بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 18 ديسمبر 2013

ماهية العقد الإلكتروني وخصائصه

ماهية العقد الإلكتروني وخصائصه
      إن العقد الإلكتروني، في الواقع، لا يخرج في بنائه وتركيبة وأنواعه ومضمونه عن هذا السياق، ومن ثم فهو يخضع في تنظيمه للأحكام الواردة في النظرية العامة للعقد، وهو من العقود غير المسماة حيث لم يضع المشرع تنظيماً خاصاً له.

(أ) المقصود بالعقد الإلكتروني:

ولما كان العقد الإلكتروني من طائفة العقود عن بعد، فقد عرفت المادة الثانية من التوجيه الأوربي الصادر في 20 مايو 1997، والمتعلق بحماية المستهلك في العقود المبرمة عن بعد، المقصود بالتعاقد عن بعد بأنه" أي عقد متعلق بالسلع والخدمات يتم بين مورد ومستهلك من خلال الإطار التنظيمي الخاص بالبيع عن بعد أو تقديم الخدمات التي ينظمها المورد،والذي يتم باستخدام واحدة أو أكثر من وسائل الاتصال الإلكترونية،حتى إتمام التعاقد ".
ويذهب بعض الفقه إلى تعريف العقد الإلكتروني بأنه " اتفاق يتلاقى فيه الإيجاب بالقبول علي شبكة دولية مفتوحة للاتصال عن بعد وذلك بوسيلة مسموعة مرئية، وبفضل التفاعل بين الموجب والقابل "(1)،
وهذا التعريف – في رأينا – هو تعريف ناقص حيث أنه لم يبين النتيجة المترتبة على التقاء الإيجاب بالقبول، وهى إحداث أثر قانوني وإنشاء التزامات تعاقدية. 
ولما كان العقد الإلكتروني عبر شبكة الإنترنت يتميز بأنه يتم، في الغالب، على المستوي الدولي، فقد ذهب البعض إلى تعريف عقد التجارة الإلكتروني الدولي بأنه " هو العقد الذي تتلاقى فيه عروض السلع والخدمات بقبول من أشخاص في دول أخرى وذلك من خلال الوسائط التكنولوجية المتعددة، ومنها شبكة المعلومات الدولية الإنترنت، بهدف إتمام العقد ".(2) 
ومما سبق فقد عرف البعض العقد الإلكتروني بأنه " العقد الذي يتلاقي فيه الإيجاب بالقبول عبر شبكة اتصالات دولية باستخدام التبادل الإلكتروني للبيانات، وبقصد إنشاء التزامات تعاقدية ". فالعقد الإلكتروني إذن، هو التقاء إيجاب صادر من الموجب بشأن عرض مطروح بطريقة إلكترونية، سمعية أو مرئية أو كليهما على شبكة للاتصالات والمعلومات، بقبول مطابقله صادر من الطرف القابل بذات الطرق بهدف تحقيق عملية أو صفقة معينة يرغب الطرفان في إنجازها.(3)
      وتشتمل عملية التعاقد الإلكتروني، بخلاف الإيجاب والقبول الإلكتروني، على العديد من المعاملات الإلكترونية، مثل العروض والإعلان عن السلع والخدمات، وطلبات الشراء الإلكترونية، والفواتير الإلكترونية، وأوامر الدفع الإلكترونية.

(ب) خصائص العقد الإلكتروني:(1)

