانونية التي تحتاج لإعادة نظر لاسيّما ما يتعلق بأمن المعلومات، التوقيع الإلكتروني، وسائل السداد الإلكتروني، التعاقد الإلكتروني، الملكية الفكرية وغيرها. بالمقابل خلقت تحدياً نوعياً للنظمالضريبية.
تُعرف التجارة الإلكترونية (E-Commerce) بأنها إدارة وتنفيذ الأنشطة التجارية المتعلقة بالسلع والخدمات بواسطة تحويل المعطيات عبر شبكة الإنترنت (Internet). في هذا الصدد يرى الكثيرون ضرورة التفريق بين مفهومي التجارة الإلكترونية والأعمال الإلكترونية، خاصة وأن بعضاً يخلط بينهما ويراهما مترادفين، فالأعمال الإلكترونية تعتبر أوسع نطاقاً من التجارة الإلكترونية، حيث تشمل الأنشطة المؤتمتة سواء كانت إدارية، مالية، إنتاجية، رقابية وغيرها ولا تنحصر بالعلاقة ما بين البائع والزبون بينما تطال علاقة المنشأة بوكلائها وموظفيها وعملائها ومن أمثلتها المصنع المؤتمت، البنك الإلكتروني، الحكومة الإلكترونية بالإضافة إلى أية منشاة تعتمد شبكة إنترنت لإدارة أعمالها، بالمقابل فالتجارة الإلكترونية تنحصر بالبيع والشراء وطلب الخدمة وتلقيها إلكترونياً.
لذلك فإن من أهم أنماط التجارة الإلكترونية تلك التي تربط بين الوحدات الاقتصادية أو المؤسسات فيما بينها B2B، وتلك التي تربط بين الوحدات الاقتصادية والمستهلكين B2C، إضافة إلى أنماط أخرى تربط الحكومة بالوحدات الاقتصادية G2B، والحكومة بالمستهلكين مباشرة G2C.

تطور التجارة الإلكترونية:
تعتبر شبكات الإنترنت، الإنترانيت والاكسترانت أهم أدوات التجارة الإلكترونية، وقد تزايد عدد مستخدمي هذه الشبكات بسرعة ملحوظة، فبينما كان عدد مستخدمي الإنترنت 171 مليون نسمة حتى أيار من عام 1999، ازداد إلى (226) مليون نسمة في عام 2000 وفق دراسة نشرتها مجلة إنترنت العالم العربي في حين أظهرت دراسات أخرى أن هذا العدد وصل إلى (400) مليون نسمة وهو في تنام مستمر.
من ناحية أخرى فإن هذا الرقم الكبير من مستخدمي الإنترنت عالمياً لا يفصح عن التركز النوعي والإقليمي لهم حيث أظهرت الدراسات أن اكثر من 56 % منهم في الولايات المتحدة، حوالي 24 % منهم في كندا، وذلك وفق إحصائيات عام 1999 وأكثر من (15%) في الدول الاسكندنافية، الباقي موزع في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، كما بلغ نصيب الولايات المتحدة من التجارة الإلكترونية في عام 1997 (87 %) من حجمها العالمي مقابل (8%) لأوروبا و(4%) للشرق الأقصى و (1%) لباقي الدول.
لقد رافق زيادة عدد مستخدمي الإنترنت نمواً نوعياً في محتوى المواقع العاملة على شبكات الإنترنت حيث تمت إضافة خدمات إلكترونية جديدة مثل الاتصالات الإلكترونية، الأخبار العامة، معلومات ترويجية وتسويقية، تسوق على الخط وغيرها.
إن تقارير المؤسسات العلمية المهتمة بالبحث العلمي تؤكد الزيادة الكبيرة في حجم التجارةالإلكترونية، فقد ازداد حجم مبيعات شركة Dell، وهي شركة تعمل في عالم تقنية المعلومات إلى الضعف في عام 1998 مقارنة بالسنوات السابقة، وقد بلغ حجم الزيادة السنوي في المبيعات (19) مليون دولار يومياً في الربع الأول من 1999، ثم قفز إلى (30) مليون دولار يومياً في الربع الأخير من العام نفسه، كما حققت شركة Travelocity مبيعات على الخط بمبلغ (128) مليون دولار خلال الربع الأول من عام 1999، أي ما يعادل زيادة نسبية تعادل 156 % من مبيعاتها في الربع الأول من عام 1998.
من جهة أخرى أسهمت التجارة الإلكترونية في زيادة عدد عملائها بشكل ملفت للانتباه وفي زيادة حجم الاستثمارات التي وصلت إلى (100) بليون دولار في الربع الأخير من عام 1998 وقد أفادت تقارير التجارة الأمريكية لعام 1998 أن حجم التجارة الإلكترونيةالمتوقعة بين قطاعات الأعمال سيزداد إلى (300) بليون دولار في عام 2002 ثم أكدت التقارير ذاتها أنه تم تجاوز هذا الرقم بكثير خلال العام المذكور.
من جهة أخرى فقد تطور حجم التعامل الإلكتروني بين مؤسسات الأعمال والمستهلكين خلال الفترة الممتدة من الربع الأخير من عام 1999 وحتى نهاية الربع الثالث من عام 2000 موزعة بصورة ربع سنوية كما يلي (الأرقام ببلايين الدولارات).
الربع الثالث 2000
الربع الثاني 2000
الربع الأول 2000
الربع الرابع 99
8.4
5.5
5.2
5.2
مزايا التجارة الإلكترونية:
إن اعتماد التجارة الإلكترونية نمطاً رئيساً للتجارة بين مختلف الأطراف (B2B) أو (B2C) يحقق مزايا قيِّمة منها:
1- تحقيق المواءمة بين ثورة المعلومات والطرق التسويقية الحديثة من خلال توسيع قاعدة عرض السلع والخدمات، توفير فرص أفضل لتسويق المنتجات بتكاليف أقل من التسويق التقليدي نظراً للدخول إلى الأسواق العالمية، تحقيق سرعة أكبر في إنجاز العقود وإبرامها. (د.إبراهيم عبد الحفيظ، ص 212).
2- خلق السوق العالمي المفتوح وتجاوز الأسواق التقليدية، مما جعل العالم سوقاً مشتركة مفتوحة أمام المستهلك والمنتج أينما كان موقعهما الجغرافي. يمكننا القول إنّالتجارة الإلكترونية تحقق اتفاقيات الجات والجاتس
من دون اللجوء إلى مفاوضات بين الأطراف المختلفة باعتبارها تلغي البعد المكاني سواء فيما يتعلق بالمنتج أو المستهلك (اللاجغرافية) (حازم رحاحلة، حازم خصاونة، ص11).
3- إتاحة الفرصة أمام المشروعات المتوسطة والصغيرة لدخول الأسواق العالمية.
4- تحقيق درجة تنافس كبيرة بين المنتجين من خلال التركيز على الجودة والتميز بالإنتاج أو الخروج من الأسواق.
5- تلبية خيارات المستهلكين بسهولة وتجاوز البعد الزمني فيما تمكن التجارة الإلكترونيةالشركات من فهم احتياجاتهم ورغباتهم، ممّا يسهم في تصميم المنتجات بما يتناسب معها وتحقيق درجة أعلى من الرضا
لدى الزبائن.
6- زيادة كفاءة العمل التجاري والخدمي، وذلك كون التجارة الإلكترونية تملك إمكانات تسويقية وبنى تحتية تقنية متطورة وضخمة تساعد في دعم برامج التأهيل الإداري وتنمية الموارد البشرية.
7- توفير كم هائل من المعلومات يتيح الفرصة أمام المستثمرين لاختيار البديل الأفضل.
8- توفير فرص عمل نوعية خاصة بالحاسوب والبرمجيات وغيرها.

التجارة الإلكترونية والأسواق العربية:
تواجه التجارة الإلكترونية العربية التحديات الآتية:
1- تعتبر اللغة العربية أبرز التحديات التي تواجه التجارة الإلكترونية العربية حيث إنّ نسبة استخدام اللغة العربية على شبكة الإنترنت لا تتعدى 0.5 % من مساحة الاستخدام الكلية لهذه الشبكة (دراسة على الإنترنت موقع نسيج).
2- فقدان الثقة وانخفاض الوعي بأدوات التجارة الإلكترونية لاسيما وسائل السداد من خلال بطاقات الائتمان.
3- عدم الثقة بالحماية الأمنية للمعلومات عبر شبكة الإنترنت.
4- عدم توفير البنى التحتية التقنية التي تُسهم في رفد وتوسيع قاعدة العمل بالتجارةالإلكترونية العربية، إضافة إلى عدم توفر الكادر التقني المؤهل للتعامل بالتجارة الإلكترونية.
5- عدم وجود الإطار القانوني الناظم للتجارة الإلكترونية والمشكلات التجارية التي قد تشتق منها.
6- عدم التميز والقدرة على الاستمرار بالمنافسة لأن وجود موقع عربي على شبكة الإنترنت غير قادر على التطور الدائم وعلى المنافسة والتميز يعادل تماماً عدم وجوده.
من ناحية أخرى فقد حققت بعض مؤسسات الأعمال العربية ولا سيما قطاع البنوك تجاوزاً لمشكلة اللغة من خلال استخدام برمجيات وحلول ثنائية إحداها العربية ودخلت سوقالتجارة الإلكترونية مثل بنوك الإمارات العربية وبعض المكتبات الإلكترونية المصرية، وتعد مشروعات الأسواق الإلكترونية في دبي والسعودية والكويت والأردن عتبات ومنصات لاستضافة مواقع البيع الإلكتروني.
كما حاولت الإمارات العربية تجاوز تحدي أمن المعلومات وسريتها من خلال منح مهمةالتجارة الإلكترونية إلى مؤسسة الإمارات للاتصالات وهي مؤسسة خاصة، لذلك تكون الإمارات العربية المتحدة قد تجاوبت مع المبادئ التوجيهية العالمية في ترك هذا للقطاع الخاص (جريدة الحياة اللندنية، ص12).
الجدير بالذكر أن أدوات وطرق التجارة التقليدية لن تصمد كثيراً في وجه التجارةالإلكترونية، ولا سيّما فيما يتعلق بقطاع الخدمات الحكومية والمالية والاتصالات والشحن وغيرها، لذلك لا يجوز تجاهل التقنيات الحديثة وأتمتة الأنشطة والدخول في معتركالتجارة الإلكترونية.

الإشكاليات الضريبية للتجارة الإلكترونية:
لدى تفحص موضوعات التجارة الإلكترونية يمكن أن نواجه الاحتمالات الآتية:
1- طرفي التعامل التجاري الإلكتروني ينتميان لبلد واحد (تجارة إلكترونية داخلية) حيث يمكن حصر هؤلاء الأشخاص ويمكن مراقبة انسياب السلع والخدمات (تجارة منظورة) ويمكن ضبطها ضريبياً ومعالجتها بالضريبة المناسبة، مثل ضريبة الدخل (قارن مع رأفت رضوان، ص 348) هذا النوع من الأنماط التجارية الإلكترونية يطلق عليه بعض تسمية الصفقات التجارية الإلكترونية (محمد شريف توفيق، نعيم حنا، ص 48) حيث يتم التعاقد عليها وسداد ثمنها إلكترونياً إلا أنها تسلم بطرق تقليدية عبر المنافذ الجمركية.
2- طرفي التعامل التجاري الإلكتروني (مورد وزبون، مصدر ومستورد) ينتميان لبلدين مختلفين أو طرفين ينتميان لبلدين مختلفين وطرف ثالث ينتمي لبلد آخر (التجارة غير المنظورة)، هذا الشكل من التعامل التجاري الإلكتروني يخلق تحدياً نوعياً أمام النظمالضريبية نظراً لصعوبة ضبطه ومراقبته، ولكن لابد من متابعة انسياب السلع والخدمات من خلال المنافذ الجمركية للدولة ومعالجتها بالرسوم الجمركية لها برأي بعض منهم إلا أن هذا الرأي يصطدم بالضغط العالمي لتحرير التجارة وإزالة القيود الجمركية كما يرى الباحث، لذلك لابد من التوجه نحو فرض ضريبة المبيعات (رسم الإنفاق الكمالي) مع الأخذ بعين الاعتبار طبيعة هذه السلع ودرجة كماليتها أو ضرورتها بهدف التخفيف عن المستهلك والحفاظ على مستوى معيشته (قارن مع د.أحمد منير نجار، ص:10).
3- طرفي التعامل التجاري الإلكتروني مؤسستين أجنبيتين ووسيط محلي (وكيل بالعمولة) حيث لا يتعدى دور الوسيط (الوكيل) تقريب وجهات النظر وتوفير القبول والرضا بينهما فيما يتعلق بمواصفات هذه السلع والخدمات.
إن عمولة وكلاء البيع يمكن أن تعالج بضريبة الدخل إلا أن المشكلة تكمن في صعوبة حصر موضوع التكليف (مطرح الضريبة) نظراً لغياب المستندات الورقية التي تثبت تحقق الواقعة.
هذا النوع من التجارة الإلكترونية يمثل تحدياً أمام المشرع الضريبي عالمياً.
4- نمط تجارة الخدمات والاستشارات الإلكترونية لاسيما الطبية، المحاسبية، القانونية، الحقوقية، الصحف والمجلات، الخدمات المالية، الألعاب– المباريات وغيرها، التي تتم من خلال شبكة الإنترنت، هذا ما يعرف بالصفقات الإلكترونية الكاملة كونها تتم منذ الإعلان عنها وحتى التعاقد عليها وسداد ثمنها إلكترونيا، لذلك تعرف بالسلع غير الملموسة أو السلع الافتراضية (محمد شريف توفيق– نعيم حنا ص 41).
يعتبر هذا النمط من التجارة الإلكترونية من أعقد وأصعب الأنماط في المعالجة الضريبيةلها حيث تفتقر إلى المستندات والتسجيل في الدفاتر والوجود المادي (المكاني) لممارستها على اعتبار أن مزاولة هذه المهن يمكن أن تتم عبر شبكة الإنترنت من دون وجود مكان تجاري خاص بها.
5- التجارة الإلكترونية بين مؤسسات الأعمال والحكومة أو بين المستهلكين والحكومة تعتبر من أسهل أنماط التجارة الإلكترونية معالجةً بضريبة الدخل نظراً لأن الحكومة ممثلة بمؤسساتها المختلفة تعتبر طرفاً فيها ويمكن حصر حجم المبيعات أو حجم الإنفاق وتقدير الأرباح الصافية الناتجة عنها بصورة أو بأخرى (رأفت رضوان، 1999).
إن المعالجة الضريبية للتجارة الإلكترونية يمكن أن تؤدي إلى الازدواج الضريبي المحلي (الإقليمي) الذي يعرف على أنه فرض أكثر من ضريبة واحدة على ذات المكلف وعلى ذات المطرح خلال المدة نفسها داخل إقليم جغرافي واحد، أما الازدواج الضريبي الدولي فهو فرض أكثر من ضريبة من قبل عدة دول على ذات المكلف وعلى المطرح نفسهخلال دورة مالية واحدة (قارن مع د.عصام بشور، المالية العامــة).
إن تجنب الازدواج الضريبي محلياً يعتبر أمراً سهلاً من خلال تطبيق نظام الضرائب النوعية كما هو الحال في سورية، حيث يخضع كل مصدر نوعي من مصادر الدخلالضريبية لضريبة نوعية خاصة به، فمثلاً تخضع الرواتب والأجور لضريبة الرواتب والأجور، يخضع ريع العقارات لضريبة ريع العقارات، وتعالج الفوائد المالية بضريبة ريع رؤوس الأموال، بينما يخضع دخل المكلفين بمختلف أصنافهم طبيعيين أو اعتباريين لضريبة الدخل بشقيها: ضريبة الدخل المقطوع وضريبة الدخل على الأرباح الحقيقية، بالمقابل يحتاج تجنب الازدواج الضريبي الدولي إلى إبرام اتفاقيات منع الازدواج الضريبي دولياً.
لكنَّ نظام التجارة الإلكترونية وإلغاء الرسوم الجمركية والحدود الاقتصادية بين الدول من خلال تحرير تجارة السلع والخدمات يجعل من المعالجة الضريبية محلياً أو عالمياً مسألةً شائكة، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار إمكانية منع الازدواج الضريبي محلياً أو دولياً على اعتبار أن هناك تحديات موضوعية قانونية تواجه هذه المسألة، لاسيما فيما يتعلق باعتماد مبدأ إقليمية الدخل أو مبدأ عالمية الإيراد، حيث يرى بعض أن الإنفاق على شراء سلع استهلاكية ذات طبيعة كمالية تعتبر مطرحاً لضريبة الإنفاق بالمقابل، فإن قيمة مبيعات الشركة من هذه السلع تعتبر مطرحاً لضريبة الدخل من قبل الدولة التي يوجد فيها مقر الشركــة، لذلك نلاحظ أن الصفقة تكون خضعت لمعالجتين ضريبتين، ممّا قد يؤدي إلى انكماش في حجم التجارة الإلكترونية، وهذا ما يتنافى مع تحرير التجارة وتنميتها (قارن مع د.إبراهيم عبد الحفيظ عبد الهادي– ص 229).
لذلك يرى الباحث أن المعالجة الضريبية لأنماط التجارة الإلكترونية يقع بين مبدأي إقليمية الضريبة وعالمية الإيراد (التبعية السياسية للمكلف)، فبينما يركز مبدأ إقليمية الضريبة على فرض الضريبة على مكان تحقق الدخل بغض النظر عن جنسية المكلف به ويحرم الدولة من ضريبة يمكن فرضها على شخص يحقق دخلاً عبر خدماته على شبكة الإنترنت من خلال عمله كوسيط بين مؤسسات أكانت تقع مراكزها خارج حدود بلده على اعتبار أن تحقق الدخل يرتبط بمكان وجود المنشأة، نلاحظ أنه على العكس من ذلك فإن عالمية الإيراد يسمح بفرض ضريبة على دخل المواطن بغض النظر عن منشئه سواء تحقق داخل الدولة أو خارجها
عالمياً لقد رفض الرئيس الأمريكي بيل كلينتون فرض ضريبة على صفقات التجارةالإلكترونية عبر الإنترنت مؤيداً رفضه بقوله " كيف نذبح الإوزة التي تبيض ذهباً". (د. محمد شريف توفيق، د. نعيم حنا – ص 52) لذلك أصدر الكونغرس الأمريكي ما يعرف بقانون الحرية الضريبية للإنترنت (The Internet Freedom Act).
الذي يتضمن النقاط الآتية:
آ - إعفاء التجارة الإلكترونية من الضرائب المحلية والفيدرالية.
ب -اعتبار الإنترنت منطقة تجارة حرة.
ج - تكوين لجنة استشارية مهمتها تحديد كيفية معالجة التجارة الإلكترونية ضريبياً.
في بريطانيا صدر قانون منع الاحتكار المسمى بقانون المنافسة الذي يوصي بما يلي:
1 - حماية الإيرادات الضريبية السيادية من خطر الانخفاض.
2 - عدم التسرع بمعالجة التجارة الإلكترونية ضريبياً.
3 - السعي للتحول إلى مجتمع يقوم على الأتمتة وتكنولوجيا المعلومات.
في أستراليا وبناء على تقرير لجنة الحسابات العامة والمراجعة التابعة للبرلمان الأسترالي تبين مايلي:
1 - لاتخضع صناعة البرمجيات لضريبة المبيعات.
2 - تردي الإيرادات الضريبية من مبيعات الجرائد والمجلات نتيجة لتحول الجمهور إلى صناعة الأخبار والمعلومات الإلكترونية المعفاة من الضريبة.
3 - إعفاء السلع المستوردة بواسطة البريد التي لاتزيد قيمتها عن 1000 دولار من الضريبة والرسوم الجمركية.
4 - إعفاء الموسيقا المحملة إلكترونياً من الضرائب والرسوم الجمركية، بينما تخضع عمليات استيراد الاسطوانات لضريبتي المبيعات والرسوم الجمركية.
لذلك نلاحظ أن الاتجاه العام لدى الحكومات المختلفة ينطوي على إعفاء أنشطة التجارةالإلكترونية من المعالجة الضريبية، وذلك تشجيعاً لتحرير تجارة السلع والخدمات وبهدف عدم وضع قيود ومعوقات أمام نموها لأن التجارة الإلكترونية بطبيعتها عالمية لا يعيقها البعد الجغرافي أو الزمني.

المعالجة الضريبية للأرباح التجارية في سوريا:
لابد عند فرض ضريبة معينة في سوريا من توافر الركنين الموضوعيين الآتيين:
1 - المكلف بالضريبة: يمكن أن يعرف المكلف بالضريبة على أنه " الشخص الطبيعي أو الاعتباري المقيم أو غير المقيم بغض النظر عن جنسيته الذي يحقق دخلاً خاضعاً للضريبة في دولة ما". إن التعريف السابق ينطلق من مبدأ إقليمية الضريبة الذي يقوم على ربط فرض الضريبة بمكان تحقق الدخل بغض النظر عن جنسية المكلف بها، وذلك بهدف منع الازدواج الضريبي (قارن مع قانون الدخل رقم 24 لعام 2003، المادة رقم 1-2-3).
2 - مطرح الضريبة: يقصد بمطرح الضريبة الموضوع، الواقعة، الشيء أو الحدث الخاضع للمعالجة بضريبة ما وغالباً ماتسمى الضريبة باسم مطرحها مثل ضريبة الدخل، ضريبة الرواتب وغيرها (قارن مع قانون ضريبة الدخل رقم 24 لعام 2003، المادة رقم 1).
مما سبق يرى الباحث أنه لفرض ضريبة على التجارة الإلكترونية فلا بد من تحليل الدخل الناتج عنها كمايلي:
‌أ. فالدخل الناتج عن التجارة الإلكترونية لشخص طبيعي أو اعتباري يمارس عمله في سوريا الناتج عن تعامله مع شخص طبيعي أو اعتباري خارج سوريا عبر شبكة الإنترنت يفترض أن يخضع لضريبة الدخل، وذلك إذا كان نشاطه يتمثل في بيع أو تصدير سلعة أو تقديم خدمة انطلاقاً من مبدأ إقليمية الضريبة.
‌ب. أما إذا كان نشاط التاجر السوري يتجلى في استيراد مادة أو سلعة من الأسواق العالمية بواسطة شبكة الإنترنت فإن عمله يمكن أن يخضع للضرائب الجمركية أو لضريبة المبيعات التي يرى الباحث فيها بديلاً للضرائب الجمركية خاصة وأن تلك الضرائب تشكل تحدياً ومعوقاً للتجارة الإلكترونية.
‌ج. الدخل الناتج عن عمولة وكلاء البيع في سوريا تعالج كذلك بضريبة الدخل على الأرباح ولكن إذا كان هذا الوكيل طرفاً في التعامل التجاري الإلكتروني فسوف نواجه مشكلة غياب المستندات الورقية وحصر المطرح بصورة صحيحة لاسيما في ظل وجود إدارات ضريبية غير محوسبة.
فقد نصت المادة رقم (1) من القانون رقم (24) لعام 2003 على أن "الأرباح الصافية الناتجة عن ممارسة المهن والحرف الصناعية والتجارية وغير التجارية تخضع لضريبة الدخل على الأرباح".
من جهة أخرى فقد نصت المادة رقم (3) من القانون رقم (24) لعام 2003 على أن الضريبة تفرض على أرباح الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين الناجمة عن أعمالهم في سورية وذلك في محل ممارسته العمل بتاريخ 1/1من كل عام.
مما سبق يلاحظ الباحث أن المشرع الضريبي السوري لم يضمن قانون ضريبة الدخل وتعديلاته أية إشارة لكيفية المعالجة الضريبية لعوائد التجارة الإلكترونية التي لا توجد عنها إحصاءات دقيقة من جهة، والتي لا تزال في بداياتها في سورية وفي الكثير من الدول النامية.
كما يلاحظ الباحث أن المشرع الضريبي السوري أخذ بمبدأ إقليمية الضريبة على الدخل المحقق ضمن أراضيها بغض النظر عن شخصية المكلف بها سواء كان سورياً، عربياً أو أجنبياً شريطة أن يتصف هذا الدخل بالتكرار والدورية وأن يتخذ المكلف منه وسيلة لكسب العيش أي أن يتوفر ركن الاحتراف في ممارسة هذا النشاط لمصلحته الشخصية وليس لحساب غيره.
من زاوية أخرى يلاحظ الباحث تركيز المشرع الضريبي على مبدأ المنشأة الدائمة التي تمنح الحق للدولة بفرض ضريبة الدخل عليها انطلاقاً من سيادة الدولة على أراضيها إلا أن هذا المبدأ التقليدي في فرض ضرائب الدخل أصبح مهدداً بالانقراض نظراً لأن الشخص الطبيعي أصبح قادراً على ممارسة أو مزاولة نشاط معين من خلال شبكة الإنترنت (التجارة الإلكترونية) دون توفر أو وجود كيان مادي لمنشأته، ودون أن يكون وكيل شركة معينة أو ممثلها مقيم إقامة دائمة في بلد ما فمن خلال جهاز الحاسوب الشخصي المحمول يمكن لشخص ما أن يعقد الكثير من الصفقات وهو في طريقه من بلد لآخر خلال رحلة له في الطائرة أو الباخرة أو غيرها.
وهنا يثار التساؤل الآتي ما الدولة صاحبة الحق في فرض الضريبة على هذا النشاط؟. هل هي الدولة التي توجد فيها المنشأة صاحبة الخدمة أو منتجة السلعة؟ أم الدولة التي تستورد هذه السلعة؟ أم الدولة التي ينتمي لها الوكيل أو الممثل؟.
كما يرى بعضٌ أن حل هذا الإشكال يكمن في تبني مبدأ عالمية الإيراد أي التركيز في المعالجة الضريبية على جنسية المكلف أو إقامته بغض النظر عن مصدر الإيراد أو مكان تحققه بحيث تفرض الضريبة على السوري مثلا أو على كل شخص غير سوري مقيم إقامة دائمة في سوريا بغض النظر عن مصادر دخله وأماكن تحققها، ممّا قد يمهد الطريق برأي الباحث لحدوث الازدواج الضريبي الدولي الذي لا يمكن حله إلاّ بالاتفاقيات البينية بين الدول المختلفة، والذي من جهة أخرى يخلق صعوبات كبيرة في وجه تحرير التجارةالعالمية ونمو التجارة الإلكترونية التي تسعى مختلف الدول لاسيما المتقدمة منها إلى إزالة كل ما من شأنه عرقلتها وما يؤدي إلى انكماشها سعياً منها لتحقيق السوق العالمية أمام منشآتها الصناعية نظراً لما تتميز به من قدرات تنافسية كبيرة يصعب على معظم المنشآت الصناعية في الدول النامية تحقيق التميز لمنتجاتها أمامها، مما يعرضها برأي الباحث لخطر الزوال ويضيف مشكلة جديدة لمشاكل الاقتصاد الوطني فيها.
نتائج البحث:
تحول التجارة الإلكترونية الأسواق المحلية إلى أسواق عالمية، ممّا يزيد الضغط على المنتجين والمستهلكين بآن واحد، على المنتجين من خلال منافسة الشركات العالمية الأخرى والتركيز على الجودة للبقاء والاستمرار،
على المستهلكين من خلال إلغاء دور المستهلك العادي التقليدي وفتح المجال واسعاً أمامه لاختيار السلع من السوق العالمي عبر شبكة الإنترنت.
من جهة أخرى تخلق التجارة الإلكترونية منافسةً عالميةً في وجه مزاولي مهنة الاستشارات التي اعتادت أن تعمل دون منافسة خارجية (د. إبراهيم عبد الحفيظ ص 214).
لذلك تخلق التجارة الإلكترونية تحديات نوعية تحتاج إلى توحيد الجهود الدولية في مختلف الميادين لتقديم الحلول لها منها:
•تفرز التجارة الإلكترونية مشكلات جديدة تتعلق بتغيير المفاهيم التقليدية مثل الواقعة أو الحدث، الإقامة، المنشأة الدائمة، التقادم، تاريخ إبرام العقد، (فرق التوقيت بين اليابان وأمريكا). أو تتعلق بضرورة تطوير وتحديث القوانين التقليدية لمعالجة تلك المشاكل نظراً لقصور القواعد القانونية التقليدية عن ذلك فمثلاً:توقيع عقد في يوم 1/4 الساعة الثانية صباحاً بتوقيت أمريكا مع عميل ياباني يعني أن تاريخ العقد بالنسبة لليابان 2/4 وليس 1/4.
•ماجنسيّة المحكمة المختصة بفض النـزاعات بين أطراف التعامل التجاري الإلكتروني الواحد المتواجدين في أقاليم جغرافية مختلفة؟.
•مامشروعية التعامل بالتجارة الإلكترونية خاصة وأن بعض الأنشطة قد تكون مشروعة في دولة ومحرمة في دولة أخرى مثال (المراهنات والقمار مشروعة في ولاية نيفادا الأمريكية وغير مشروعة في ولايات أخرى)؟ (د. محمد شريف توفيق، د0 نعيم فهيم حنا – ص:44).
•كيف يمكن منع غسيل الأموال إذا سمح بتداول هذه الأموال عن طريق البطاقات الذكية Smart Cards؟. بهذا الصدد حددت اليابان سقف التداول بالبطاقات الذكية بـ 5000 دولار فقط.
•هل المستند الإلكتروني مقبول قانوناً، وماحال التوقيع الإلكتروني وهل المراجعةالإلكترونية للبيانات المالية ممكنة بالمراجعة التقليدية؟.
•ماالحكومة صاحبة الحق في فرض الضريبة على صفقات التجارة الإلكترونية التي تتم بين طرفين أو اكثر ينتمون لأكثر من دولة أو جنسية واحدة؟.
من جهة أخرى يمكن للباحث تحديد مشكلات وتحديات التجارة الإلكترونية للنظم الضريبيةبصورة خاصة كما يلي:
1 - إن جزءاً كبيراً من التجارة الإلكترونية يعتبر تجارة غير منظورة من الصعب حصرها وتحديدها.
2 - صعوبة إجراء الرقابة الخارجية على عمليات التجارة الإلكترونية.
3 - عدم توفر المستندات وأدلة الإثبات الكافية لحصر حجم التجارة الإلكترونية وعائداتها.
4 - التناقض بين تسهيل إجراءات التجارة الإلكترونية، والمساهمة في تنميتها وبين المعالجة الضريبية لها وخلق معوقات وعراقيل لنموها.
5 - عدم مواكبة التشريعات الضريبية المحلية على مستوى الدولة للنمو السريع فيالتجارة الإلكترونية بمختلف أشكالها.
6 - عدم وجود تنسيق قانوني دولي واتفاقيات مشتركة لتجنب الازدواج الضريبي الدولي وحماية حقوق الدول، ولا سيما النامية منها في الحصول على إيراداتها الضريبيةالصحيحة وغير المنقوصة من التجارة الإلكترونية، خاصة وأن التجارة الإلكترونية تتطلب بيئة قانونية معقدة تحتاج لدراسة واعية دقيقة.
7 – عدم التجانس بين مبادئ الضريبة التقليدية وإمكانية المعالجة الضريبية لأنماطالتجارة الإلكترونية.
التوصيات:
من خلال العرض السابق يوصي الباحث بما يلي:
1. ضرورة التنبه لإعادة النظر في النظام الضريبي السوري فيما يتعلق بضريبة الدخل، رسم الإنفاق الكمالي (ضريبة المبيعات) بما يلائم نظام التجارة الإلكترونية.
2. عدم التسرع في إخضاع التجارة الإلكترونية للضرائب المختلفة في ظل التوجه الدولي نحو تحرير تجارة السلع والخدمات.
3. ضرورة إعادة تأهيل البنى التحتية للدوائر المالية في سورية من حيث أتمتتها وربطها بشبكة الإنترنت تحسباً للازدواج الضريبي المحلي أو العالمي.
4. العمل على إعادة تأهيل الكادر بما يواكب ثورة المعلومات والاتصالات.
5. التوجه نحو ضريبة المبيعات على حساب الرسوم الجمركية نظراً لأن تحرير التجارةيقتضي تخفيف أو إلغاء القيود والرسوم الجمركية.
6. التوجه نحو ضريبة الإيراد العام على حساب الضرائب النوعية مع الدخول في الاتفاقيات الدولية لمنع الازدواج الضريبي الدولي والانتقال من مبدأ التبعية الاقتصادية للدخل (إقليمية الضريبة) إلى مبدأ التبعية السياسية (عالمية الإيراد).

المراجـع:
1 - د. إبراهيم عبد الحفيظ عبد الهادي، إطار مقترح للتعديلات الضريبية اللازمة للتحول إلى عالم التجارة الإلكترونية، دراسة نظرية ميدانية.
2 - رأفت رضوان، عالم التجارة الإلكترونية، المنظمة العربية للتنمية الإدارية – بحوث ودراسات، 1999.
3 - د. نعيم فهيم حنا، تقييم سياسة الحوافز الضريبية ودورها في جذب الاستثمارات الأجنبية – دراسة انتقادية مقارنة لتجربتي مصر وسوريا، 2003، جامعة الإسكندرية.
4 - د. محمد شريف توفيق، د. نعيم فهيم حنا، أساليب تنفيذ عمليات التجارة الإلكترونيةوالتحاسب الضريببي عنها، بحث منشور على الإنترنت.
5 - صحيفة الحياة اللندنية، العدد 13472 تاريخ 29/2/2000 على شبكة الإنترنت.
6 - د. عصام بشور، المالية العامة والتشريع الضريبي، جامعة دمشق، 1982.
7 - د. خالد الخطيب، د. إبراهيم العدي، المحاسبة الضريبية، جامعة دمشق.
8 - د. أحمد منير نجار، إشكالية البعد الضريبي في التجارة الإلكترونية، جامعة فيلادلفيا، 2002.
9 - السيد حازم رحاحلة، السيد حازم خصاونة، التجارة الإلكترونية وآثارها المتوقعة على الإيرادات الضريبية في الوطن العربي، جامعة فيلادلفيا، 2002.

* أستاذ مساعد في قسم المحاسبة- كلية الاقتصاد-جامعة تشرين-اللاذقية-سوريا.

* Associate Professor, Department of Accounting, Faculty of Economics, Tishreen University, Lattakia, Syria


fpe p,g jp]~dhj hgj[hvm hgYg;jv,kdm ggk/l hgqvdfdm hgj[hvm hgYg;jv,kdm hgqvdfdm fdj jp]~dhj