    يتضح مما سبق أن العقد الإلكتروني يتميز بعدة سمات تميزه عن العقود التقليدية وتتمثل فيما يلي:
     1- يتم إبرام العقد الإلكتروني بدون التواجد المادي لأطرافه، فالسمة الأساسية للتعاقد الإلكتروني أنه يتم بين عاقدين لا يجمعهما مجلس عقد حقيقي حيث يتم التعاقد عن بعد بوسائل اتصال تكنولوجية، ولذلك فهو ينتمي إلى طائفة العقود عن بعد، حيث يتم تبادل الإيجاب والقبول الإلكتروني عبر الإنترنت فيجمعهم بذلك مجلس عقد حكمي افتراضي، ولذلك فهو عقد فوري متعاصر، وقد يكون العقد الإلكتروني غير متعاصر أي أن الإيجاب غير معاصر للقبول، وهذا التعاصر هو نتيجة صفة التفاعلية فيما بين أطراف العقد.
      2- يتم استخدام الوسائط الإلكترونية في إبرام التعاقد، ويعد ذلك من أهم مظاهر الخصوصية في العقد الإلكتروني، بل إنها أساس هذا العقد حيث يتم إبرامه عبر شبكة اتصالات إلكترونية، فالعقد الإلكتروني لا يختلف من حيث الموضوع أو الأطراف عن سائر العقود التقليدية ولكنه يختلف فقط من حيث طريقة إبرامه وكونه يتم باستخدام وسائط إلكترونية وتلك الوسائط هي التي دفعت إلى اختفاء الكتابة التقليدية التي تقوم على الدعائم الورقية لتحل محلها الكتابة الإلكترونية التي تقوم على دعائم إلكترونية.
      3- يتصف العقد الإلكتروني غالباً بالطابع التجاري والاستهلاكي، لذلك يطلق عليه عقد التجارة الإلكترونية، وقد جاءت تلك الصفة من السمة الغالبة لذلك العقد حيث أن عقود البيع الإلكترونية تستحوذ على الجانب الأعظم من مجمل العقود.
ويترتب على ذلك أن العقد الإلكتروني يتسم بطابع الاستهلاك لأنه غالباً ما يتم بين تاجر أو مهني ومستهلك، ومن ثم فإنه يعتبر من قبيل عقود الاستهلاك ولذلك يخضع العقد الإلكتروني، عادة، للقواعد الخاصة بحماية المستهلك.
      4- من حيث الوفاء، فقد حلت وسائل الدفع الإلكترونية، في التعاقد الإلكتروني  محل النقود العادية، ذلك أنه مع تطور التكنولوجيا وازدياد التعامل بأسلوب التجارة الإلكترونية ظهرت تلك الوسائل كأسلوب مبتكر لسداد المدفوعات في مثل هذه المعاملات.(1)    
      وتتضمن وسائل الدفع الإلكترونية المستخدمة في التجارة الإلكترونية عدة وسائل منها البطاقات البنكية، والأوراق التجارية الإلكترونية، والنقود الإلكترونية، والتي تتمثل في نوعين هما، النقود الرقمية،والمحفظة الإلكترونية .
      5- من حيث الإثبات، فالدعامة الورقية هي التي تجسد الوجود المادي للعقد التقليدي، ولا تعد الكتابة دليلاً كاملاً للإثبات، إلا إذا كانت موقعة بالتوقيع اليدوي، أما العقد الإلكتروني فيتم إثباته عبر المستند الإلكتروني والتوقيع الإلكتروني، فالمستند الإلكتروني يتبلور فيه حقوق طرفي التعاقد، فهو المرجع للوقوف على ما أتفق عليه الطرفان وتحديد التزاماتهما القانونية، والتوقيع الإلكتروني هو الذي يضفي حجية على هذا المستند.


(1) – د. أسامة أبو الحسن مجاهد، خصوصية التعاقد عبر الإنترنت، دار النهضة العربية، 2000، ص39.
(2) – د. أحمد عبد الكريم سلامة، القانون الدولي الخاص النوعي، دار النهضة العربية، 2002،ص68.
(3) – د. خالد ممدوح إبراهيم، إبرام العقد الإلكتروني، دار الفكر الجامعي، 2005، ص51.
(1) – راجع في شرح واف لخصائص العقد الإلكتروني،  د. خالد ممدوح إبراهيم، المرجع السابق، ص53 وما بعدها.
(1) - د. خالد ممدوح إبراهيم، المرجع السابق، ص57.


ليست هناك تعليقات: